مدونات
الكاتبة: نور الحلو
عندما نتحدث عن مأساة اللاجئين الفلسطينيين فإننا لا نتحدث فقط عن جغرافيا مفقودة أو أراضٍ مغتصبة بل عن حياة كاملة تم تدميرها بشكل ممنهج من قِبل الاحتلال الإسرائيلي هذه المأساة لا تكمن فقط في فقدان الوطن بل تمتد لتطال أبسط حقوق الإنسان في الحياة الكريمة حقوق يَفترض أن تكفلها المؤسسات الدولية لكن ما يحدث اليوم في غزة والضفة الغربية وفي مخيمات اللاجئين في الدول العربية المجاورة يكشف أن هذه الحقوق تُسلب بشكل متعمد في ظل محاولات إسرائيلية دائمة لتصفير أية فرص للعيش الكريم للاجئين وأيضًا لتقويض أي دور يمكن أن تقوم به وكالة الأونروا في هذا السياق.
منذ أن تأسست وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في عام 1949 وهي تمثل الأمل الأخير لملايين اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون في مخيمات اللجوء في مختلف أنحاء العالم قدمت الأونروا خدمات تعليمية وصحية وإغاثية للاجئين وأصبحت مؤسسة دولية تمثل العمود الفقري لدعم حقوق الفلسطينيين في الشتات لكن في الآونة الأخيرة أصبح واضحًا أن هناك خطة متعمدة من قبل الاحتلال الإسرائيلي وبعض القوى الدولية لزعزعة استقرار هذه المؤسسة وإضعاف دورها الهام.
حرب الاحتلال على الأونروا: حرب متعددة الجبهات الاحتلال الإسرائيلي لا يكتفي فقط بتدمير البنية التحتية في الأراضي المحتلة بل يسعى بكل قوته لتدمير أي أمل في حياة كريمة للاجئين الفلسطينيين فكلما تحقق تقدم ولو صغير في دعم الأونروا تجد أن هناك محاولات دؤوبة لحرمان الفلسطينيين من هذه الفرص وعلى رأس هذه المحاولات نجد الضغط الإسرائيلي المستمر على الأمم المتحدة والتهديدات المستمرة بوقف التمويل عن الأونروا وهي خطوة تهدف إلى إفراغ الوكالة من دورها المحوري في تقديم الدعم للاجئين.
في غزة شهدنا كيف كان الهجوم الإسرائيلي على البنية التحتية خاصةً المستشفيات والمدارس التي تديرها الأونروا جزءًا من هذه الحملة المدروسة لزعزعة استقرار اللاجئين وتدمير الأمل في بناء مستقبل أفضل الاحتلال لا يتردد في استهداف هذه المؤسسات في محاولة لتدمير الطابع الإنساني للمخيمات الفلسطينية وهو يعلم جيدًا أن تدمير هذه المؤسسات يعني قطع أمل اللاجئين في العودة وهي قمة الخطة الممنهجة لتصفير حقوقهم.
محاولات تفريغ الأونروا من قوتها في الآونة الأخيرة بدأنا نلاحظ زيادة في الضغوطات الممارسة على الأونروا. لم تقتصر هذه الضغوطات على القصف المباشر للمرافق التابعة للأونروا بل طالت أيضًا محاولات وقف التمويل سواء كان ذلك من خلال تقليص الدول المانحة لمساهماتها أو من خلال الضغط السياسي الممارس على الدول الأخرى لوقف دعمهم للوكالة ليس هذا فحسب بل عمد الاحتلال إلى نشر حملات إعلامية مغرضة ضد الأونروا محاولًا تشويه صورتها والتقليل من دورها الإنساني الهام.
ويعلم الاحتلال أن إضعاف الأونروا يعني إضعاف ملف اللاجئين الفلسطينيين بشكل عام وبالتالي تقليص الفرص أمام الفلسطينيين للحصول على حقوقهم الأساسية وهذا يتماشى مع استراتيجية الاحتلال في جعل قضية اللاجئين الفلسطينيين تختفي من طاولة النقاشات الدولية. الأونروا الأمل الأخير لكن في ظل كل هذه التحديات لا يمكننا تجاهل الدور الحيوي الذي تلعبه الأونروا في دعم اللاجئين الفلسطينيين خاصة في غزة. مع تدمير القطاع بشكل كامل يظل مكتب الأونروا هناك هو النقطة الحاسمة في تقديم الإغاثة. والخدمات الإنسانية المساعدة التي تقدمها تشمل التعليم والصحة إلى جانب مساعدات غذائية وأماكن إيواء.
منذ العدوان الإسرائيلي على غزة تزايدت الأوضاع الإنسانية سوءًا مما يجعل الحاجة إلى الأونروا أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى لكن مع استمرار الضغوطات على الوكالة يواجه الكثير من اللاجئين الفلسطينيين مصيرًا غامضًا في وقت هم في أمس الحاجة إلى الدعم الدولي المستمر.
الحقيقة المؤلمة: صراع وجودي
الخذلان الأكبر هنا ليس فقط من الاحتلال الإسرائيلي الذي يواصل مساعيه لتصفير حقوق اللاجئين الفلسطينيين بل من بعض الدول الغربية التي تناور في دعم الأونروا في الوقت الذي تسحب فيه تمويلها تدريجيًا كما أن هناك محاولات لفرض حلول سياسية تنكر حق العودة وتحاول إعادة صياغة القضية الفلسطينية بما يخدم مصالح الاحتلال.
ما تفعله هذه الأطراف هو خيانة للعدالة الإنسانية حيث يُترَك ملايين اللاجئين الفلسطينيين في عتمة المستقبل وأملهم الوحيد في الأونروا التي تواجَه بتحديات وجودية أنظمة وحكومات دولية تحاول أن تسلب الحق الفلسطيني في العودة وتوظف تحركاتها السياسية لتصفية قضايا اللاجئين بتقليص دور الأونروا.
ما الذي يجب على العالم فعله؟ في هذا الوقت العصيب يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته في دعم الأونروا وتمويلها بشكل كامل والضغط على الاحتلال الإسرائيلي لوقف هجماته ضد المؤسسات الإنسانية إذا كانت الأمم المتحدة ومنظماتها لا تستطيع حماية الفلسطينيين في ظل الاحتلال فيجب أن تقف في صفهم على الأقل في المجال الإنساني المجتمع الدولي يجب أن يدرك أن القضية الفلسطينية ليست قضية أرض فقط بل هي قضية حقوق إنسان تضمن العدالة والكرامة.
الأمل في العودة على الرغم من الضغوطات التي تمارس على الأونروا يبقى الأمل في العودة مستمرًا في قلوب الفلسطينيين على الرغم من أن الاحتلال يحاول أن يحطم أملهم فإن إرادتهم في الحفاظ على حق العودة لن تُكسَر من غزة إلى مخيمات اللجوء في لبنان والأردن وسوريا تبقى الأونروا هي الأمل الذي يربطهم بحقهم في العودة إلى أرضهم وعندما نتحدث عن فلسطين نتحدث عن قضية لا يمكن أن تُقهر مهما كانت المحاولات لتصفير حقوق اللاجئين الفلسطينيين.