مدونات
الكاتب: أحمد هاشم عمر
في السابع من أكتوبر 2023، شهدت المنطقة حدثًا غيرت مجرى التاريخ الفلسطيني، حيث انطلقت “معركة طوفان الأقصى”. هذه المعركة كانت نوعية، حيث خاضتها كتائب المقاومة الفلسطينية ضد الكيان الصهيوني. ومع مرور عام على هذه الأحداث، يبرز التساؤل: ماذا تحقق خلال هذه الفترة وما الدروس المستفادة من هذه التجربة؟
بعد انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من غزة في خريف 2005، شهدت غزة سلسلة من الاعتداءات. أبرز هذه الاعتداءات كان عدوان 2008، الذي استمر 22 يومًا، تلاه عدوان 2012 الذي استمر سبعة أيام، ثم العدوان الأطول في عام 2014 والذي دام 50 يومًا. والحدث الاخير كان حي الشيخ جراح، حيث حاولت قوات الاحتلال تهجير سكانه في العاشر من مايو 2021. ومع تزايد التوتر، رد المقدسيون بالمقاومة، مدعومين بحركات المقاومة المسلحة في غزة، مما أدى إلى اندلاع معركة استمرت أحد عشر يومًا ودائما المشترك بين كل تلك الاعتداءات ان المقاومة تخرج منها اقوي تُعتبر معركة “طوفان الأقصى” تحولًا نوعيًا في مسيرة المقاومة الفلسطينية.
ففي فجر السابع من أكتوبر، قامت كتائب المجاهدين بأخذ زمام المبادرة، وهو ما يختلف عن المعارك السابقة التي كانت فيها المقاومة عادةً ترد على اعتداءات الاحتلال. خلال هذه المعركة، تمكنت المقاومة من السيطرة على المستوطنات المحيطة بغزة، وأسرت نحو 240 جنديًا من الصهاينة. هذا الحدث جاء بالتزامن مع إطلاق أكثر من 5000 صاروخ نحو الأراضي المحتلة، مما أثبت قدرة المقاومة وقوتها . ولم يقتصر الأمر على غزة فقط، بل شهدنا أيضًا دعمًا من عدة جبهات، منها حزب الله في لبنان والفصائل المقاومة في العراق، والجيش اليمني، مما زاد من زخم المقاومة وأقوي شوكتها. استمرت جبهات الاسناد دائما في دعم المقاومة رغم ما تتعرض له من ضربات من الكيان الصهيوني وحلفائه واستمر المجاهدون في غزة يكبدون العو خسائر هائلة عسكريا واقتصاديا مع حدوث اكبر هجرة عكسية من الكيان الصهيوني.
رد العد علي هذه العملية بعدوان غاشم على غزة واعتداءات الهمجية على بيروت، وبعد مرور عام من العدوان بات واضحًا أن الغارات تستهدف المواطنين العزل، بما في ذلك الأطفال والنساء والشيوخ، أكثر من استهدافها للمقاومة. فالهدف الأساسي لهذه الاعتداءات هو تدمير الحجر والشجر وإبادة البشر. هذه الفظائع أيقظتنا من غفوتنا وجعلتنا ندرك أن ما يُسمى بالقوانين الدولية وحماية النساء والأطفال ليست سوى كذبة، وأن ازدواجية المعايير هي الحقيقة السائدة في هذا العالم. في اليوم 365 من العدوان على غزة، بلغ عدد الضحايا 41,689، بينهم 16,891 طفلًا و11,458 امرأة و2,419 مسنًا، بالإضافة إلى أكثر من 10,000 مفقود، منهم أكثر من 4,700 من النساء والأطفال. وفي الضفة الغربية، سقط 722 شهيدًا، بينهم 160 طفلًا، بينما استشهد أكثر من 2,011 في لبنان.
كل هؤلاء الضحايا قُتلوا بأسلحة أمريكية وغربية، وتعتبر حكومات تلك الدول هؤلاء الأرواح “أضرارًا جانبية” في إطار ما يُسمى بحق الكيان في الدفاع عن نفسه. فلنتأمل في مكانتنا كعرب، سواء كنا مسلمين أو مسيحيين، سنة أو شيعة، مؤيدين للمقاومة أو معارضين لها. يجب أن ندرك أننا، في نظر هؤلاء، لسنا أكثر من “ضرر جانبي”.
