فكر
الكاتب:أسامة عبدالكريم الخلف
يصادف 20 من تشرين الأول/ أكتوبر الذكرى الثامنة لخروج تنظيم الدولة الإسلامية من مدينة الرقة بعد معارك مع التحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية عام 2017، فيما عُرف بعملية “غضب الفرات”.
الحملة العسكرية التي كانت هي الأكثر تدميراً على كامل الجغرافية منذ انطلاق الثورة السورية2011 وتحرير مدينة الرقة من قبضة النظام 2013 والتي تدمرت من خلالها أحياء وأسواق المدينة بشكل كامل بنسبة 90% ووفقاً لأرقام الأمم المتحدة التي استشهدت بها مؤسسة راند، تمّ تدمير أو إلحاق أضرار بنحو 11 ألف مبنى بين شباط/ فبراير وتشرين الأول/ أكتوبر 2017، بما في ذلك 8 مستشفيات، و29 مسجداً، وأكثر من 40 مدرسة، و5 جامعات بالإضافة إلى نظام الري في المدينة.
فيما أظهر تقرير طلبت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) -المكون من 130 صفحة- أنّ معركة الرقة تسببت أيضاً في تدمير عدد كبير من المباني والبنية التحتية، ممّا “أضعف مصالح الولايات المتحدة على المدى الطويل” في المنطقة.
وأشار التقرير إلى أنّ الضربات “المُستهدَفة” والقصف المدفعي لقوات التحالف على الرقة تسببا في سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين بين 6 و30 تشرين الأول 2017، تراوح بين 744 إلى 1600 بحسب إحصاءات التحالف ومنظمة العفو الدولية وموقع “إيروورز” (Airwars) المتخصص.
بالمقابل نشر موقع إعلاميون بلا حدود بالرقة “في الوقت الذي تستعد فيه ميليشيا قسد لإقامة احتفالٍ في الملعب البلدي بما تسميه “ذكرى تحرير الرقة”، يستذكر أبناء المدينة الحقيقة المؤلمة في مثل هذا اليوم.
ذكرى تدميرالرقة في تشرين الأول/ أكتوبر 2017 حيث تحوّلت المدينة إلى ركامٍ فوق ركام بعد أشهرٍ من القصف الجوي والمدفعي الذي نفذته قوات التحالف الدولي.
بالتنسيق مع قسد، تحت ذريعة محاربة تنظيم داعش، لكن الثمن كان باهظاً آلاف المدنيين فقدوا أرواحهم، ومعظم أحياء المدينة سُويت بالأرض، وما زالت حتى اليوم آثار الدمار شاهدة على ما جرى، بين جدرانٍ متصدعة وشوارعٍ لم تعرف الإعمار الحقيقي منذ ذلك الحين.
ثماني سنوات مرّت، وما زالت جراح الرقة مفتوحة، بين أنقاضٍ شاهدة على حجم المأساة، ومدينةٍ تنتظر من يُعيد إليها الحياة والكرامة تنتظر من يعيد إعمارها حقًّا لا شعارات وهمية، ومن يُذكّر العالم أنّ ما جرى لم يكن “تحريرًا”، بل تدميرًا كاملاً لمدينةٍ بأكملها وسكانها الأبرياء”.
وفي الوقت الذي ترفع فيه قسد اليوم راياتها في ساحة الملعب البلدي ما زالت جراح الرقة تنزف
وما زالت ذاكرة أهلها حاضرة لا تمحوها المناسبات الملفّقة ولا الأعلام المرفوعة.
بالمقابل أنتجت الحرب فيما بعد أكثر من 28 مقبرة جماعية بريف الرقة ومركز مدينتها انتشل منها فريق الاستجابة الأولية مايقارب 5000 جثة، قضوا أغلبهم خلال القصف الجوي ولم يستطع آنذاك العالقون من المدنيين دفنهم، فاتخذوا الحدائق والساحات العامة بل والمنازل مقابر جماعية، أبرزها كان:
مقبرة ملعب الرشيد، مقبرة الفروسية، مقبرة البانوراما، مقبرة التاج، مقبرة الفخيخة، مقبرة معسكر الطلائع.
وأصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان عام 2019 إحصائية جاء فيها إلى أنّه خلال معركة غضب الفرات قُتل قرابة 2323 مدنياً في محافظة الرقة بينهم 543 طفلاً و346 سيدة (أنثى بالغة) أي منذ تشرين الثاني 2016 حتى تشرين الأول 2017، معظمهم قُتلَ على يد قوات سوريا الديمقراطية وقوات التحالف الدولي، ودفنهم ذووهم في الحدائق والملاعب، وفي أفنية المنازل أيضاً؛ بسبب عدم قدرتهم على الوصول إلى مقبرة “تل البيعة” نتيجة الحصار الناري، الذي فرضته قوات سوريا الديمقراطية على مدينة الرقة تحديداً، وموقع المقبرة المكشوف؛ الأمر الذي قد يجعلهم عرضةً للاستهداف من قبل قوات التَّحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية.
وأورد التقرير إحصائية تتحدث عن حصيلة الضحايا المدنيين الذين قُتلوا في محافظة الرقة لإعطاء تصوُّر عن حجم الكارثة البشرية التي عانت منها المحافظة، وطبقاً للتقرير فقد بلغت حصيلة الضحايا المدنيين الذين قُتلوا في محافظة الرقة على يد أطراف النزاع منذ آذار 2011 حتى آذار 2019 ما لا يقل عن 4823 مدنياً بينهم 922 طفلاً و679 امرأة.
وفقاً للتقرير فقد قَتل النظام السوري 1829 مدنياً في حين قَتلت القوات الروسية 241 مدنياً، وقَتل تنظيم داعش 942 مدنياً، وقُتل 3 مدنين على يد فصائل في المعارضة المسلحة، فيما قَتلت قوات سوريا الديمقراطية 308 مدنياً، أمّا قوات التحالف الدولي فقد قَتلت 1133 مدنياً، وقُتل ما لا يقل عن 367 مدنياً على يد جهات أخرى.
وأشار التقرير إلى وجود ما لا يقل عن 4247 مختفياً من أبناء محافظة الرقة بينهم 219 طفلاً، و81 امرأة، ما يزالون قيد الاختفاء القسري على يد الأطراف الرئيسة الفاعلة في سوريا منذ آذار 2011 حتى آذار 2019، منهم 1712 شخصاً قد اختفوا على يد قوات النظام السوري، و2125 شخصاً على يد تنظيم داعش، و288 شخصاً على يد قوات سوريا الديمقراطية، و122 على يد فصائل في المعارضة المسلحة.



