Blog

كيف نجحت ميليشيا الدعم السريع في تشييد مهابط الطيران في السودان؟

أكتوبر 15, 2025

كيف نجحت ميليشيا الدعم السريع في تشييد مهابط الطيران في السودان؟

في ظلّ استمرار الحرب في السودان، تبرز أنشطة ميليشيا الدعم السريع المتمردة في إنشاء مهابط طيران ترابية وتطوير مطارات رئيسية كتهديد استراتيجي للأمن القومي. تقارير استخباراتية وصحفية كشفت عن خطة مدعومة من دولة الإمارات تهدف إلى تعزيز قدرات الميليشيا العسكرية واللوجستية، بما يشمل تهريب الذهب ونقل الأسلحة والوقود. هذا المقال يكشف تفاصيل هذه الأنشطة، ويحلّل تداعياتها، ويقترح حلولاً لمواجهة هذا التحدي.

منذ اندلاع الحرب السودانية في أبريل 2023، عملت ميليشيا الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، على تعويض افتقارها للقدرات الجوية من خلال إنشاء شبكة من المهابط الترابية في مناطق حيوية بشمال كردفان وجنوب دارفور، إلى جانب تأهيل مطارات رئيسية مثل نيالا. هذه الخطوة، التي تُنفذ بدعمٍ لوجستي ومالي من الإمارات، تهدف إلى تمكين الميليشيا من إدارة عملياتها بكفاءة، بما في ذلك نقل القادة والجرحى، وتهريب الموارد مثل الذهب ومخدر (البنقو).

تشير المعلومات إلى إنشاء خمسة مهابط ترابية رئيسية جديدة:
•⁠ ⁠الأول في أم بادر بولاية شمال كردفان، مُخصّص لتهريب الذهب من منجم التي تسيطر عليها الميليشيا.
•⁠ ⁠الثاني في منطقة الردوم بولاية جنوب دارفور، وهو يدعم إمدادات الوقود والمواد الغذائية، ونقل (البنقو)، وهو مصدر تمويل رئيسي للميليشيا.
•⁠ ⁠الثالث في كافي كينجي، بجنوب دارفور، ويُعدّ أحد المراكز لنقل قادة الميليشيا وجرحى عائلة آل دقلو إلى مدينة راجا بدولة جنوب السودان.
•⁠ ⁠الرابع في مدينة راجا؛ بدولة جنوب السودان، وهو نقطة عبور رئيسية للإمدادات العسكرية القادمة من جوبا وواو.
•⁠ ⁠الخامس في أم كدادة، شرق مدينة الفاشر، وهو مهبط سابق لقوات اليوناميد، أُعيد تأهيله لدعم عمليات الميليشيا.

بالإضافة إلى ذلك، تمّ توسيع مدرج مطار نيالا وتجري محاولات إصلاح مطارات الجنينة وزالنجي والضعين، ممّا يعزّز قدرة الميليشيا على استقبال الإمدادات الجوية.

 

دور الإمارات المشبوه

تُظهر التقارير أنّ الإمارات صمّمت هذه الخطة في أبو ظبي، بهدف تعزيز نفوذها في السودان من خلال السيطرة على موارد الذهب ودعم الميليشيا في مواجهة القوات المسلحة السودانية السودانية. يتم تنسيق خطوط الإمداد عبر جنوب السودان وتشاد، حيث تُشرف الميليشيا على نقل الوقود والمواد الغذائية من جوبا إلى راجا، بمشاركة عناصر من جيش جنوب السودان.
في المقابل، تراجع مؤخراً، دعم دولة تشاد للميليشيا بسبب استياء كبار القادة العسكريين من قبيلة الزغاوة في انجمينا؛ من حصار الفاشر، حيث تحمل الفاشر رمزية كُبرى لهم؛ فمنها انطلق الرئيس الراحل إدريس ديبي لاستلام الحكم في تشاد، وحالياً الذين يموتون في الفاشر جراء الحصار والجوع وهجمات الميليشيا هم من أهل القادة في انجمينا، فالتداخل القبلي والاثني مشترك بصورة واسعة بين تشاد والسودان، مما دفع الميليشيا للاعتماد بشكل أكبر على جنوب السودان، وليبيا عبر المثلث الحدودي المشترك، حيث تهبط الطائرات القادمة من الإمارات والتي تحمل التشوين العسكري والمرتزقة الأجانب إلى الميليشيا في مناطق سيطرة المشير خليفة حفتر بشرق ليبيا ومنها تنطلق الشحنات إلى السودان.

تُشكّل هذه الأنشطة تهديداً متعدد الأوجه، أولها تعزيز قدرات الميليشيا؛ في المهابط والمطارات لمنح الميليشيا مرونة لوجستية، ممّا يطيل أمد الصراع. ثانياً تهريب الموارد، حيث يُمول الذهب المهرب عمليات الميليشيا ويعزّز النفوذ الإماراتي. وهنا يبرز بقوة التدخل الخارجي، عبر دعم الإماراتي وتورط جنوب السودان وتشاد وليبيا بصورة مباشرة تهدّد سيادة السودان.

لمواجهة هذا التهديد، يجب على الحكومة السودانية اتباع استراتيجية شاملة تبدأ بمراقبة المهابط باستخدام الطائرات بدون طيار وتقنيات الاستشعار عن بُعد، مع تتبع حركة الطائرات وتهريب الذهب.
وتحييد المهابط، خاصة في أم بادر وكافي كينجي، مع تعزيز الدفاعات الجوية حول مختلف المدن السودانية.
ومن المهم بمكان الضغط الدبلوماسي على الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لفرض عقوبات على الإمارات وجنوب السودان. كذاك مراقبة منافذ تهريب الذهب وفرض عقوبات على الشركات المتورطة. ويصحب ذلك إطلاق حملة إعلامية دولية لفضح الدور الإماراتي ونشر تقارير موثقة تضمن جميع هذه الجرائم العابرة للحدود.

إنّ أنشطة ميليشيا الدعم السريع في تشييد المهابط الترابية وتطوير المطارات، بدعم إماراتي لوجستي يشكّل تهديداً خطيراً لاستقرار السودان والمنطقة. مواجهة هذا التحدي تتطلب ردًّا مدروساً من الحكومة السودانية -مجلسي السيادة والوزراء- التي صارت مؤخراً تتحاشى إدانة الإمارات في أيّ تصريحاتٍ أو بيانات رسمية، وعليها أن تستغلّ الفرص المتاحة لتقويض قدرات الميليشيا واستعادة الاستقرار.

كما يجب على المجتمع الدولي اتخاذ خطوات حاسمة لوقف التدخلات الخارجية وحماية سيادة السودان، وفقاً للقوانين والأعراف والاتفاقيات الدولية، لمجابهة أكبر أزمة إنسانية يشهدها العالم مؤخّراً.

 

•⁠ ⁠صحفي ومحلل سياسي سوداني

شارك

مقالات ذات صلة