مدونات

المرأة في ساحات التحرير.. على خُطى مي سكاف

ديسمبر 11, 2025

المرأة في ساحات التحرير.. على خُطى مي سكاف

بيان الأشمر

 

عندما نرى مشاركة المرأة في المظاهرات واحتفالات تحرير سوريا بشكلٍ واضح وفعال، فإنّ أول ما يخطر في بالنا مثالاً لتأنيث الثورة السورية هي الفنانة الحرّة مي سكاف، التي تعتبر أول فنانة سورية خرجت في مظاهرات دمشق مطالبة بالحرية والعدالة، ومن أوائل السيدات اللاتي شاركن في الحراك السلمي عام 2011.

حيث أضفت مشاركتها آنذاك تنوعاً بفئات الشعب السوري لأنّها كانت من الطائفة المسيحية، ولم يكن نزولها إلى الاعتصامات غريباً عن ميّ، فقد بدأت عملها السياسي المبكر، عندما كانت توزع المناشير اليسارية وهي تقود دراجتها الهوائية في أحياء دمشق وهي طفلة ومراهقة في عهد حافظ الأسد عندما كانوا ينزعون الحجاب عن المرأة السورية حينها في شوارع دمشق.

 وكانت فيكتوريا والدة ميّ، تروي أنّ ميّ عذّبتها طوال حياتها بسبب أنّها ثائرة جامحة متمرّدة.

موقف ميّ عام 2011  

عرفت بمواقفها المؤيدة للثورة السورية منذ بداياتها في سنة 2011 كما أعلنت رفضها لنظام بشار الأسد. ثمّ اعتقلت خلال مظاهرة سلمية مع عدد من المثقفين في دمشق، وبعد عدة أيام أطلق سراحها وحدّد موعداً لمحاكمتها بعد أن نظمت أجهزة الأمن ضبطاً أمنياً في حقّها وأحالتها إلى نيابة “محكمة الإرهاب” التي أحالت بدورها إلى “قاضي التحقيق” لمحاكمتها بتهمة الاتصال بإحدى القنوات الفضائية ونشر أنباء كاذبة. 

وقد أصدر “قاضي تحقيق” النظام السوري قراره باتهامها بالتهم الأمنية المنسوبة لها، وطلب من محكمة الجنايات إصدار مذكرتي قبض ونقل في حقها ومحاكمتها بالتهم المنسوبة لها، عندما توجه إليها بسؤالٍ عن الشيء الذي تريده جرّاء انخراطها في الثورة على النظام، فقالت له: “لا أريد لابني أن يحكمه ابن بشار الأسد”.

فكانت ميّ مثالاً للمرأة السورية في قول الحقّ، فقد عبر صوتها الحدود السورية ليصل إلى لبنان عندما عبّرت قبل خروجها من سوريا عن أسفها وغضبها من موقف حزب الله اللبناني وإعلان تدخله في الشأن السوري، قائلة: “بحرب تمُّوز جمعت لإخوتنا اللبنانيين يلي بالضاحية، تقريباً مية ألف ليرة وجبت لهم على اسمي برَّاد مشان يشربوا مي باردة وتلفزيون ودش مشان يتابعوا الأخبار.. وما ينقطعوا عن أهليهم. ونزلت يومين على الأسواق مشان أشتري بواط وبيجامات للأطفال.. بدي أبعت للسيد حسن نصر الله.. إنه أنا بعتذر.. يرجّع شبيحته عن سوريا.. أو يرجّع لي ديناتي”.

 حينها، نشرت وسائل إعلامية أنَّ نصر الله وصلته رسالة ميّ سكاف، وطلب من موظفين في حزبه الاتصال بها وسؤالها عن المبلغ الذي ترغب في استرداده منه، في إشارةٍ إلى أنَّ مُقاتلي الحزب لن يُغادروا سوريا.

إذاً اضطرت ميّ  إلى مغادرة سوريا مُكرهةً مهاجرةً إلى فرنسا رفقة ابنها عام 2013 واستولى النظام السوري على منزلها في جرمانا في مدينة دمشق.

وبقيت ثابتة على مواقفها تجاه الثورة السورية الشريفة قبل أن تُغادر الحياة بصمت عام 2018 نتيجة تعرضها لنوبة قلبية حادة عن عمر يناهز الـ 45 عاماً.

آخر ما نطقته كان تدوينتها التي جاء فيها “لن أفقد الأمل.. إنّها سورية العظيمة وليست سوريا الأسد ولن أفقد الأمل”.

وها هو النظام البائد قد سقط وانقشع الظلام عن سوريا العظيمة كما حلمت ميّ.. وها هي ذي المرأة السورية تحتفل في ساحات سوريا أجمع، بما أورثته مواقف ميّ من رفضٍ للظلم والطغيان، ستبقى مي أيقونة الثورة السورية، وستبقى مثالاً للمرأة الحرة.

لروحها الحرة السلام..

شارك

مقالات ذات صلة