مدونات
الكاتب: عمر صابر
تتعالى أصوات جماهير توتنهام في نهاية كل موسم مطالبة بإقالة دانييل ليفي رئيس النادي الذي يطل عليهم مرارًا وتكرارًا متحدثًا عن طموحه ورؤيته والكثير من الأكاذيب الأخرى ولا مانع من التضحية بمدرب أو بضعة لاعبين، لعبة لطالما أجادها ليفي ويعرف كيفية التهرب من المسؤولية ببراعة وبيع وهم المستقبل السعيد للوصول إلى هدفه وهو تجديد الأعضاء تذاكرهم الموسمية والاطمئنان أن الملعب الرائع الذي كلفهم مليار يورو سيكون ممتلئ بالكامل في المباريات والحفلات المتنوعة طوال العام.
كان توتنهام في السنوات الأخيرة في المنطقة الرمادية في فترة لا تستطيع القول عليها ناجحة أو فاشلة، نادي جمع شتات نفسه بعد معاناة في فترة الثمانينيات والتسعينيات رفقة مجموعة استثمارية جديدة في مطلع الألفية الثانية، وعلى الرغم من أن الطموح كان وقتها مرتفعًا إلا أنه تهاوى مع مرور السنوات حيث كانت الأولويات مختلفة ما بين طموح المُلاك الجديد ورغبة الجمهور، في الوقت الذي أراد فيه الجمهور تقليص الفارق مع منافسيهم وخصوصًا أرسنال عدوهم اللدود لم تُبالي الإدارة الجديدة برغبات الجمهور ومضوا في خططهم الاستثمارية متعاملين مع النادي اللندني كأي مشروع استثماري ساعين في تعظيم الأصول ورفع قيمتهم السوقية وزيادة شعبية النادي في شتى مناطق العالم.
وصل دانييل ليفي إلى توتنهام في 2001 كرئيس للنادي وأحد ملاكه رفقة رجل الأعمال البريطاني جو لويس كجزء من مجموعة “ENIC” الاستثمارية، ومن بعدها بدأت مرحلة تتسم بالفشل الرياضي الذريع، فطوال هذه المدة التي تجاوزت 22 عامًا لم يحقق الفريق اللندني سوى بطولة واحدة كانت كأس الرابطة الإنجليزية عام 2008، فشل النادي في الحفاظ على نجومه مثل غاريث بيل ولوكا مودريتش وكريستيان ايركسين ومؤخرا هداف النادي التاريخي هاري كين بعدما لم يستشعر أيا منهم جدية إدارة النادي في رغبتهم بالفوز بالبطولات.
عاش توتنهام حلمًا جميلًا رفقة المدرب الأرجنتيني ماوريسيو بوتشيتينو بعدما نجحوا في الوصول إلى نهائي دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى في تاريخهم، وعلى الرغم من الهزيمة أمام ليفربول خرج بوتشيتينو متحدثا عن تفاؤله بالقادم وأن المنزل الرائع يحتاج إلى أثاث مناسب مشيرًا إلى أن الملعب الجديد الذي أفتتح في نفس العام يحتاج إلى عناصر جديدة على نفس المستوى من أجل الوصول إلى مستوى أعلى والفوز بالألقاب، ولكن كالعادة حاول ليفي توفير المال وعقد صفقات قليلة بدون تكلفة عالية ليقُال بعدها بوتشيتينو بأشهر قليلة، جاء بعده مورينيو وكونتي ونونو سانتو واستمرت الوعود من دانيل ليفي بالصفقات الكبيرة ونقل النادي إلى مصاف الأندية الفائزة ولكن دائما كانت النتيجة واحدة الخذلان وشيطنة المدرب من قبل الصحافة وإلقاء اللوم عليه ومن ثم إقالته.
لا خلاف على فشل مجموعة “ENIC” رياضيًا رفقة توتنهام ولكنهم على الجانب الاستثماري نجحوا في الارتفاع بقيمة النادي السوقية بشكل مدهش والتي وصلت إلى 3,2 بليون يورو كثامن أغلى نادي في العالم حسب موقع “Forbes” وكانت قد حصلت المجموعة على نسبة 29,9٪ مقابل 22 مليون باوند عام 2000 مع بند لشراء باقي نسبته البالغة 13,2٪ في وقت لاحق تم تفعيله بعدها بعام، وواصلت المجموعة في شراء نسب باقي المستثمرين حتى وصلت اليوم إلى 86,5٪. ويملك السبيرز أحد أكبر الملاعب في العالم وأحدثها والتي تتجاوز سعته 60 ألف متفرج ويستضيف بشكل منتظم مباريات كرة القدم أمريكية حسب اتفاق تم توقيعه مع اتحاد “NFL” إلى جانب حفلات متنوعة لنجوم الغناء، وكان قد افتتح الملعب عام 2019 ومن قبله تم تجديد مقر تدريبات الفريق “هوتسبير واي” ليتناسب مع أحدث المعايير الأوروبية وتعمل الإدارة الآن على مشروع ضخم لإنشاء فنادق بجانب الملعب.
كانت إدارة توتنهام في السنوات الأخيرة ناجحة للغاية من الجهة الاقتصادية وكيف أنها حافظت على تواجد النادي كأحد الفرق الكبرى في كرة القدم الإنجليزية والأوروبية وتنمية مرافق النادي من ملعب ومنشآت رياضية بجانب زيادة قيمته السوقية ولكنها على الجانب الرياضي لم يكن لديهم الجدية الكافية في الإنفاق بالشكل الكافي من أجل الفوز بالبطولات، فكل شئ كان يسير حسب خطة ليفي و”ENIC” لزيادة قيمة النادي للوصول إلى الوضع الحالي معتمدين على المسكنات لتهدئة الجمهور الذي رأى الفارق في الإنجازات والبطولات يتسع بينه وبين منافسيه في إنجلترا عام وراء عام، ليصبح الأمل أمام جمهور السبيرز في صدق التقارير الإنجليزية الأخيرة عن نية المجموعة في بيع النادي والرحيل.