مدونات

الصين والذكاء الاصطناعي.. هل يتحقق الحلم الصيني؟

فبراير 18, 2025

الصين والذكاء الاصطناعي.. هل يتحقق الحلم الصيني؟

للكاتبة: إيمان واهروش


في الآونة الأخيرة، أثار “ديب سيك، تطبيق ذكاء اصطناعي صيني، جدلًا واسعًا وتصدر عناوين الأخبار، بعدما أحدث زلزالًا في سوق البورصة الأمريكية وأدى إلى خسائر ضخمة لعمالقة التكنولوجيا مثل “نفيديا و**”أوبن إيه آي”**، متسببًا في أكبر انخفاض يومي للأسواق المالية الأمريكية. كل هذا بتكلفة لم تتجاوز 6 ملايين دولار، وفقًا لتحليل نشرته وكالة بلومبرغ.

حدث كل هذا في مشهد سريالي ترك العالم في دهشة، متسائلًا: كيف لتطبيق واحد أن يغيّر كل الموازين؟ لكن في الواقع، ما تطمح إليه الصين قد يكون أبعد من ذلك. فهي تخطو بخطوات صغيرة، لكنها ذكية في الآن ذاته، وكل خطوة تخطوها تجعلها أقرب إلى الهيمنة الكاملة.

 

ديب سيك”.. قصة نجاح أم بداية عصر جديد؟

طرح نجاح هذا التطبيق الصيني تساؤلات حول مستقبل الهيمنة الأمريكية على قطاع الذكاء الاصطناعي. فبينما تنفق الشركات العملاقة مليارات الدولارات على تطوير التطبيقات، تصنع الصين تطبيقات مماثلة في السرعة والدقة، ولكن بتكلفة أقل بكثير.

وفقًا لتقرير صادر عن مركز أبحاث الذكاء الاصطناعي العالمي، فإن الاستثمارات الصينية في الذكاء الاصطناعي تجاوزت 50 مليار دولار أمريكي عام 2023، ومن المتوقع أن تصل إلى 120 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2027. كما أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ أن تطوير الذكاء الاصطناعي يعد أولوية وطنية، مما يعزز من فرص الصين في المنافسة عالميًا.

وعلى الرغم من محاولات الولايات المتحدة فرض قيود صارمة على تصدير الشرائح الإلكترونية المتقدمة إلى الصين، فإن “ديب سيك” أثبت أن الصين لا ترضخ أبدًا للتهديدات الأمريكية، وأنها قادرة على منافسة أمريكا بأبسط التكاليف.

ويرى ديلان باتل، المحلل في “سيمي أناليسيس، أن “ما يحدث حاليًا ليس مجرد تراجع في أسهم شركة ما، بل هو إعادة تشكيل لصناعة الذكاء الاصطناعي بأكملها، حيث يمكن أن تصبح الشركات الصينية اللاعب الرئيسي في هذا المجال خلال السنوات المقبلة”.

 

ديب سيك” والحرب التجارية

تطبيق “ديب سيك ومجال الذكاء الاصطناعي ما هو إلا وجه من أوجه المنافسة والحرب التجارية الباردة بين الصين والولايات المتحدة. فالبلدان يتنافسان في التجارة والصناعات الثقيلة، كما أن الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب على الصين وصلت إلى 10٪، فردت بكين بفرض رسوم أخرى على المنتجات الأمريكية.

والمعركة لن تنتهي هنا، إذ أمرت إدارة ترمب بمراجعة دقيقة للممارسات التجارية الصينية، يُفترض أن تصدر نتيجتها في الأول من نيسان/أبريل. ومن المتوقع أن يؤكد التقرير حجم الفائض التجاري الصيني الهائل خلال السنوات الأخيرة، وهو أحد العناوين البارزة في معركة ترمب مع الصين.

 

هل ستحكم الصين العالم؟

“حينما تحكم الصين العالم هو عنوان كتاب صدر عام 2009 للكاتب الأمريكي مارتن جاك، تنبأ فيه الكاتب بتحوّل الصين إلى القوة الاقتصادية الأولى عالميًا بحلول عام 2050، بناءً على دراسات وإحصائيات دقيقة. وأضاف مارتن:

“الصين عام 2050 سوف تكون القوة الأكبر اقتصاديًا في العالم، يليها الولايات المتحدة ثم الهند.”

طرحت هذا السؤال على تشات جي بي تي وديب سيك، وجاءت إجاباتهما متشابهة تقريبًا.

  • تشات جي بي تي أجاب:
    يمكن للصين أن تصبح القوة العظمى الأولى، لكن “حكم العالم” بمفهوم السيطرة المطلقة يبدو مستبعدًا في ظل التوازنات الدولية.”
  • ديب سيك أجاب:
    باختصار، الصين قد تصبح واحدة من أكثر الدول نفوذًا في العالم، لكن فكرة “حكم العالم” من قبل أي دولة واحدة تبدو غير مرجحة في عالم متعدد الأقطاب.”

ويبقى السؤال مطروحًا: هل نحن على مشارف نظام عالمي جديد تقوده الصين؟ أم أن الهيمنة الأمريكية ما زالت قادرة على الصمود أمام التنين الصيني؟

شارك

مقالات ذات صلة