آراء

على أي يد تفضل الموت، الإمبريالية أو الديكتاتورية؟!

ديسمبر 16, 2024

على أي يد تفضل الموت، الإمبريالية أو الديكتاتورية؟!

هذا حقا ما بتنا بصدده اليوم في هذه الأيام الجنونية، التي لأمس، إن كانت حكيت لنا، لقلنا أنها ضربا من الجنون. 


من كان يصدق أن رجلا أمضى ما يقارب من عقدين من الزمان في داعش والقاعدة  أن يصبح في يوم وليلة بطل قومي تحريري إذ قاوم أسوء دولة قمعية ودموية في التاريخ العربي الحديث، ليصبح مرضياً عنه من جماهير عربية وفي نفسي الوقت القوى الصهيو-إمبريالية؟


ونحن نستوعب هذا الأمر المجنون وانعكاساته على مصير بلادنا، نجد معسكرين لكل منهم منطق قوي، لكنه ناقص بحذفه للآخر لدرجة تجعله يصبح لا منطقيا أو لا إنسانياً أو كليهما. الأول هو المعسكر الذي لا يرى سوى آلام الديكتاتورية -وتحديدا ديكتاتورية بشار الآن- والآخر الذي لا يرى سوى آلام الإمبريالية-وتحديدا الإمبريالية الصهيونية.


لأكثر من عقد كانت مأساة ما يفعله  نظام الأسد السادي هي من أكثر ما يفطر أي قلب عربي نابض لما فعله من بشاعات لا تحكى بإخواننا السوريين. اليوم نسمع أكثر ويبدو أن ماكنا نعرفه هو The tip of the iceberg.


ماكينات تكبس الجثث. كلا، تكبسهم وهم أحياء يقال. طفل في المحبس ولد من جراء اغتصاب الضباط، يحكى له قصة عصفور وشجرة، لا يعرف العصفورة ولا الشجرة. فتاة شابة، خرجت امرأة بأطفال لا تعرف من والدهم. أسرى خرجوا للحياة بعد أربعون عاما كأنهم عائدون من القبور لم يعرف أحد عنهم شيئا! نعم، إن الجولاني محررهم! نعم، من يحرر كل هؤلاء بشكل ما بطل!

 

ونتنياهو سعيد الآن، لأن نظام الأسد الذي كان مزعجا له لدعمه لحزب الله يعتبر “محور مقاومة” قد أُسقط و لانشغال الجولاني، سيرتع في سوريا بوتيرة أضعاف ما قبلها، ودمر يعتبر كل ما بقي من الأنظمة الدفاعية لسوريا؟ فهل نشارك نتنياهو الفرحة الآن؟

 

هناك منا، من يرى، أنه لا تحدثني عن الجيو-سياسة والقضية! أي جيوسياسية وأي قضية بعد أهوال يوم القيامة التي شهدها الشعب السوري تحت الأسد!


نعم، أنتم على حق! عن أي جيو سياسة نتحدث وأنتم يفعل بكم  كل هكذا على مدى عقود، يريد أي إنسان له ذرة إحساس أن يقول! وعن أي دعم قضية تتحدثون؟


هل أطلق بشار رصاصة واحدة على إسرائيل في عام الإبادة هذا أو كل السنين السالفة؟ هل فتح جبهة الجولان كما توسل له الحوثيون؟ هل لم يتعامل مع ال CIA والكيان “من تحت الطاولة” على مدى عقود؟ هل لم يسجن ويعذب الكثير من الفلسطينيين والمتعاطفين الذين يودون المقاومة؟


وفي نفس الوقت، هل كان بدعمه لحزب الله، لم يكن منغصاً لإسرائيل أكثر من أي دولة محور ممانعة الآن! هذا ما وصلت إليه دولنا في تواطؤها على شعوبنا وعلى القضية والشعب الفلسطيني!  حتما هنا لا أدخل في نوايا النظام أو أجملها! نعم، أجر أرضه لإيران، والتي من دونها لما مكث يوما وهو أقلية في بحر أغلبية. ومن دونها لما استطاع أن يريق بحور الدماء التي أراقها واعتلى عرشه فوق جماجمها . فدعم حزب الله لمراضاة إيران  وثمن قليل بالنسبة له مقابل إمبراطورية النهب الذي كونها هو وعائلته! وفوق ذلك ينال التحكم في لبنان. 


لكن في نفس الوقت، الآن إيران في صدد تحسين العلاقات  مع الولايات المتحدة  وبذلك يجري تحييدها عن دعم المقاومة في لبنان وحتى عن الرد في تل أبيب  كما فعلت وفعل الحزب، وتم فصل الحزب عن فلسطين “أو جبهة الحزب عن جبهة غزة” وإسرائيل توغلت في الأراضي السورية  وأعلنت سقوط اتفاقية فض الاشتباك مع سوريا حتى باتت كيلومترات من دمشق، ودمرت منظومة دفاعها. وسقطت جبهة المقاومة، مهما كانت مقاومتها من “قش”. 


وماذا بعد؟  بعدما قُتل رئيسي في ظروف غامضة واغتيل هنية وحسن نصر الله وقررت جميع القوى الدولية رفع يدها عن نظام الديكتاتور السادي بشار الأسد، هل لن يسقطوا ملك الأردن أو ديكتاتور مصر، إن باتوا شوكة في حلق الكيان؟ فإن رفضوا مثلا، تهجير الفلسطينيين إلى دولهم؟ 


ليتنا ننجح فعلا بخلع الديكتاتوريين العرب، الذين يسجنونا وينكلون بنا ويريقون دماءنا أنهاراً و يساهمون بأشكال مختلفة بمعاناة الفلسطينيين. ليتنا نحرر أنفسنا ونشارك تحرير  إخوتنا الفلسطينيين من محتليهم! لكن كيف نفعل ذلك من دون أن تتسلم البلاد في ظل فراغ القوى للأذرع الصهيو- إمبريالية، أو لإسرائيل مباشرة فتصبح إسرائيل الكبرى وتصبح مصر وسوريا ماض يقال عليه إسرائيل! هذا حلم نتنياهو واليمين المتطرف الحاكم، ولا أحد يقف ضده،  فعلينا أن نأخذه بجدية! 

 

لا يريدوننا أن نفزع! كيف لا نفزع ومع كل صباح يقتل مائة فلسطيني وفلسطينية ولم نعد نحرك ساكنا بعدما كننا ننتفض شرقا وغربا لقتل فلسطيني واحدا! كيف لا نفزع وفُصل حزب الله عن غزة. فباتت غزة تقصف في العراء وحدها. كيف لا نفزع وباتت إسرائيل تصول وتجول في جبل الشيخ، دون أن يكون ذلك خبراً؟  



شارك

مقالات ذات صلة