مدونات
يحتدم الصراع الانتخابي الرئاسي بين المرشحين البارزين، كامالا هاريس و دونالد ترمب، فمنذ أن تنازل بايدن عن ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية لنائبته كامالا هاريس استجمع الحزب الديمقراطى قواه وتوالت مباركة الزعماء الديمقراطيين لانتخاب هاريس كونها أنسب مرشح من الحزب، بعد أن حازت على تزكية بايدن ورؤوس الحزب كلينتون وهيلاري وأوباما وتشاك تشومر والعديد من الشخصيات الديمقراطية المخضرمة، حيث كاد الحزب أن يقع في شرك تشبث بايدن بالترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة والدخول في كابوس صراع في أحقيته بالترشح مقابل ترامب، لولا أن نصحه العديد من المقربين منه وكبار الحزب البارزين مث بيلوسي وأوباما وتشاك تشومر ضرورة التخلي عن الترشح للانتخابات الرئاسية، لعدم قدرته على المواصلة نظراً لكبر سنه وترتب عليه معاناته من بعض المشاكل في الادراك والبطيء في الحركة والكلام.
كامالا هاريس والتي تبلغ التاسعة والخمسين من عمرها تبدو عازمة على اعتلاء الحكم، يبدو ذلك واضحاً في حماسها وتحديها لترامب، لم يحدث في تاريخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية أن استطاع مرشح جمع مبلغاً كبيراً بسرعة لا تصدق وفي وقت ضيق وحساس، فقد تمكنت من جمع ما يقارب من ٣١٠ مليون دولار لتمويل حملتها الانتخابية مقابل ما يقارب من ١١٠ مليون دولار لحملة ترامب، انهالت الأموال على حملتها الانتخابية بشكل يثير الاستغراب، فكيف لها أن تجمع هذا المبلغ الكبير بتلك الفترة القصيرة من عمر الانتخابات الرئاسية، واستطاعت تقليص الفارق بينها وبين ترامب في غضون أسبوعين، بل وجذبت أعداداً من الذين يوصفون بالمستقلين أو الشريحة الصامتة انضمامهم لصفوف المصوتين لها.
من المعروف أن كامالا هاريس لديها عروق هندية وزوجها محامي أمريكي من أصول يهودية، والذي تتصف علاقته بالقوية مع ” المجتمع الإسرائيلي داخل إسرائيل”، وتعتبر هي من أشد المؤيدين لليهود داخل حزبها. العجيب أن بايدن حينما اختارها نائبة له أوكل إليها مهمة الشؤون الداخلية الاجتماعية والإنسانية، فهل كانت تلك خطوة لإيهام الحزب الجمهوري بأنها شخصية ليس لديها الكفاءة اللازمة لتولي مهام الترشح للانتخابات الرئاسية، لتتمكن من بناء علاقات قوية مع المجتمع و استمالة فئات مجتمعية جديدة لصالحها، إذا ما صارت رئيسة للولايات المتحدة الأمريكية، فهل من الممكن اعتباره سيناريو معد مسبقاً!
أما ترمب فهو غني عن التعريف قبل تنازل بايدن عن إكمال السباق الرئاسي استطاع أن يحصد أصوات كثيرة خاصة بعد المناظرة التي جرت بينهما، ظهر فيها بايدن في أضعف حالاته، وعزز زيادة نسبة التصويت له حادثة محاولة اغتياله، ترامب يغري ناخبيه بانتعاش الاقتصاد والعيش في ازدهار اقتصادي والتصالح مع روسيا والصين والنأي عن الناتو والتراجع عن تأييد أوكرانيا وانسحاب أمريكا من الحرب الأوكرانية الروسية وعدم الانخراط بها، محذراً الأمريكيين من حرب عالمية ثالثة إن تم انتخاب كامالا هاريس، واعداً إياهم والعالم بالأمن والاستقرار والقضاء على المثلية والإجهاض في المجتمع الأمريكي.
كامالا هاريس بدورها تعد ناخبيها بضمان الحفاظ على حرية كافة شرائح المجتمع الأمريكي، وتؤكد أحقية المرأة في الإجهاض وتعده قراراً شخصياً، وكأني بها تهدف إلى أن تسيل لعاب ناخبيها بأن أمريكا ستبقى قوية ولن تسمح لروسيا والصين باعتبارهما قوى الشر المهيمنة على العالم، وشددت على العلاقات الإسرائيلية – الأمريكية وأهمية الحفاظ على أمن “إسرائيل”، والسؤال الجوهري: هل سيلعب زوجها امهوف دوراً في الحكم في حال أصبحت رئيسة للولايات المتحدة؟! أم سيبقى بعيداً ويتدخل في الحكم من خلف الستار؟!
الأمريكيون أمام خياران لا ثالث لهما، كل خيار أصعب من الآخر، لكن بعض المؤشرات توحي إلى أن هاريس قد تكون أول امرأة من عرق ملون تعتلي منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، فهل ستتجه أمريكا إلى سيناريوهات غامضة إذا ما أصبحت هاريس رئيسة للولايات المتحدة الأمريكية، والتي قد يرفضها مناصرو ترامب؟ و هل سيكون مجيء كامالا هاريس للبيت الأبيض مصدر طمأنينة للأمريكيين أم مصدر توتر وزعزعة للاستقرار والأمن الداخلي و الخارجي ؟!