مدونات
كتبت : نور الحلو
غزة ذلك الشريط الصغير من الأرض الذي يعيش فيه أكثر من مليوني إنسان أصبح رمزًا للصمود والكرامة في وجه الاحتلال والحصار ومع كل يوم يمر يزداد المشهد قتامة حيث تشتد الحروب وتتسع دائرة المعاناة في هذا السياق يبرز سؤال وجودي: من يحمل مفتاح نجاة غزة؟ هل هو في يد رجل حكيم؟ أم في تضافر الجهود الدولية؟ أم أن الحل لا يزال بعيد المنال؟
غزة.. بين المطرقة والسندان
غزة ليست كأي مكان آخر في العالم فهي محاصرة من كل الجهات: برًا، بحرًا، وجوًا منذ أكثر من 16 عامًا وهي تعيش في ظل حصار اقتصادي واجتماعي خانق حيث تحولت الحياة فيها إلى معركة يومية من أجل البقاء فقد وصل معدل البطالة إلى أكثر من 50% بينما يعاني 80% من السكان من انعدام الأمن الغذائي المدارس والمستشفيات تعمل بحدها الأدنى والكهرباء تصل لساعات قليلة في اليوم.
ولكن الكارثة الحقيقية ليست في الحصار فقط بل في الحروب المتكررة التي لا تترك مجالًا لالتقاط الأنفاس هذه الحروب لم تستهدف فقط البنية التحتية بل ضربت في صميم الإنسانية مئات الآلاف فقدوا منازلهم وآلاف العائلات شُردت والضحايا كانوا في الغالب من الأطفال والنساء.
المجتمع الدولي وصمت القبور
على الرغم من أن معاناة غزة موثقة في تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية إلا أن العالم يكتفي بالإدانة دون اتخاذ خطوات حقيقية قرارات مجلس الأمن الداعية إلى رفع الحصار عن غزة ووقف العدوان الإسرائيلي تبقى حبرًا على ورق حيث تعرقلها الفيتوهات السياسية والمصالح المتضاربة.
أما الدول الكبرى فإنها تمارس ازدواجية واضحة في المعايير تدعو لحقوق الإنسان في أماكن وتغض الطرف عن انتهاكات واضحة في فلسطين الأسئلة المطروحة اليوم: هل هناك إرادة سياسية حقيقية لإنهاء مأساة غزة؟ ولماذا تبقى القوانين الدولية عاجزة عن فرض احترامها على الاحتلال؟
القادة العرب: أين الموقف الشجاع؟
تاريخيًا كانت القضية الفلسطينية تُعتبر مركزية في العالم العربي لكن تغيرات المشهد السياسي والدبلوماسي قللت من الدعم الفعلي لغزة ورغم المؤتمرات والتصريحات التي تتحدث عن التضامن فإن الخطوات الملموسة لدعم غزة تبدو غائبة.
القدرة على التأثير موجودة لكن الإرادة السياسية تبدو مفقودة من يستطيع الضغط اقتصاديًا أو سياسيًا على إسرائيل أو الدول الداعمة لها؟ وأين المبادرات العربية لإنهاء هذا الصراع الذي أصبح جرحًا مفتوحًا في جسد الأمة؟
رغم كل الظروف الصعبة تظل المقاومة الفلسطينية هي الصوت الأعلى الذي يمثل غزة وشعبها هذه المقاومة التي تُعتبر رمزًا للصمود والكرامة تمكنت من إبقاء القضية الفلسطينية حية على الساحة الدولية، لكن المقاومة وحدها لا تستطيع تغيير المعادلة دون دعم سياسي وشعبي من الداخل والخارج تحتاج غزة إلى جبهة فلسطينية موحدة وأيضًا إلى تحالفات دولية قوية تعزز من شرعية المقاومة وتدعمها في مطالبها العادلة.
و بينما تتراجع مواقف الحكومات يبقى للشعوب دور لا يمكن إنكاره الحملات الشعبية سواء كانت مظاهرات أو حملات دعم إنسانية أظهرت قدرتها على تغيير المشهد في العديد من القضايا.
في غزة يمكن لهذه التحركات أن تكون سلاحًا قويًا لتوجيه الضغط نحو الحكومات وتحفيز الإعلام على تغطية أكثر إنسانية للكارثة الفكرة هنا ليست فقط في الدعم المالي أو المساعدات بل في بناء وعي عالمي بقضية غزة يضعها في مقدمة الأولويات. الإعلام.. القوة التي لم تُستغل بعد في زمن تُحركه الكاميرات والشاشات يبقى الإعلام أداة فعالة يمكنها إحداث تغيير كبير لكن السؤال هو: هل الإعلام العربي والدولي يقوم بدوره في نقل الحقيقة كاملة؟
غالبًا ما يتم تصوير غزة كضحية صامتة دون تسليط الضوء على أسباب معاناتها الحقيقية تحتاج القضية إلى إعلام يفضح الانتهاكات بوضوح ويبرز الجانب الإنساني لسكان غزة الذين يعيشون وسط هذا الجحيم. من يحمل مفتاح النجاة؟ مفتاح نجاة غزة لا يمكن أن يكون في يد طرف واحد، بل هو بحاجة إلى تضافر جهود متعددة.
رغم كل المآسي يبقى الأمل هو الشعلة التي تضئ ظلام غزة الأمل في أن يُسمع صوتها وأن يُرفع الحصار وأن تنتهي معاناة أهلها غزة ليست فقط رمزًا للصمود بل هي أيضًا دعوة مفتوحة للعالم ليعيد التفكير في قيمه ومبادئه. مفتاح نجاتها موجود لكنه يحتاج إلى أيدٍ حكيمة تلتقطه وإرادة صادقة تدير أقفاله، غزة لا تسأل عن المستحيل بل تطالب بحقها الطبيعي في الحياة الحرية والكرامة.