خلق “طوفان الأقصى” حالة من الوعي الجاد لدى الشعوب العربية والغربية، حيث جاء ليجدد الحياة في القضية الفلسطينية في وقت كانت تعاني فيه من الإهمال والنسيان. في ظل تفشي الركود في الأمة وموجة التطبيع مع الكيان المحتل، أثبت هذا الطوفان أن القضية الفلسطينية لا تزال مركزية، وستظل، سواء من الناحية الدينية أو الاجتماعية أو العرقية تمكن الطوفان من استقطاب الكثير من مواطني الدول الغربية حتي اصبحت التظاهرات في شوارعهم من أجل دعم فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني أمرا طبيعيا في نفس الوقت عرف كثير من شبابنا العربي القضية الفلسطينية بعد التغيب المتعمد لها من جانب حكوماتنا “كيف تعرف الناس وتعلمهم عن الحرية والحقوق وأنت مستبد” ولكن للأسف لم ترق الدول العربية لمستوي طوفان الأقصى وبالطبع أنا هنا أقصد الشعوب لأن الحكومات ما هي الا أدوات في يد الصهيونية والجيوش العربية أنشئت لا لمقاومة محتل أو دفاع عن أرض إنما كانت أداة لقمع تلك الشعوب في الوقت الذي يواصل فيه الاحتلال الإسرائيلي توسيع نطاق الاستيطان في الضفة الغربية بلا رادع، يزداد الدعم الأمريكي والغربي، بل ويجد هذا الكيان دعمًا من الأنظمة العربية، التي تبدأ من عدم الرد على اعتداءاته وتنتهي بالتواطؤ معه في حرب الإبادة هذه.
سواء كان بجيش يطبق عليه الحصار من الضلع الرابع أو تحالف لإطعامه بعد أن قطع المقاومون طريق البحر الأحمر أو استخدام الدفاعات الجوية لهذه الدول لإسقاط صواريخ المقاومة أو بقنوات تلفزيونية تسمي الدائر الآن حربا أو توصف الشهداء “بالقتلي” أو تروج للرواية الصهيونية الكاذبة “وللأسف أيضا فهي تفعل كل ذلك وأكثر” لكن هذا لا يعطي هذه الشعوب العذر «وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا» فمن واجبنا نصرت اخوتنا وقضيتنا حتي ولو كان بالخروج علي هؤلاء الحكام ونزع السلطة منهم أو حتي بالتبليغ عن قضيتنا ولكن للأسف نحن الذين انطبق فيهم قول الرسول ﷺ: «يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها». فقال قائل: ومِن قلة نحن يومئذ؟ قال: «بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن». فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: «حب الدنيا، وكراهية الموت». وينطبق فينا قول الله تعالي: «كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ» ومصيرنا إن لم نتدارك أنفسنا في قوله تعالي: « وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم» فوالله ان الارض كلها مستعمرة الا غزة. يا اهل غزة يا اهل المجد والعزة «وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ» وفيكم قال رسول الله ﷺ: «لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله. وهم كذلك”، قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: “ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس» فوالله إن الله اصطفاكم لتحملوا الراية ولتكونوا الجند الذي يهزم الأعداء ويحرر الأرض والأمم ويفتح بيت المقدس. المحصلة أننا مليار مسلم قال فيهم الرسول ﷺ: «كغثاء السيل» و 44,422 ينطبق عليهم قول الله تعالي: «بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ» ومليوني شخص في قطاع غزة ينطبق عليهم قول الله تعالي «وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ» وقول رسوله الكريم ﷺ: “إن أفضل جهادكم الرباط وإن أفضل رباطكم عسقلان” يا أهل غزة يا أهل المجد والعزة أبشروا بما صبرتم، أبشروا بما رابطتم، أبشروا بما جاهدتم. واعلموا أن الارض لا تحرر لا بالدماء وأن هدفنا هو الموت علي درب الحق وأن الأرض جميعها لنا من البحر إلي النهر.