أطفالي الأربعة (يامن، كنان، أوركيدا، كرمل) أعرف بأنكم أحياء عند الله عزوجل وتسمعونني، لذلك أكتب لكم، وسأظل أكتب لكم، فأنتم معي دائماً…
تُرَى كيف تبدو لكمْ خيمتي في السماءْ؟
وكيف ترونَ هديلَ الحمائمِ فوق
الزهورِ الهزيلةِ من دونِ ماءْ؟
وكيف ترون دموعي التي نبتتْ
نخلةً في دمِ الشهداءْ؟
وكيفَ تَرَوْنَ اشتياقي
الذي يُوقِدُ النارَ تحتَ القدورِ
فإنّي اكتشفتُ حريقاً بصدري
سيكفي على الأرضِ كلَّ النساءْ
تُرَى كيف تبدو لكم أمكمْ في السماءِ وكيفَ تَرَوْنَ حنيني المباح؟ وهل تعلمونَ بأنّي ألاحقكمْ في غناءِ العصافيرِ كلَّ صباحْ وبينَ صراخِ الصغارِ إذا باغتونا وطَوّقَنا الاجتياحْ فأسألُ في خَجَلِ الأمهاتِ تُرَى أوجعوكمْ قبيلَ الرحيل الأخيرِ؟ وهلْ كانَ سهلاً عبورُ شهيدٍ ترجّلَ يمشي بلا قلقٍ فوقَ نصلِ الرماحْ فأسمعُ كركرةً للذينَ احتفَوْا بانتصارٍ عظيمٍ فقدْ سبقونا لرؤيتهِ بينما نحنُ نغرقُ في دمنا المستباحْ
تُرَى كيف يبدو لكمْ بحرُ غزةَ حين اشتهى قبلةً بينما لم يجد أثراً للشفاهْ ! وحينَ تألّمَ شاطئهُ من دَمٍ عَالقٍ في جلودِ الحفاة ! وحينَ بكى مَنْ غَدَوا صورةً مشتهاةْ ! تُرَى بحرنا مثلنا ربُّنا منذ بدءِ الزمان اصطفاه ؟ يجاهدُ أحزانهُ ثمَّ تفضحهُ موجةٌ صرخت من بكاه !
تُرَى كيف يبدو لكم شكل غزَةَ هل تعرفونَ مدى مقلتيها ؟ وهل فيهما أثرٌ للفراشةِ أم ماتَ من ينقشونَ بحنّائهمْ في يديها ؟ وهل تسمعونَ صراخَ البيوتِ التي وقعتْ فجأةً فوق أصحابها ! وهل تعرفونَ بأنَ حجارتها جرحتني وأنّ الركامَ يئنُّ بصدري .. وأنّي قُتِلْتُ مراراً بها .. !
تُرى كيفَ تبدو لكمْ أمكمْ حينما تفتحونَ نوافذكم في السماءِ؟ لتُبصرَ نزفاً تعالى وكنتُ أظنُّ فقدتُ جمالَ عيوني ولكنْ رأيتُ يَدَاً وَضَعَتْ لؤلؤاً فوق عينيْ فزادتْ جمالا وقد علّقتْ فوقَ رمشي الذي تاهَ عنّي هلالا لذلك كان يضيءُ لي الليلُ حين اختنقتُ من الشوقِ فجأةْ ! تقولونَ: إنّا قريبونَ كالكُحل منكِ فلا تحزني كلّما سالَ دمعٌ بعينيكِ دمعٌ بعينِ السماواتِ سالا