سياسة

إيماني بالدستور هو السبيل الوحيد لدولة مدنية 

مارس 17, 2025

إيماني بالدستور هو السبيل الوحيد لدولة مدنية 

على الرغم من إصرار البعض كل على هواه أن يصنفني، إما ضمن تيار ضيق يراه صوابا أو تيار ضيق يراه خطأَ. الحقيقة أنني ضمن تيار واسع جدا ولا أحب تصنيفي إلا ضمن هذا التيار؛ أنا اخترت ”طريق الشعب“ سبيلا وهدفا. أثناء حملتي الرئاسية التي لم تكتمل في هذه الجولة قلت لزملائي أثناء التأسيس لها إن ٥٩٨ نائبا في البرلمان إذا حرروا لنا نماذج التأييد، فلن نترشح إلا بتوكيلات شعبية. لم يضن المصريين أو يؤخرهم عن التوكيلات الشعبية في الأشهر العقارية إلا منع الأمن. من لا يؤمن بالدستور والقانون هو ذلك المنتفع من تصفية العملية الديمقراطية برمتها وخنق أي بادرة للأمل في تغيير سلمي ديمقراطي يأتي ببرنامج جديد ورؤي جديدة تحول الكوارث التي نجحت هذه السلطة في توريط الشعب المصري فيها إلى حلول.


مشروعنا كان برنامجا انتخابيا إجرائيا لا استثنائيا، عابر للأيديولوجيات وفوق التجاذبات أو الاستقطابات. بشكل قاطع نعمل بمبدأ احترام الدستور والقانون دون إقصاء أحد أو اصطفاء آخر. إذا لم أحتكم للدستور في كل موقف سياسي كما تحاول السلطة تصويري أو نسبي لتيارات بعينها بينها تيار الإسلام السياسي؛ الدستور يقول لا عقوبة إلا بنص، بعد محاكمة تتوفر فيها معايير وضمانات النزاهة“. وأنا شخص قدمت نفسي ساعيا لأكون رئيسا لهذه الدولة، لا يمكن أن أحمل هذه الأمانة إلا بالقسم على احترام الدستور والقانون.


لن يحدث هذا إلا بتحرير وإعادة الاستقلال للمحكمة الدستورية. مصر تحتاج إلى جانب الإصلاحات الاقتصادية الفورية إلى أجندة تشريعية فورية، تضم ضمانة لاستقلال كامل للمحكمة الدستورية لتحكم أحكاما باتة لا لبس فيها. إذا حكمت بحل حزب مستقبل وطن، فهذا شأنها، إذا حكمت بحل حزب لأي ممارسة، كونه حزبا دينيا أو يمارس عنفا ينفذ ذلك بلا تبرم.

ما أطرحه الآن هو مبدأ لا يمكن لدولة مؤسسات أن تتفاداه من حيث المبدأ. الفصل بين السلطات واستقلالية مؤسسات الدولة والفصل بينها أمور لا يمكن لأي رئيس أن يتلاعب بهما أو حتى يتجرأ عليهما. لا إفراط ولا تفريط في هذه المباديء. لابد أن ننتهي من عهد الفردية في اتخاذ القرار إلى المؤسسية، حتى في الرئاسة. لابد من وجود مؤسسة للرئاسة، على رأسها رئيس مدني ديمقراطي منتخب، ونائب أو أكثر للرئيس. تشمل المجموعة الرئاسية ولا بد من ذلك مساعدين للملفات الرئيسية ليكونوا عامل الربط الدائم بين الرئيس والمجموعات الوزارية، بفرض مساعد للمجموعة الاقتصادي، ومساعد للمجموعة الخدمية، وهيئة استشارية ولابد أن تكون مؤسسة الرئاسة من الشعب ومتنوعة عاكسة لتعدد الشعب المصري في ثقافته وتعدد ميراثه الحضاري.


في أي انتخابات رئاسية قادمة، أؤمن أن تغيير السلطة الحالية في الانتخابات مكسب في حد ذاته بالنظر لأداء هذه السلطة، وأدائها المعلن، لا حل منظور مع سلطة تتفاخر بإنجازات وهمية وحلول لا دراسة جدوى لها والدولة غارقة في أزمات تتفاقم اقتصاديا وماليا سياسيا واجتماعيا وصحيا. الدولة بحاجة إلى وقفة جادة وسلمية للفظ هذه السلطة والاعتراف بأنها لا تصلح. المراجعات السياسية مراجعات لابد أن تبنى بعد رحيل هذه السلطة لا أثناء وجودها. إن كانت أي نية قد عقدت على حكم مصر والنية لإصلاح كانت ١٠ سنوات كافية وأكثر لذلك. ربع الأموال الدين الخارجي والداخلي الذي يرزح المصريون تحت الآن وهي مستمرة في الزيادة، ربعها فقط كان يكفي لتنطلق مصر في الطريق الصحيح، في العشر سنوات الفائتة، أي سلطة أخرى كانت عاملة بضمير على إصلاح مشاكل مصر بالتأكد لم الموقف اليوم كما هو عليه. السلطة تتسلم واقعا عليها أن تعمل على حله لا أن تحيله لكارثة.


كارثة أخرى أفقرت المصريين وأفقرت الطبقات المعوزة التعويم المدار للجنيه المصري. التعويم كان مرة واحدة، معناها إنه أصبح سعرا حرا، للعرض والطلب. ما يحدث أنك بالتعويم يظهر لديك فارقا يترتب عليه السعران، فتخفض قيمة العملة، وطبعا لأنك لا تحل لا تحل المشاكل الأساسية تتفاقم هذه المشكلة! إصلاح التشوهات التي أدخلت على الدستور ٢٠١٩ من بين الأسباب التي أرى فيها أن احترام الدستور أمر واجب. العوار الذي نسبته هذه التعديلات لتعزز صلاحيات الرئيس بدءًا من تمديد فترات حكمه ونفاذ يده وغل يد الرئاسة على مؤسسات مستقلة بالقانون والدستور. مهمة أي رئيس وكنت أنتوي ذلك فورا مشروع إصلاح دستوري، بالإضافة إلى أول مشروع بعزل ومحاكمة رئيس الجمهورية تقنينا للمادتين ١٥٩ و١٦١ من الدستور.


أخيرا حق الشعب المصري في التعليم والتعبير والمعرفة وفي صحافة وإعلام حر ومستقل، لن يكون نصا جامدا في نص الدستور، إنما مطبق في الواقع في تصحيح دستوري. على أساسها نجري بشأنها التعديلات التشريعية الضامنة لاستقلال الجهات والهيئات القضائية. هذه ضمانة أساسية للمواطن إنه إذا استخدم حقه في التقاضي ينتظر من ذلك عدالة ناجزة.

شارك

مقالات ذات صلة