مدونات
الكاتبة : نور الحلو
أكتوبر الذي يبدو أنه يحمل في طياته عاصفة من المتغيرات السياسية والعسكرية في المنطقة بات مشؤومًا على إسرائيل فقد شهد هذا الشهر أحداثًا متسارعة بدأت تتكشف تداعياتها على الساحة الإقليمية من إيران إلى حزب الله ومن العراق إلى اليمن باتت جميع الأطراف المقاومة ترسل رسائل واضحة بأن المعركة لم تعد محصورة في حدود فلسطين المحتلة.
إيران وتحرك المقاومة في العمق الإقليمي
منذ فترة كانت إيران تحذر من أي تصعيد إسرائيلي أو تحركات قد تؤثر على استقرار المنطقة ومع ذلك جاء الرد الإيراني هذه المرة حازمًا وواسع النطاق إذ لم تقتصر الضربات على المجالات التقليدية بل تعدتها إلى نوع من التصعيد الاستراتيجي إيران ضربت إسرائيل في العمق العسكري مما يشير إلى أن الرسالة ليست فقط ردًا على اعتداءات معينة بل هي تمهيد لمعادلة جديدة هذه المعادلة تنذر بأن أي تحرك إسرائيلي سيكون له ثمن باهظ يُدفع فورًا.
حزب الله: توسيع نطاق الضربات إلى بيت يام
على الجبهة الشمالية حزب الله وسّع نطاق عملياته ليصل إلى “بيت يام” ضاربًا العمق الإسرائيلي بشكل لم تعتده إسرائيل من قبل هذا التوسع الجغرافي يعكس نية حزب الله في رفع سقف المواجهة، ليؤكد أنه لم يعد يقف عند حدود جنوب لبنان فحسب بل أصبح قادرًا على استهداف مناطق أبعد وهو تحذير صريح لإسرائيل بأن أي محاولة للتوسع أو التصعيد على الحدود ستواجه بردود قد لا تستطيع التعامل معها.
العراق واليمن: الأدوار الجديدة في المواجهة
العراق الذي لطالما كان في حالة توتر داخلي ضربت قواته المسلحة قاعدتين إسرائيليتين في تطور غير مسبوق هذا التحرك يشير إلى دخول العراق رسميًا في معادلة المقاومة الإقليمية ضد إسرائيل مما يزيد من تعقيد الموقف الإسرائيلي ويؤكد على أن دائرة المواجهة تتوسع.
اليمن من جهتها ضربت ثلاث سفن إسرائيلية وهو ما يعد ضربة موجعة للمصالح الإسرائيلية في البحر الأحمر الرسالة واضحة المعركة لن تكون على اليابسة فقط بل ستطال أيضًا كل من يتجرأ على دعم الاحتلال الإسرائيلي أو التورط في سياساته العدوانية في المنطقة.
إسرائيل وتوسيع المنطقة العسكرية على الحدود مع لبنان
أمام هذا التصعيد المتعدد الأطراف لم تجد إسرائيل سوى اللجوء إلى خيارات دفاعية بحتة حيث أعلنت توسيع المنطقة العسكرية المغلقة على الحدود مع لبنان هذا التحرك يعكس حالة من الخوف والترقب لما قد يحدث في الأيام القادمة ولكن هذا القرار يعبر عن عجز إسرائيل عن تقديم حلول هجومية مؤثرة ويؤكد أن المقاومة قد نجحت في فرض معادلة جديدة على الأرض.
ما الذي ينتظر المنطقة؟
التصعيد الإقليمي الحالي ليس مجرد حوادث متفرقة بل هو جزء من استراتيجية شاملة تنتهجها قوى المقاومة في المنطقة تتضافر فيها الجهود لخلق نوع جديد من الردع ضد إسرائيل ما يحدث هو إشارة واضحة بأننا نشهد نهاية مرحلة الهيمنة الإسرائيلية المطلقة على قرارات المنطقة والبدء في مرحلة جديدة من التوازنات الإقليمية حيث تتكاتف قوى المقاومة في جبهات مختلفة لفرض إرادتها.
أيام قادمة قد تكون مشتعلة مع تزايد التوتر على جميع الجبهات إسرائيل ستجد نفسها أمام تحديات أمنية لم تعهدها من قبل فالجبهات الجنوبية والشمالية بل وحتى البحرية باتت تهدد مصالحها الاستراتيجية ومع تصاعد ضربات المقاومة ستضطر إسرائيل إلى إعادة النظر في حساباتها العسكرية والسياسية.
هذا التغيير الجذري في قواعد اللعبة الإقليمية ينبئ بمرحلة جديدة قد تكون عنوانها “لا أمان لإسرائيل” في ظل تحرك المقاومة المتكامل الذي يكشف عن عمق التخطيط والتنسيق بين جميع الأطراف.