مدونات
الكاتب: عادل العوفي
صار متاحا تخيل “أبو رغال ” رمز الخيانة عند العرب والحيرة تستبد به بعد ان “فقد ” كل الامتيازات البشعة المحاطة باسمه منذ فعلته الشنيعة التي حفظتها ووثقتها كتب التاريخ حين انبرى لتلك المهمة القذرة التي رفضها الكثيرون وصار دليل “ابرهة الحبشي ” ودله على مكان الكعبة المشرفة في عام الفيل ومنذ ذلك الوقت ظل اسمه متربعا على عرش الخيانة والخسة حتى ان قبره ظل يرجم لسنوات عديدة.
اليوم لم يعد “ابو رغال ” يتيما وصار بإمكانه ان يتفاخر بكونه البذرة التي اثمرت لا بل و الفكرة التي لا تموت حين يتعرف على ما يرافق الحرب الغاشمة على غزة والنيل من مقدسات المسلمين نهارا جهارا ؛ والابشع انخراط “ذوي القربى ” في النيل من اشقائهم بالدسائس والمكائد التي اضحت تحاك في واضحة النهار ودون ستائر كما تعودنا سابقا حتى ان البعض حينها كان “يشتكي مما يسميه الدعم المبالغ فيه لفلسطين واهلها على حساب قضايا وطنه التي يراها الاهم والاجدى والانفع “.
ولا اخفيكم سرا انني لطالما سخرت من هذه النقطة وارى مروجيها في قمة السذاجة كي لا اكتب مصطلحا اخر ؛ واليوم تثبت الايام مدى وقوعهم في الفخ رغم ان هذا ليس موضوعنا الرئيسي ؛ اذن من حق ” ابي رغال ” ان يتباهى بأحفاده {وما اكثرهم } ممن حملوا لواء العار والخيانة واصطفوا في خندقه وظلوا اوفياء مخلصين لشعاره الازلي ؛ والمتغير الوحيد الذي جعلنا نكتشف تكاثر سلالة “ابي رغال ” وتفشيها في شتى المجالات اهمها السياسة طبعا والاستبداد بالسلطة في بقع مختلفة من الوطن العربي مرورا “بالكتاكيت ” التي يجري تكوينها لحمل المشعل في مجال الاعلام ايضا باعتباره قطاعا حيويا رئيسيا والدليل الكم الهائل من العناوين المضللة والكلمات “الخبيثة ” التي يجري التلاعب بها لتغيير مفاهيم ثابتة في ذاكرة وعقول الملايين ونستحضر مثل هذه النماذج على سبيل المثال لا الحصر طبعا : “الحرب في غزة ” بدل الحرب على غزة و ” القتلى الفلسطينيين ” مكان الشهداء الفلسطينيين و الكارثي تبني المصطلح الصهيوني “الرهائن ” عوض الاسرى ؛ و العشرات من المصطلحات المعدة خصيصا للعبث بالمخزون الاصلي الحقيقي الذي تربينا عليه لعقود طويلة.
من مميزات طوفان الاقصى اذن وهي لا تعد ولا تحصى اماطة اللثام عن جحافل احفاد “ابي رغال ” ممن كانوا يعيشون بيننا لكنهم ظلوا متوارين عن الانظار ويمارسون دجلهم على استحياء وتحت طرق ملتوية عبر مواقع التواصل الاجتماعي ؛ لكن اليوم جاءتهم التعليمات بالخروج بوجوه مكشوفة قصد نيل الرضا والقبول وبالتالي دخول سجلات الخيانة بمداد الخسة والنذالة والسير على نهج “الجد المؤسس ” واستكمال فصول الغدر المنتشرة في تاريخ هذه الامة ؛ ويكفي مراجعة حجم التبادل التجاري والكم الهائل من الصادرات للكيان الغاصب في عز تخبطه منذ السابع من اكتوبر دون اغفال الانخراط المخزي لأنظمة الدفاع لدى بعض الدول في التصدي للصواريخ التي تدك الكيان من لدن القلة القليلة التي تنصر اهلنا في غزة كي ندرك فداحة وفظاعة ما نعيشه وانه بحق لم يعد “ابو رغال ” رمز الخيانة الوحيد وان الاوان لمن يكتبون التاريخ قصد اضافة اسماء اخرى كي تصطف قربه وتلعن ليوم الدين وهي من خانت الامانة ووقفت بجانب المجرمين في هذا الوقت العصيب والمفصلي من تاريخنا.
دروس غزة مليئة بالعبر والدروس واسقطت كل الاقنعة ومن يقول ان ما بعد السابع من اكتوبر ليس كما قبله لا يبالغ البتة ؛ ويمكن استنتاج ذلك وانعكاساته عالميا فما بالك بالمحيط العربي المعني المباشر والاول والاخير بالقضية المركزية رغم كل محاولات “احفاد ابي رغال ” البئيسة قطعا ممن يترجمون على ارض الواقع الكلمات المعبرة و الشهيرة للمعلم غسان كنفاني حين كتب ” ستصبح الخيانة في يوم من الايام مجرد وجهة نظر “.