رسالة حب إلى السينما الكلاسيكية: Tonight, At the Movies
فيلم “Tonight, At The Movies” أو “الليلة، في السينما” هو فيلم ياباني رائع ومؤثر، من إنتاج عام 2018، وهو عبارة عن حلم يقظة أعيشه أنا باستمرار منذ بداية شغفي بالأفلام والسينما، فلذلك دُهِشت بمدى روعة تجربة عيش هذا الحلم من خلال هذا الفيلم.
مثلما شهدنا في السابق أفلامًا تعشق السينما والأفلام، مثل فيلم “Hugo” للمخرج “مارتن سكورسيزي” وفيلم “Cinema Paradiso” للمخرج “جوزيبي تورناتوري”، يأتينا هذا الفيلم ليقدم رسالة حب إلى السينما الكلاسيكية العريقة بقالب رومانسي وفنتازي خلاب، وقد أخرجه بشغف “هيدكي تاكيوتشي”، وكتب نصه السينمائي “كيسوكي يوياما”.
تدور القصة حول “كينجي”، وهو شاب يعمل كمساعد مخرج في أحد ستوديوهات الأفلام، ولأنه خجول ومغلوب على أمره، يتم تكليفه بمهام تافهة وكثيرة. ابنة مدير الستوديو تقع في حبه، ولكن “كينجي” لا يبادلها الشعور، فكل حبّه وشغفه للسينما والأفلام فقط.
إنه يقضي معظم وقته في قاعة السينما المحلية ويشاهد الأفلام المعروضة، ويقوم بتملُّق صاحب القاعة ليقضي وقتًا خاصًّا لوحده بعد إغلاقها لمشاهدة الفيلم الكلاسيكي المنسي والمفضل لديه على شاشة السينما، وهو فيلم “الأميرة الجامحة والوحوش الهُلامية”.
في إحدى الليالي، و”كينجي” منهمك في مشاهدة الفيلم للمرة الألف على ما يبدو، ينقطع التيار الكهربائي بسبب البرق، ويحدث أمر مدهش! الأميرة الجميلة “ميوكي” تهرب من شاشة السينما على هيئٔتها بالأبيض والأسود كما في أحداث فيلمها، لتجد نفسها في هذا العالم الملوّن، فماذا سيفعل “كينجي” الآن مع تلك الأميرة التي وقع في حبّها وحب فيلمها طوال حياته؟!
من هنا يصبح الفيلم آسرًا للقلب والحواس، ولا أريد أن أفسد عليكم متعة مشاهدة هذه التحفة بإخباركم بمزيد من الأحداث، فعيش هذا الحلم أو التجربة هو أمر لا يُنسى لكل صانع أفلام ولكل عاشق للأفلام، لأنه يستعرض واحدة من أجمل وأغرب وأعمق وأتعس قصص الحب التي قد نراها في فيلم سينمائي.
أداء الممثلين جميل، وبالأخص “كينتارو ساكاغوتشي” بشخصية “كينجي” و”هاروكا أياس” بشخصية “الأميرة ميوكي”، وخط سير الأحداث سلس ومشوق بالتنقل بين الماضي والحاضر، والرؤية الإخراجية الخلابة لـ “هيدكي تاكيوتشي” هي سر روعة الفيلم.
التصوير كان مبهرًا، وكذلك المونتاج وتصميم المواقع والأزياء وبقية الأمور الفنية والتقنية الأخرى، ولا أنسى الموسيقى التصويرية التي تسلب الحواس، فقد أضافت الكثير للفيلم لروعتها وشاعريتها، وقد ألّفها “نوريهيتو سوميتومو”. مدة الفيلم تقارب ساعتين، ولم تكن هناك أيّة لحظة ضائعة، وكنت مستمتعًا طوال الوقت.
حقّق الفيلم إيرادات تجاوزت 10 ملايين دولار من دور السينما في اليابان، ولكنّه لم يترشّح أو يفز بجوائز، ومن المؤسف أن الفيلم مغمور جدًّا ولم يحظ بالاهتمام والتقدير خارج اليابان، ولم يتم التسويق له كما يجب، مع العلم أنه من أفضل الأفلام اليابانية التي شاهدتها في حياتي، ويستحق المشاهدة مرارًا وتكرارًا، فكم نحن نحتاج للهروب أحيانًا من هذا العالم وأن نعيش حلماً سينمائيًّا رومانسيًّا جميلًا بصحبة فيلم رائع كهذا الفيلم.