مشاركات سوريا
الكاتب: علي البرغوث
تُوفيت الفنانة السورية مي سكاف، المعروفة بمواقفها المعارضة، في العاصمة الفرنسية باريس يوم 23 تموز/ يوليو 2018 عن عمر ناهز 49 عاماً، وذلك بعد 5 سنواتٍ من مغادرتها بلدها إثر تصاعد التهديدات والمضايقات المرتبطة بمواقفها السياسية.
ورغم عدم صدور بيان رسمي عن السلطات الفرنسية بشأن سبب الوفاة، أشارت تقارير إعلامية إلى أنّها ناجمة عن سكتة دماغية. وقد وافتها المنية في الغربة، بعد أن عبّرت قبل أشهر قليلة عن أملها بأن تموت وتُدفن في وطنها سوريا. جاء رحيلها بعد فترةٍ وجيزة من وفاة شقيقتها لمى، ثمّ والدتها في دمشق، الأمر الذي عمّق حزنها وأحكم عزلة غربتها.
مي سكاف برزت في المشهد الفني السوري منذ سنوات دراستها الجامعية، حيث درست في كلية الآداب بجامعة دمشق. بدأت مسيرتها المهنية بدور بطولة في فيلم “صهيل الجهات” عام 1991 للمخرج ماهر كدو، ولاحقاً تميّزت بأدوار درامية ذات طابع إنساني معقّد، من بينها فيلم “صعود المطر” للمخرج عبد اللطيف عبد الحميد، ومسلسل “أسرار الشاشة” للمخرج نبيل المالح.
وُلدت سكاف في بيئةٍ مشبعة بالفن والثقافة؛ فخالتها فايزة شاويش كانت ممثلة، وزوج خالتها هو الكاتب المسرحي الراحل سعد الله ونوس، أحد أبرز وجوه المسرح السوري والعربي. هذا الجو الثقافي ساهم في تشكيل وعيها السياسي المبكر، الذي تجلّى في انخراطها في الحراك الشعبي السوري عام 2011، حيث شاركت في المظاهرات منذ أيامها الأولى، ممّا أدى إلى اعتقالها وإحالتها إلى محكمة الإرهاب.
بعد سلسلةٍ من التهديدات ومضايقات ممنهجة، قاطعتها شركات الإنتاج الفني، واضطرت إلى مغادرة سوريا رفقة طفليها، أولاً إلى الأردن ثمّ إلى فرنسا عام 2013. ورغم البُعد، بقي صوتها صادحاً بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات.
نعى ناشطون وشخصيات معارضة مي سكاف بوصفها “أيقونة الثورة” و”الفنانة الحرة”، نظراً لمواقفها الثابتة في وجه القمع والاستبداد. وفي مقابلة سابقة عام 2013 مع الشاعر السوري نوري الجراح، تحدّثت مي عن طفولتها ونشأتها، قائلة: “عشنا جميعاً في بيتٍ فقير غني بالحب والثقافة والإبداع والوطنية التي لا تعرف الاستبداد… أنا مي سكاف، لا أعرف إلا معنى واحداً ووحيداً: يسقط الاستبداد”.
وكان آخر ما كتبته على صفحتها في “فيسبوك” قبل يومين فقط من وفاتها:
“لن أفقد الأمل… إنّها سوريا العظيمة وليست سوريا الأسد.”




