فنون

قصة رجل امتهنَ الخداع والتزوير: Catch Me if You Can

أغسطس 3, 2024

قصة رجل امتهنَ الخداع والتزوير: Catch Me if You Can

 

فيلم “Catch Me if You Can” أو “أمسك بي إن استطعت”، الذي أُنتِج في عام 2002، هو فيلم رائع وممتع يروي القصة الحقيقية للمزوّر الأمريكي الشهير “فرانك أباغنيل جونيور” بالاستناد إلى كتابه الذي يحمل نفس الاسم، ويكشف فيه مجريات قصته بكل التفاصيل، وقد ساعده في نشر الكتاب زميله الكاتب “ستان ريدينغ”، بينما تولّى “جيف ناثانسون” مهمة الاقتباس وكتابة النص السينمائي بشكل متقن ومتميز.

 

كان “فرانك” بين سن 16 و21، أشهر شخص مخادع في أمريكا، ولم يكتفِ فقط بقيادة طائرة دون رخصة طيران وممارسة الطب والمحاماة دون شهادة جامعية، بل أيضًا قام باختلاس مبالغ ضخمة عن طريق الشيكات المزورة.

 

بعد فترة بسيطة من دخولة عالم الجريمة، يجد “فرانك” نفسه مُطارَدًا من قبل عميل مكتب التحقيقات الفيدرالية “كارل هنراتي”. تستمر لعبة القط والفأر هذه لأعوام طويلة، و”كارل” دائمًا ما يكون على بعد خطوات من “فرانك”، ومع ذلك لا يستطيع إمساكه، لكنه لا يستسلم أبدًا، وفي الوقت نفسه يقوم “فرانك” بإعادة بناء نفسه باستمرار، وذلك لأنه أحيانًا ربما يحتاج إلى هويّة جديدة للهروب، أو ربما بدافع من الملل، وبالرغم من ثروته ونجاحه الساحق، إلّا أنه شخص وحيد ومنغلق على نفسه.

 

أقوى علاقاته هي مع والده “فرانك أباغنيل” الذي يحترمه كثيرًا، وهو يكبت مشاعر الاستياء تجاه والدته “بولا” التي تخلّت عن والده من أجل رجلٍ آخر، وهذا الأمر هو أكثر ما أثّر على شخصيته، وشعوره بالوحدة يجعله ضعيفًا أمام ممرضة شابة تدعى “بريندا سترونغ”، حيث يلتقي بها في إحدى المستشفيات بعد أن قام بانتحال شخصية طبيب جرّاح، والمفاجأة هي وقوعه في حبها، ولكن ليس في وسعه فعل شيء بتربّص “كارل” له في الأنحاء، ولذلك يضطر “فرانك” للهروب وخوض تجربة احتيال جديدة وانتحال شخصية اخرى.

 

الفيلم يمزج الدراما والكوميديا والمغامرة والإثارة والغموض بشكل فعال، وكون أحداث الفيلم تدور في فترة الستينيّات، نجد الكثير من التفاصيل الدقيقة لتلك الفترة، وذلك ليس بغريب من مخرج مرموق مثل “ستيفن سبيلبيرغ”، حيث أنه راعى بدقة تصاميم مواقع التصوير والأزياء والمكياج وتصرّفات الشخصيات وأسلوب حياتهم وطريقة تفكيرهم وحديثهم، لتكون بالفعل مطابقة للفترة التي تدور فيها الأحداث، ففي يومنا هذا يصعب فعل أمورٍ كالتي فعلها “فرانك” مع تقدّم وسائل التكنولوجيا ونظام الأمن والحماية، كما أنّ المجتمع الحالي ليس ساذجًا ولا ينخدع بسهولة، و”ستيفن سبيلبيرغ” يدرك ذلك حتمًا.

 

الفنان المبدع “ليوناردو ديكابريو” كان الخيار الأمثل لأداء دور “فرانك أباغنيل جونيور”، وقد أبدع حقًّا، وكذلك الفنان الكبير “توم هانكس” أدهشنا كالعادة بأدائه المتميز لشخصية “كارل هنراتي”. الفنان “كريستوفر ووكن” قدّم أداءً جميلًا بشخصية والد “فرانك”، وقد ترشّح لنيل جائزة الأوسكار لأفضل ممثل مساعد.

 

بقية النجوم، بمن فيهم “مارتن شين” بشخصية “روجر سترونغ” و”إيمي أدامز” بشخصية “بريندا سترونغ” و”ناتالي باي” بشخصية “بولا أباغنيل” و”جينيفر غارنر” بشخصية “شيريل آن” و”إيلين بومبيو” بشخصية “مارسي” و”إليزابيث بانكس” بشخصية “لوسي”، قدّموا أداءً متميزًا أيضًا. أجمل ما في الفيلم الموسيقى التصويرية الرائعة للعملاق “جون وليامز” التي ترشحت لجائزة الأوسكار لأفضل موسيقى تصويرية.

 

ميزانية الفيلم بلغت 52 مليون دولار، وقد حقّق إيرادات عالية جدًّا وصلت إلى 352 مليون دولار من دور السينما في أمريكا وبقية دول العالم، والفيلم يملك شعبية كبيرة لدى الجمهور وكذلك النقّاد، ومن المؤسف أنّه لم يتم تقديره كما يجب في ترشيحات الجوائز السينمائية.

 

شارك