تأملات

أُحِبُّكَ يا الله

أكتوبر 19, 2025

أُحِبُّكَ يا الله

أُحِبُّكَ يا الله

– أُحِبُّكَ لأنّكَ خلقتني لأعبدك، وعَرّفتني ماهية العبادة، والتي تبدأ من القلب العابد، المبصر بنورك ما لم تبصرهُ العيون المفتوحة، وأنّ العينَ التي ترى حقًّا هي عينُ القلب، ولا يرى القلبُ إلا حينَ يستطيعُ رؤيتك، ولا يراك إلا حين لا يرى سواك.
– أحبّكَ لأنَّك نفختَ بي من روحك، فأدركتُ أنّ الجسدَ ظاهر الشيء ( فرعه)، وأنَّ الروحَ باطنه (أصله)، وإذا لم يكن الأصلُ طيّباً لا يخضرُّ الفرع، وعبدٌ لا يعرف أصله، لن يصبحَ شجرةً وافرة، بل سيكونُ ذابلاً لا يورقُ، ولا يُثمر، فالروحُ تحتاج إلى ماءٍ عذب لسقايتها، وماء روحي العذب هو نوركَ الذي هي منه وإليه وبه.
– أحبّكَ لأنّك أذقتني حقيقة الفرح، وأنّ للمؤمنِ فرحٌ واحد لا يتجزأ، وهو أن يدك الفاعلة في كل شيء، لذلك أراك في المنع والعطاء، في المحن والمنح، في الظاهر والباطن، في البسط والقبض، في المنع والنفاذ، فكيف لا أفرح؟ وإذنك يسبق كلّ حدثٍ يقعُ في حياتي.
– أحبّك لأنّك لم تجعل الابتلاءَ إلا طريقاً للنورِ والبركة والمدد والجبر، وما كان إلا دليل حبّ، وبطاقة قُرب، ليس لأنّك تحبّ أن تراني حزينة، حاشاك، بل لأنّك تحبّ أن أنكسر بين يديك، وأن أثق بتدبيرك وخطّتك، وأن ألقي بكلّ خططي الواهية والتي لا معنى لها، أمام عظمتك وحكمتك وعلمك القديم بي، فإنّك تعلم الخير لي أكثر من نفسي وإنّك رحيم بي أكثر من أمّي.
– أحبّكَ لأنّك تحبّني، يقيناً بذلك، لأنّ حبي لك (ردة فعل)، وحبك لي هو (الفعل الأول)، لا يغيّر حبّي لك أن تمنع عني، ولا أن تأخذ مني ولا أن يتعسر أمري ولا أن تسلبني أمرا من أموري الدنيوية، ولا أن يحزن قلبي، أنا أحبّكَ جدًّا في كل الأحوال، في الرخاء والشدة، وفي اليسر والعسر، وفي العطاء والمنع، فالله الله في حبّك، يا مالك الملك، ويا مالك قلبي وجسدي وروحي عليّ.
– أحبّكَ لأنّكَ تعلّمني كيف أحبّك، وقد ألقيتَ هذا السرّ في قلبي (استسلمي لأمري)، سرّ كلّ سرّ، وسنام أسنِمَةِ الرضا، وأعظم ما سرى في علاقتي بك، الرضا بأمرك بعين المحبّ لك لا بعين المجبَرِ على هذا، لستُ مُجبَرَة على حبّكَ والرضا بقضائك، إنّني راضية لأنّكَ تستحق ولأنّك أهلٌ لحبّي العظيم، وخضوعي الأتمّ، والذي يليق بالواحد الأحد الماجد الواجد الحي المحيي.
– أحبّكَ لأنّكَ أرسلتَ للوجود، صاحبَ الجود، حبيبكَ سيّدنا محمد ﷺ مرشداً وهادياً ورؤوفاً ورحيماً وحريصاً علينا، يحزن لحزن إخوانه ويفرح لفرحهم، ولأنّكَ تركتَ لي ولكلّ أمّته، رقماً للتواصل معه، ألا وهو الحبّ الصادق، والاتّباع المخلص، والصلاة والسلام عليه، فشكراً يا ربي كما يليق بجمالك وجلالك، يا بديعاً ليس كمثله شيء، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
– أحبّكَ يا الله، وأثقُ بك.

شارك

مقالات ذات صلة