مدونات

عندما يكون التوثيق شهادة حيّة على مرحلة من مراحل المقاومة الفلسطينية

يناير 25, 2025

عندما يكون التوثيق شهادة حيّة على مرحلة من مراحل المقاومة الفلسطينية

بقلم: ظاهر صالح


عرضت قناة الجزيرة تحقيقًا استقصائيًا مميزًا ضمن برنامجها “ما خفي أعظم” بعنوان الطوفان، حيث وثق هذا التحقيق الهجوم العسكري الكبير الذي نفذته كتائب الشهيد عز الدين القسام في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي شكّل نقلة نوعية في تاريخ المقاومة الفلسطينية، إذ أعاد صياغة معادلة الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي بإبداع ودقة متناهية.


استعرض التحقيق مشاهد ووثائق حصرية كشفت مراحل التخطيط الدقيق لعملية “طوفان الأقصى” منذ انعقاد القيادة العسكرية حتى لحظة التنفيذ. من أبرز اللقطات التي عرضها التحقيق كانت ظهور القائد العام لكتائب القسام، محمد الضيف، وهو يضع اللمسات الأخيرة على خطة الهجوم داخل غرفة العمليات، مؤكدًا لقادته:


علينا أن نغير مجرى التاريخ، ليكون لنا السبق في هذه المرحلة ونحقق يومًا من أيام الله تُرفع فيه الرايات.”


كما أظهر التحقيق وثائق سرية، منها أمر العمليات الموقع من محمد الضيف بتاريخ 5 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي حدد موعد الهجوم بدقة عند الساعة 6:30 صباحًا يوم 7 أكتوبر. كما تضمنت الوثائق توجيهات دقيقة للهجوم على قواعد عسكرية إسرائيلية بارزة مثل “ناحل عوز” و”يفتاح” و”كيسوفيم”.


في ساعات الفجر الأولى من يوم الهجوم، تمكن آلاف المقاتلين من اختراق السياج الفاصل بين غزة والأراضي المحتلة، وشنوا هجمات متزامنة برية وبحرية وجوية على أهداف عسكرية ومدنية. وثق التحقيق مشاهد حصرية لقوات القسام وهي تقتحم القواعد العسكرية الإسرائيلية وتستولي على دبابات وآليات عسكرية، إضافة إلى لقطات تُظهر تفجير العبوات الناسفة التي استهدفت آليات الاحتلال.


أشار أحد المقاتلين الذين شاركوا في اقتحام كيبوتس “بئيري” إلى أن:

المقاتلين حافظوا على حياة المدنيين ولم يقاتلوا إلا من اشتبك معهم.”


وقد كان نجاح العملية بمثابة صدمة للاحتلال الإسرائيلي، حيث أسفرت عن مقتل المئات من الجنود والضباط وأسر نحو 250 شخصًا، بحسب ما وثقه البرنامج.


من بين الشخصيات البارزة التي سلط الضوء عليها التحقيق كان رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار، الذي ظهر في مشاهد حصرية وهو يقود عمليات عسكرية ضد القوات الإسرائيلية في رفح جنوب غزة. كذلك، شمل التحقيق شهادة عز الدين الحداد، قائد لواء غزة في كتائب القسام، الذي أكد أن:


المقاومة لن تتراجع عن حقوقها، بما فيها الإفراج عن الأسرى وإعادة الإعمار.”

 

كشف التحقيق أن عملية “طوفان الأقصى” كانت نتاج عملية خداع استراتيجي معقدة، حيث أوهمت المقاومة الاحتلال بأنها لن ترد على تصعيداته المتكررة في الضفة الغربية وغزة. أكد عز الدين الحداد أن القسام رصدت إشارات تفيد بأن الاحتلال كان يخطط لحرب واسعة النطاق على غزة، مما دفع المقاومة إلى المبادرة بتنفيذ عملية استباقية مذهلة.

الخبير العسكري الإسرائيلي ألون أفيتار وصف العملية بقوله:


حماس فاجأتنا بقدراتها العسكرية وتصميمها على القتال حتى النهاية.”

 

التحقيق التوثيقي “الطوفان” لم يكن مجرد كشف للمستور أو توثيق للأحداث، بل جاء كوثيقة حية على مرحلة مفصلية من مراحل المقاومة الفلسطينية. إنه شهادة للتاريخ تؤكد أن خيار المقاومة والصمود هو السبيل الوحيد أمام الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال، وأن هذا الخيار قد تجاوز ردود الأفعال التقليدية إلى مرحلة المبادرة والمباغتة في المعركة.

 

شارك

مقالات ذات صلة