مدونات

حظر وكالة الأونروا: إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني

نوفمبر 5, 2024

حظر وكالة الأونروا: إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني

الكاتب: ظاهر صالح

 

أثار إعلان وزارة خارجية الكيان الصهيوني إبلاغ الأمم المتحدة إلغاء الاتفاقية بين الكيان ووكالة الأونروا في العام 1967، انتقادات وردود فعل واسعة، وذلك بعد أسبوعٍ على إقرار الكنيست قانون يحظر نشاط وكالة الأونروا في الأراضي المحتلّة والضفة الغربية وقطاع غزة، التي تقدم المساعدات والخدمات التعليمية لملايين الفلسطينيين، وذلك ربطاً بمزاعم وسردية الاحتلال حول تورّط موظّفين من الوكالة بعملية طوفان الأقصى في 7 من أكتوبر عام 2023.

 وحسب وصف وزير خارجية الكيان، كاتس، اتهم وكالة الأونروا وقال بأنها “جزء من المشكلة في قطاع غزة وليست جزءا من الحل”، كما كرر المزاعم والسردية والادعاءات الكاذبة.

 لم يكتفِ الاحتلال على مدار أكثر من عام بشن عدواناً وحشياً ونازياً على قطاع غزة فحسب، والتي أسفر حتى الآن عن أكثر من 43،374 شهيداً و 102،261 جريحا فلسطينيّا، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، بل تجاوزت ذلك إلى تبني نهج عداء صارخ تجاه المؤسسات الدولية والأممية.

 أثار العدوان الهمجي على غزة نداءات ومطالبات متتالية من مسئولين أمميين لاتخاذ موقف حاسم تجاه تل أبيب وصلت إلى حد المطالبة بتعليق عضويتها في الأمم المتحدة. وأوصت مقررة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فرانشيسكا ألبانيزي، الخميس 31 أكتوبر 2024، بالنظر في تعليق عضوية “إسرائيل” في الأمم المتحدة، وإعلانها دولة فصل عنصري، بسبب الإبادة الممنهجة التي ترتكبها في حق الشعب الفلسطيني.

 وقالت ألبانيزي في تقرير قدمته إلى الأمم المتحدة إن “إسرائيل” لا ترتكب جرائم حرب في غزة فحسب، بل ترتكب إبادة جماعية ممنهجة في صورة مشروع يهدف لمحو الفلسطينيين من الوجود، لإقامة “إسرائيل الكبرى”، وامتد مشهد الانتهاكات التي مارستها الكيان بحق المؤسسات الدولية والأممية ليشمل مؤسسات وشخصيات عدة في مقدمتهم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ومحكمة الجنايات الدولية ومنظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل) في لبنان، وغيرهم.

 لم يكن عداء كيان الاحتلال لوكالة الأونروا التابعة للأمم المتحدة وليد اللحظة مع بداية العدوان على غزة، بل إن الاستفزاز والتحرش الصهيوني بالوكالة يتزايد منذ سنوات ليبلغ ذروة غير مسبوقة في هذا العدوان. فبعد وقت قصير من أحداث معركة طوفان الأقصى في 7 من أكتوبر/تشرين الأول 2023، اتَّهم الاحتلال 12 موظفاً في وكالة الأونروا بالمشاركة في هجوم 7 أكتوبر، ما أدى إلى تعليق نحو 11 دولة غربية مساعدتها لوكالة الأونروا. فيما لم يُقدم الاحتلال أي أدلة على اتهامها لموظفي الوكالة، بحسب تقارير عدة.

 لم تكن مزاعم الاحتلال بحق وكالة الأونروا والعاملين فيها الأولى من نوعها، بل هي أحدث فصل من فصول التوترات المستمرة منذ عقود بين الاحتلال والأونروا، حسب ما ورد في تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.

 تشكل وكالة الأونروا المصدر الأساسي للدعم الإنساني لحوالي 5.9 مليون لاجئ فلسطيني في فلسطين المحتلة والدول المجاورة التي تستضيف اللاجئين الفلسطينيين. من جهته قال المفوض العام لوكالة الأونروا، فيليب لازاريني، إن القرار الصادر عن الكنيست “الإسرائيلي” بحظر “أنشطتنا غير مسبوق، ويشكل سابقة خطيرة، ويعارض ميثاق الأمم المتحدة”.

 وفي تعليقها على قرار الكنيست “الإسرائيلي” بحظر أنشطة وكالة الأونروا، قالت صحيفة الغارديان البريطانية، إن حظر وكالة الأونروا دون إيجاد بديل لها لن يؤدي إلاّ إلى شل المساعدات المقدمة للفلسطينيين في وقت الشدة. ووصفت الغارديان في افتتاحيتها القرار بأنه خطوة غير مسؤولة إلى حد كبير من جانب المشرعين “الإسرائيليين”، وأضافت الصحيفة أن الحكومة اليمينية “الإسرائيلية” تُظهر ازدراءً صارخاً للمعايير العالمية التي تحكم حقوق الإنسان والنزاعات والدبلوماسية، مما يجعل “إسرائيل” تتحول إلى دولة مارقة.

 وقال إيريك بيورج، أستاذ القانون في جامعة بريستول، إن القوانين “الإسرائيلية” الجديدة بحظر وكالة الأونروا تشكل خرقاً واضحاً لميثاق الأمم المتحدة، حيث تعتبر المنظمة الأممية قطاع غزة أرضاً تحتلها “إسرائيل”، ويلزم القانون الدولي القوة المحتلة على الموافقة على برامج الإغاثة لمستحقيها وتسهيل ذلك بكل الوسائل المتاحة لها.

 لا يخفى على أحد سعي الاحتلال منذ زمن لتقويض وكالة الأونروا وإنهائها بأسرع وقت ممكن، باعتبارَها شاهداً أممياً على النكبة والمأساة الفلسطينية المستمرة إلى هذا الوقت، ويؤجج هذا السعي أن وكالة الأونروا تمثّل إطاراً مؤسسياً جامعاً لشريحة واسعة من الفلسطينيين، إذ تقدم خدماتها لمجمل المخيمات داخل فلسطين وخارجها، الأمر الذي ساهم في حفظ الهوية الفلسطينية وتكريسها، خصوصاً في مخيمات اللجوء داخل الدول المضيفة، التي راهن الاحتلال على تماهي اللاجئين واندماجهم فيها مع المجتمعات المضيفة، وخسارتهم هويتهم الوطنية الجامعة.

 وعليه، إن دور وكالة الأونروا ينتهي عندما يتحقق حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم وأرضهم وديارهم، ولا أعتقد أن شعبنا بكل أطيافه والعالم الحر سيسمح بتصفية قضية اللاجئين من خلال تصفية وكالة الأونروا.

شارك

مقالات ذات صلة