مدونات
الكاتب: عادل العوفي
مشهد واحد خطف الانظار واحدث صخبا عارما على مواقع التواصل الاجتماعي وحتى وسائل الاعلام التقليدية التي انشغلت برفض احمد الشرع مصافحة وزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك في زيارتها “المستفزة ” لسوريا برفقة وزير خارجية فرنسا ؛ الاثنين القادمين وهما مثقلان بزاد استعماري مخزي والدليل الكم الهائل والقياسي من “الهفوات ” اولها اللباس الخارج عن اعراف الديبلوماسية من لدن الوزيرة الالمانية وايضا التصريحات التي تنضح فوقية وتعال من الاثنين وكأنهما في زيارة تفقد لمستعمرة وشعب متخلف من الدرجة العاشرة .
كل هذا لا اختلاف ولا جدال عليه ؛ لكن المثير للحنق ان “الحمية العربية ” لم تجرح ولم تخدش قط ونفس الوزيرة لديها سجل حافل متشح بالعار من التصريحات البغيضة العنصرية تجاه غزة واهلها المرابطين الصامدين ؛ فالست “أنالينا ” برعت في الذود عن الكيان الصهيوني بسلسلة تعليقات لا تقل بشاعة عما يصدر من مجرمي الاحتلال بقيادة “بن غفير ” و “سموتيرتش ” وخلفهما السفاح نتنياهو ؛ بل قامت بزيارة الاراضي المحتلة بعد عملية “طوفان الاقصى ” مباشرة بأسبوع كي تنقل دعمها ومؤازرتها للكيان الغاصب ونستحضر بعض تصريحاتها على سبيل المثال حين قالت “أمن إسرائيل جزء أساسي من وجود ألمانيا الحالية، وحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها هو مسؤوليتنا أيضا، والدفاع عن النفس لا يعني مهاجمة الإرهابيين فحسب، بل تدميرهم ” ؛ واضافت ” عندما يختبئ ارهابيو حماس خلف الناس وخلف المدارس، سنجد أنفسنا في مناطق معقدة للغاية، لكن هذا لا يعني أن نتفاداها ” ؛ واكملت كلامها ان ” أن المرافق المدنية الفلسطينية من مدارس ومستشفيات ومنازل ليست بحاجة للحماية، لان الإرهابيين ينتهكونها ” .
السؤال المطروح هنا وبقوة : أين كان الاعلام العربي من كل هذه الاهانات ؟ ولماذا غيبت ولم تحظى بالقدر الكافي من الاهتمام كما حدث مع لقطة “المصافحة ” ؟ الجواب باختصار سيقودنا للنقطة اياها اي ان السر يكمن في “الترند ” والهوس به الذي ادخل مؤسسات اعلامية كبرى للمستنقع وفرض عليها الغوص فيه ؛ قطعا زيارة الوزيرة الالمانية لسوريا تثير الاشمئزاز وتصريحاتها المسيئة الوقحة مرفوضة وسوريا الجديدة لا يمكن ان تقبل املاءات الاخرين ؛ لكن لابد من ترتيب الاولويات و المبادئ لا تتجزأ وهذه السيدة معروفة بعدائها لكل ما هو عربي ومسلم وهي تعمدت الاستفزاز في كل تصرفاتها انطلاقا من طريقة لباسها ثم شروطها المسبقة في دعم سوريا وكأن السوريين “يتسولون ” منها ؛ مع العلم انها وحكومتها في موقف عجز اقتصادي لا يخفى على احد ولقب “رجل اوروبا المريض ” عاد ليقض مضجع الالمان في كبريات وسائل الاعلام الاوروبية ؛ فعلى ماذا كل هذه العنجهية يا سيدة “أنالينا ” ؟ وكي لا نتحدث من فراغ فقد سعينا للنبش في مسيرة هذه السيدة العلمية ووجدناها “حافلة ” بالمطبات والشبهات ” فهي انهت دراستها الثانوية سنة 2000 والتحقت بجامعة هامبورغ لدراسة بكالوريوس العلوم السياسية ؛ وفي سنة 2005 حازت على شهادة الماجستير في القانون الدولي من جامعة لندن ؛ وتناولت في بحثها مستقبل ألمانيا والتغيرات السياسية والاقتصادية المرتقبة وهنا المفاجأة حيث اتهمت بالسرقة الادبية في اطروحتها بسبب احتوائها على نصوص واقتباسات من مصادر لم يتم الاشارة اليها وبعد ثلاث سنوات من ذلك التحقت بجامعة برلين الحرة لدراسة الدكتوراه لكنها لم تكملها لحدود اللحظة .
والملفت ايضا ان أنالينا بيربوك ترعرعت وسط اسرة نشطة سياسيا وتعارض زيارة النفوذ العسكري بل وكانت ترافق والدها المهندس الميكانيكي الى مظاهرات مناهضة لاستخدام الاسلحة النووية ؛ وها هي اليوم تصطف في خندق كيان اجرامي يستخدم كل انواع الاسلحة المحرمة في التنكيل بالمدنيين العزل في قطاع غزة الابي ؛ ويبدو ان عالم السياسة الذي دخلته سنة 2005 عبر بوابة حزب الخضر اغراها وغير الكثر من قناعاتها ؛ولم تحتفظ من صباها سوى بعشق رياضة القفز على الترامبولين التي كانت تجيدها واحرزت فيها ثلاث ميداليات برونزية في بطولات محلية مختلفة لذلك انتقلت من القفز على الحلبة للقفز في دهاليز صناعة القرار وتسلقت المراتب سريعا لتعين سنة 2021 في منصب وزيرة الخارجية حتى هذه اللحظة .
في خضم الجدل الدائر حولها عربيا تمنيت قراءة تقارير متماسكة وذات جدوى عن هذه المسؤولة الالمانية ؛ لكن المحزن ان مواقع التواصل الاجتماعي هي من اضحت تقودنا حيث تشاء والاغلبية مجبرة على الانخراط في اللعبة وقبول قواعدها الجديدة ؛وعكس ذلك كان من الضروري الا نختصر هذه السيدة في واقعة “المصافحة ” فقط ونتجاوز سقطاتها الشنيعة حول غزة العزة ؛ فالدم العربي واحد من المحيط الى الخليج.