الكتابة هي التشافي و التعافي من كل الذكريات و المواقف المؤلمة. عند الكتابة، لا أجد سوى معنى السعادة و الحب و الرحمة و البهجة.
عندما أكتب، أدرك قيمة القلم، أقدر معنى الحياة، و أفهم ما هو الشغف و كيف لي أن أصنع من نفسي شخص أكثر وعيا و حكمة بالكتابة. عند الكتابة، أتعلم ما هو الحب، و كيف للحب أن يستمر سنوات طويلة. فالكتابة ليست بعيدة عن الواقع، بل هي جزء متواصل بشكل مباشر و غير مباشر بما يجري حولنا. هي التعبير عني و عنك و عن ذاك البعيد، هي الوسيلة البديعة للبوح بالمشاعر و التعبير عنها بطريقة أكثر صدقا و جمالا.
لم أتخيل يومي بدون كتابة و لو حتى كلمات مبعثرة هنا و هناك، و ان أتخيل أعوامي السابقة دون كتابة شيء يليق بما كتبته إلى الآن. في الكتابة تعلمت أن الحياة مليئة بالمفاجآت السارة و نقيضها، و أن الحياة توليفة من التناقضات ما بين الخير و الشر و أننا نستطيع اختبار ما يناسبنا و نتخلى عن ما يؤذينا. و إلى جانب ذلك، نجد أن الكتابة و على مر التاريخ و العصور استطاعت أن تخلق معاني جديدة، ربما لم نتعلمها إلا من خلال عالم الكتب المدهش.
فعندما أبدأ بكتابة عمل أدبي جديد، أستحضر و بامتياز الطقوس التي تلهمني و تساعدني على مواصلة الكتابة، فأبحث عن السكون و الهدوء، و ساعات الصباح الباكرة جدا. أنظر إلى السماء و أتأمل لحظات الشروق، و أهمس جيدا بزقزقة العصافير و أحمد الخالق على كل النعم الطاهرة و الخفية، فها هي الكتابة.. تجعلني أقدر كل التفاصيل الصغيرة يوما بعد يوم، و أيضا معايشة الآخر و سماعنا لقصصهم و حكايا الناس، و محاولة عدم الخوض في الحكم عليهم مهما كانت ظروفهم و أحوالهم..
شكرا لعالم الكتب.. شكرا لهذا القلم الذي يعلمني كل يوم شيء مختلف، شيء استثنائي يستحق التمعن فيه.. شيء حقيقي.