سياسة

مصر الأقيم من حاكميها!

مارس 10, 2025

مصر الأقيم من حاكميها!

من يعتقد أن الخصومة والعداء بين أي مواطن في موقع وثقل المسؤولية مع أي مسؤول أو موظف في مصر، بالتأكيد يحتاج لمراجعة موقفه وتدقيقه. يعز علينا جدا أن نضطر وقد اضطررنا لمساءلة مباديء أبسطها الشرف في الدفاع عن أغلى وأخطر ثوابتنا، عن عمقنا الاستراتيجي والمائي، عن نهر النيل، عن سيناء، عن دورنا المهيب والهائل في ضبط وسلام عالمنا العربية. كيف لحاكم في مصر وعليها ألا يعرفها ويصون مقامها؟ كيف.


بعد حوالي ستة أشهر من الإبادة والإفلات بالتهجير والقتل على الهوية والجريمة التي ترتكب كل يوم، كل يوم يعطينا الشعب الفلسطيني دروسا في في النضال والنخوة والبسالة. هو الشعب ذاته الذي لم ولن يكون أبدا عالة، تقرر له أي قيادة أين ومتى يكون.

حتى هذه اللحظة، ما يخرج عن الموقف الرسمي المصري هو بيانات، نحن أكثر من يدعمها فقط إذا صاحبتها نية حقيقية وسلوك حقيقي يؤكد لنا أن ما نقدناه واستبدلنا فيه تبدليه بالفعل تغير.

السلطة في مصر كان عليها أداء واجبها الحتمي، ليس مستحيلًا أن تمارس مصر السيادة الكاملة على معبر رفح البري وإدخال كافة ما يلزم الشعب الفلسطيني للصمود في مواجهة العدوان. إن أخلت فهي متواطئة في الإبادة. لا يمكن تطويع أو تفريغ لهذه الكلمة. المتواطىء في الجريمة مجرم.

الأمم المتحدة لم تنتظر عاما ولا اثنين، بالرغم من كل تعقيدات قراراتها وأزماتها وتوازناتها الدقيقة، وصفت بعد حرب الإبادة بشهرين اثنين ما يحدث في غزة بأنه إبادة جماعية، والقانون الدولي الإنساني يفرض على الجار، في حالة الإبادة الجماعية التزامات لم تقم بها السلطة، هذا لو تعاملنا مع الفلسطينيين المقيمين في قطاع غزة على أنهم مجرد جار.


الشعارات التي حتى الآن أراها واهنة وعلى استحياء تضر مصر أكثر ما تضر فلسطين. لن أكرر ما كتبت عنه في السابق فيما يخص رفح ومحور صلاح الدين. فسأبدأ من موقع رد الفعل وهذا من المبتدأ عكس ما كان. إذا تصورت السطلة في مصر أن إسرائيل ستبلغ بها الحماقة وتقصف شاحنات ترافقها شخصيات عامة مصرية ودولية، ويقودها سائقون مصريون ويرافقها مواطنون مصريون وفي حضور الأمم المتحدة، ونحن نرى موقف الأمم المتحدة وموظفوها، فهي واهمة، ونحن منذ اللحظة الأولى، عرضنا أن نرافق الشاحنات مرات عديدة، ونحن طلبنا منهم أن نرافق الشاحنات على مسؤوليتنا الشخصية.


لا يمكن للسلطة أن تهندس الأمر أو تصطنعه. ولديها تجربة واضحة في ذلك عندما حاولت استعراض قوتها في الأسبوع الأول من العدوان، وسمحت بالتظاهر دعما لفلسطين قبل أن يقرر منعها، لأن الناس لديها وعي كبير، في أنها لم تخرج للشارع لتحسين شروط مفاوضات في غرف مغلقة غير معلنة ما ظهر منها حتى الآن يدعو للخوف على مصير هذا الوطن، وحتى الآن لا يعرف أحد كثيرا من المعلومات الأساسية الواجب أن تكون معلنة لجهات مثل البرلمان والصحافة والأجهزة الرقابية، لذا يكون القلق مشروعا، خاصة أن سوابق هذه السلطة في إدارة الملفات لا تدعو للاطمئنان، ولدينا ملف معلق منذ عشر سنوات وهو سد النهضة الأثيوبي، وكنا نسمع فيه حديث عنتري للمسؤولين، بينما يكون الفعل يمثل إهدارا كاملا لحقوق ينص عليها القانون الدولي وحفظها التاريخ وقامت بحمايتها كل سلطة تناوبت على حكم هذا البلد، فماذا يجعلنا نستبعد مخاوفنا في ظل التصريحات التي نسمعها على لسان رئيس البلاد، إذا أُرسلت شاحنات باسم الشعب المصري وهو حبيس بيته مكبوت الإرادة معصوم اليدين أو ملقى به في السجون بقضية رأي أو بخصومة دفاعا عن مصر أو عن فلسطين تسقط خطة السلطة فورا.


