آراء

على هامش الكريسماس: هل فهمنا التعايش؟

ديسمبر 26, 2024

على هامش الكريسماس: هل فهمنا التعايش؟

جدل سنوي

 

بحكم الدراسة في جامعات مختلفة، والعمل في أكثر من جهة، بالإضافة إلى بعض العلاقات التي اكتسبتها من مواقع التواصل، أصبح لدي عدد لا بأس به من الأصدقاء المسيحيين حول العالم. بعضهم عربي، والبعض الآخر من الولايات المتحدة الأمريكية. وفي كل سنة، بتاريخ ٢٥ ديسمبر، يحتفلون بمناسبة الكريسماس، ولا أرسل لهم التهنئة!


أغلبهم يقدّر ذلك، خصوصاً بعد أن ناقشنا الموضوع بشكل عرضي وضمن حواراتنا الروتينية، لكن هل لدي سوء فهم تجاه هذا الموضوع؟ كيف نصل إلى التعايش في هذه الحالة؟ تسلّط هذه المقالة الضوء على بعض الزوايا في موضوع التهنئة بالكريسماس، وهو جدل سنوي لا أظنه سينتهي.


تاريخ الكريسماس

 

كان الكريسماس من المعتقدات الوثنية قديماً، وكانت من الممارسات الموجودة في الحضارة الرومانية، وفي أوروبا الشمالية، وفي العصر الوسيط. في الولايات المتحدة الأمريكية، لم يُعجب الأمريكان بهذا التقليد لما يحمل من رموز وثنية، ولكن المسيحيين تقبّلوها تدريجياً. وأصبحت تقليداً رسمياً في عام ١٩٢٣م، عندما أضاء الرئيس الأمريكي (جون كالفن كوليدج) شجرة ميلاد وطنية.


في العصر الحديث، أصبح الكريسماس في كل زاوية. تارة تراه في الأفلام، وتارة أخرى تجده في المحلات التجارية.


ولأن المناسبة شاعت إلى درجة كبيرة، ظن البعض أنه مرتبط بها، رغم أنها لا تعني له أي شيء، فهي مناسبة لا تشبهه ولا يشبهها، ناهيك عن دلالاتها الدينية المعاصرة، فقد أصبحت الشجرة إشارة إلى الدين المسيحي المحرّف والذي يزعم أن لله ولد، حاشاه سبحانه.


التهنئة بالكريسماس

 

‏عدم التهنئة بالكريسمس لا علاقة لها بحسن المعاملة، فالمسلم مأمور بأن يعامل غير المسلم المسالم بالمعاملة الحسنة والكلمة الطيبة.. وفي سورة البقرة: ‏(وقولوا للناس حُسناً)، فالمعاملة الحسنة والتخلّق بأخلاق الإسلام مسألة لا غبار عليها ولا خلاف. ‏لكن هذا لا يعني أن يجامل الإنسان فيبارك من حوله على خطأ يسيرون عليه، ولا أن يتنازل ويخجل من إظهار دينه وهويته.


‏من المحبة أن ترشد صديقك إن أخطأ، وتقوّمه إذا زل، وتنصحه إذا ضل.. فلمَ تهنئ غير المسلم بالكريسماس مع علمك أنه ليس على دين الله تبارك وتعالى؟ أليس في هذا إقرار منك على الخطأ الذي يرتكبه؟ ‏قبل أن تردد عبارة (ميلاد مجيد) تذكّر أنهم يقصدون “ابن الله” حاشاه سبحانه.. وذلك ليس بهيّن.


‏ومن المشاهد المؤسفة؛ أن يجامل المشهور جمهوره الغربي بالتهنئة، ‏وهو الذي لم يكتب عن قضية مستحقة طوال السنة..


لا شك أن ‏هذا تأثير الإعلام الذي جعل الكريسمس مناسبة استهلاكية، فيدفعك للاحتفال دون علمك بتفاصيلها، ويجعلك تبحث عن أي مناسبة تحتفي بها حتى وإن لم تكن تعني لك أي شيء.

‏وبكل أمانة، فإني أشفق على من يحتفل بالكريسمس ويتسامح مع الموروث المسيحي/اليوناني، أما الموروث الإسلامي الذي ينتمي له فيراه رجعية قديمة لا تناسب العصر الحديث.. ‏شتّان بين الانسلاخ الثقافي والتسامح!


‏وتعالى الله عمّا يقولون، ‏لا شريك له ولا مثيل.


شارك

مقالات ذات صلة