آراء
للأسف، أصبحت الشقيقة دولة جنوب السودان متورطة حتى أذنيها في الحرب السودانية، من خلال دعمها للميليشيا بفتح أراضيها لاستضافة قادة آل دقلو، وعلاج كبار مقاتلي الدعامة في مستشفيات جوبا، كما أصبحت مدن جنوب السودان الشمالية معبراً لتصدير الأسلحة والعتاد العسكري للميليشيا، وسماحها بانضمام آلاف المرتزقة الجنوبيين -خصوصاً جنود المدفعية والمشاة- إلى صفوف الميليشيا.
هذا دون الحديث عن الحملة الممنهجة من جرائم القتل والنهب التي تعرّض لها السودانيون مؤخراً في مدن الجنوب، حتى تمّ إجلاؤهم من الجنوب في صورة مأساوية، عكس ما كان يستقبل به الشمال الجنوبين في جميع حروبهم.
يعلم سلفا كير وجيشه الشعبي جيداً أنّ الخرطوم، إذا استعادت عافيتها، سترد الصفعة، لكنهم كانوا يراهنون على سقوطها.
رسائل جهاز المخابرات العامة السودانية القوية والساخنة التي تلقاها العجوز سلفا كير أقلقت مضجعه، فهو يدرك جيداً أنّ مساحات المناورة تضيق شيئاً فشيئاً في ظل زحف الجيش السوداني حتى كردفان، وتحريره للمدن والمناطق، مع استنزاف الميليشيا الممنهج وتراجعها المستمر.
إضافة إلى خطّ أنابيب نقل البترول، وهو الشريان الحيوي للجنوب، الذي يمر عبر السودان ويشغله السودان. وفوق ذلك كلّه، بلاده تتخبّط في صراعاتٍ وتمردات، واتفاق سلام هش مع نائبه الأول رياك مشار؛ الذي تتم محاكمته هذه الأيام، و”جيش النمل الأبيض” الذي يضرب بقوة في أرجاء الجنوب.
لكل ذلك، أرسل سلفا وزير خارجيته ماندي سيمايا لمحاولة كسب الوقت والتنصل ممّا تفعله جوبا ضد السودان من تآمر وبيع وخيانة.
سلفا بعث برسالةٍ خطية إلى رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقال وزير خارجية جنوب السودان إنّ الرسالة تتصل بمسار العلاقات الثنائية القائمة بين البلدين، بما يحقق المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين، إلى جانب بحث القضايا ذات الاهتمام المشترك -ولكن (يقتلوا القتيل ويمشوا في جنازته)- شايف الاستهبال ده كيف؟
نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار، قال إنّ السودان حريص على ترقية وتطوير العلاقات الثنائية مع جنوب السودان، ودفع آفاق التعاون المشترك في جميع المجالات، وأكد أهمية التنسيق بين البلدين في المجالات الاقتصادية والتجارية وأمن الحدود بما يعزّز المصالح المشتركة لشعبي البلدين.
من المشين أن يتم استقبال وزير خارجية دولة بالورود والابتسامة، وهي تفتح حدودها على مصرعيها لإجلاء جرحى الميليشيا عبر الطائرات التنزانية، وتفوج جنودها كمرتزقة في صفوف الميليشيا.
لك أن تتخيل أنّه حتى لحظة وجود الوزير الجنوبي في السودان، يتم معالجة جرحى آل دقلو في مستشفى (ملوك النيل التخصصي) في جوبا.
إدارة شؤون الدولة الخارجية والسياسية يجب أن تتم بطريقة مختلفة عن دبلوماسية الخنوع والضعف والتخاذل، يا سعادة وزير الخارجية محيي الدين سالم، وليس لأنّك قادم للوزارة من جوبا أن تستصحب صداقاتك وعلاقاتك وتصبغ بها توجهات الدولة، وتدير خدّها الأيسر لتصفعه كما صفعت جوبا الخد الأيمن، وهي تحمل خنجرها خلف ظهرها كما عودتنا!.
عليك يا سالم أن تطالب جوبا بطرد جنود وقادة الميليشيا من أراضيها، وأن تغلق حدودها، وتكف أذاها عن السودان، وإلا فليتم خنقها عبر العديد من أوراق الضغط، وبالتأكيد ليست من بينها جلب العار والذل والهوان بمصافحة الخونة وهم يحرقون السودان!