السلطة تخاف بشدة من الناس ومن أي شيء يمكن أن يشارك فيه الناس. أحب ألا نزايد على الطرف المقاوم الذي يدفع ضريبة الدم في فلسطين، ولا نتعامل مع الصراع على أنه سينتهي في هذه الجولة أو في سنوات قريبة، موقفي كمواطن وإنسان، هو حل الدولة الواحدة الوطنية التي تتميز بحقوق متساوية بين المواطنين، ومن المنطقي أن يكون فيها الحكم بحسب الأغلبية العددية لأصحاب الأرض الأصليين، وهذا ما حدث في جنوب أفريقيا. وعندما تكون مسؤولا في موقع رئاسة الدولة المصرية، فأنت لن تتحلل من الاتفاقيات الموقعة مثل «كامب ديفيد» لكن هناك فرقا ومسافة كبيرة، إنك تكون متطوعا لتقديم أكثر من المطلوب، وهذا ما نشاهده من هذه السلطة منذ بداية الحديث عن السلام الدافئ، وبين أن تتعامل بشكل رسمي تماما وترد على أي انتهاك من قبل الطرف الآخر، وهذه الجولة من الحرب على الشعب الفلسطيني البطل شهدت وتشهد انتهاكات لمعاهدة كامب ديفيد من الطرف الإسرائيلي، يبقى عليك أن تمارس سيادتك الكاملة، والطرف الآخر يكون فاهم أنك الدولة الأكبر والأهم في الإقليم، وإنك لست مضطرا للتجاوز عن الأخطاء.

كتبنا بيانا شافيا بعد عشرة أيام من بداية الحرب على غزة، لا يمكن لأي سلطة أن تصون مصر بمقامها العربي وسيادتها على أراضيها إلا بقراءته وفهمه:


إن تمادي الاحتلال الصهيوني في جرائمه البشعة والمتكررة لم يكن ممكنًا إلا في ظل الانحياز الدولي الأعمى، وقبل ذلك وأهم هواننا على أنفسنا وعلى العالم.


المطلوب الآن و “فورًا”:

  • ١- ممارسة السيادة الكاملة على معبر رفح وفتحه بشكل دائم لإدخال المساعدات وكل الاحتياجات الضرورية لسكان قطاع غزة، والتصدي الحاسم للاعتداءات الإسرائيلية عليه.
  • ٢- دعم الشعب الفلسطيني البطل ومقاومته الباسلة بـ (كل ما يلزم) لصد العدوان وتعزيز الصمود والدفاع عن الأرض والحفاظ على الأرواح.٣
  • ٣- الرفض التام والكامل والنهائي، والمعلن بكل قطع وحزم، لأي حديث من أي جهة عن تهجير الفلسطينيين بقطاع غرة إلى أي مكان خارج أرضهم التي يقاتلون عليها بكل شرف واستبسال.
  • ٤- السماح للشعب المصري بالتعبير عن كل صور التضامن والدعم الواجب للشعب الفلسطيني الشقيق والجار وصاحب الحق القانوني والإنساني في الدفاع عن وطنه.
  • ٥- طرد السفير الإسرائيلي واستدعاء السفير المصري من هناك، والدعوة لاجتماع طارئ وفوري لجامعة الدول العربية على مستوى القمة.
  • كتب المقال في مايو ٢٠٢٤
شارك

مقالات ذات صلة