مدونات

حل الدولتين.. الكذبة الدبلوماسية!

يوليو 23, 2024

حل الدولتين.. الكذبة الدبلوماسية!

من المهم جدا خلال معركة طوفان الأقصى مطالعة المقالات التي يكتبها النقاد والصحفيون الصهاينة لفهم التوجهات الفكرية والسياسية للعقل الصهيوني، وعبرها تحليل الواقع الداخلي الصهيوني وفهم منطق القرارات المتخذة واستشراف القرارات والتوجهات المستقبلية، ولكن الأهم اقتناص بعض الأفكار النقدية الداخلية التي تنظر للأفكار والأيديولوجيات من منظور داخلي يسعى للتنافس على إدامة الوجود الصهيوني وإدامة كيانه السياسي، وأنا أقرأ مقال على صحيفة هٱرتس العبرية للكاتب الصهيوني “تشاك فرايليخ” والذى سعى فيه على عادة الصهاينة قلب القيم إلى أضدادها وتحميل المقاومة وأد فرصة تأسيس دولة مستقلة تمنحها له حكومة يمينية رسخت الاستيطان كعقيدة تطهير عرقي للتمكن الكامل من احتلال الضفة، وحاصرت قطاع غزة وقتلت شعبه وتريد الآن العودة لاحتلاله وتهجير شعبه.


بينما أقرأ هذا المقال أردت أن أنقل للقارئ العربي بعض الاقتباسات الدقيقة التي تسربت من عقل صهيوني قائم على احتلال الأرض ونفسية ضعيفة منكسرة تسارع لطلب المعونة من دول أخرى للسيطرة الأمنية على قطاع غزة الذي فشل جيشه في تحقيقه هدفه الخرافي في تقويض المقاومة فيبحث عن دول عربية ودولية وسلطة فلسطينية اغتالتها هذه الحكومة الصهيونية بعدم إيفائها بعهودها الكاذبة لتحقيق هدف لم يستطع جيشه الورقي تحقيقه.


من بين الاقتباسات هذه الفقرة المهمة التي يقول فيها : “تحول حل الدولتين، بمرور السنوات، إلى ما يشبه الكذبة الدولية الدبلوماسية المتفق عليها. فبالنسبة إلى الزعماء الغربيين، والأميركيين بصورة خاصة، شكّل هذا الحل، كما كان دائماً، غطاء لمواصلة دعم إسرائيل، على الرغم من السياسات الاستيطانية، وعلى الرغم أيضاً من أن قلة من هؤلاء الزعماء كانت تؤمن بفرص تحقيق السلام. أما الدول العربية، فقد وجدت في هذا الحل وسيلة من أجل تحسين علاقاتها بإسرائيل بصورة مريحة، في ظل عدم تحقيق تقدُّم في المسار الفلسطيني”.


ويعتبر هذا الاقتباس تحليل مهم جدا لفهم شماعة “حل الدولتين” هذه الكذبة التي لازالت دولنا تسوق لها كسقف سياسي مع علمها بأن هذه السرقة المقننة المتنازلة عن حق الفلسطينيين في استرجاع أرضهم المنهوبة هي في حالة موت سريري، وهو ما وصل إليه كاتب المقال الصهيوني الذي يقول: “لقد كان حل الدولتين على حافة الموت السريري، حتى قبل نشوب الحرب الراهنة. إذ خلقت سياسة الاستيطان، قصداً، حالة تجعل تحقيق هذا الحل مستحيلاً، بالمطلق تقريباً، وقوضت هذه السياسات ثقة الفلسطينيين بصدق النيات الإسرائيلية بشأن التوصل إلى سلام”.


تعرف الدول المطبعة والدول السائرة للتطبيع وحتى الدول الرافضة له بأن هذه الكذبة لا يقبلها الاحتلال الصهيوني الذي فرض واقعا جديدا يجهض هذا الخيار، وقد أجمعت كل القوى الصهيونية الإسرائيلية على رفض إقامة أي دولة فلسطينية، وقد رفض الاحتلال مبادرة “سلامهم” العربية الخاضعة الخانعة والتي لازال أولئك يروجون لها حتى تكون جسرا لشرعنة التطبيع مع الاحتلال والتخلص من صداع قضية فلسطين التي لازالت العديد من القوى الحية الشعبية في دولهم تضغط عبر الأدوات المتاحة لتحمل صانع القرار العربي الإسلامي المسؤولية السياسية والأخلاقية اتجاهها.


هذه الكذبة الدبلوماسية التي يسعى الغرب لاستدامة وجود الكيان الصهيوني الغاصب في أرض محتلة منهوبة مسلوبة، بعد أن رأى كل المؤشرات المؤكدة زوال الاحتلال وتحرر الشعب الفلسطيني خاصة ما بعد العبور المجيد.


هذه الكذبة الدبلوماسية التي عادت إليها الدول الغربية بعد العبور المجيد  لم تعد إليها إلا مكرهة وهي التي كانت تنتظر محو الحق الفلسطيني الذي يعتبر قضية عادلة  من قضايا إنهاء الاستعمار العالقة منذ القرن العشرين.


لا حل في فلسطين بدون مقاومة تستعيد أمانة الأرض المقدسة وتطهرها من التدنيس الصهيوني الذي يقوم على تطهير عرقي لغير الصهاينة المغتصبين وتهويد الأرض ومحو معالمها الحضارية والتاريخية الإسلامية والمسيحية المتراكمة عبر التاريخ والتي حافظت الدول الإسلامية المتعاقبة فيها على حرية المعتقد والتعبد.


الخلاصة التي يحلم بها الكاتب الصهيوني والتي يجب على دعاة التسوية الخاضعة الخانعة رؤيتها بوضوح أن نتيجة الكذبة الديبلوماسية المتفق عليها لن تحقق أبدا ما تحققه الآن المقاومة من بعثرة لأوراق الساعين لتصفية القضية وعدم الأخذ برأي الشعب الفلسطيني، هذه نظرة أكثر الصهاينة اعتدالا بين قوسين “يتعين على الفلسطينيين والمجتمع الدولي الإدراك أن الفلسطينيين لن يحصلوا على استقلال كامل، على الأقل على مدار سنوات طويلة، وأن الحل العملي يتمثل في الحكم الذاتي الطويل الأمد. هناك ثمن لمئة عام من رفض التوصل إلى تسويات أياً كانت”.


لكن الجواب على هذا الهذيان أنه بعد 07 أكتوبر يجب على الصهاينة والغرب والعرب المتصهينة أن يعلموا أن تحرير فلسطين كل فلسطين بدأ، وأن ما كان وسيكون هو استكمال مسار التحرير الذي لن تكون فيه الكلمة إلا للشعب الفلسطيني المقاوم وقيادته الشريفة!


شارك