سياسة

سوريا تسرّع المحادثات مع إسرائيل تحت ضغط أمريكي

سبتمبر 17, 2025

سوريا تسرّع المحادثات مع إسرائيل تحت ضغط أمريكي

الكاتب: أحمد الضاهر

 

نقلت وكالة رويترز عن مصادر مطلعة أن سوريا تتحرّك تحت ضغط الولايات المتحدة لتسريع المحادثات مع إسرائيل، من أجل التوصّل إلى اتفاق أمني يهدف إلى إعادة تفعيل المنطقة العازلة المنصوص عليها في هدنة 1974، ووقف الغارات والتوغّلات الإسرائيلية في الجنوب، دون أن يشمل ذلك حالياً ملف الجولان المحتل، الذي أُجّل للنقاش في مرحلة لاحقة.

 

وفق المصادر، تسعى واشنطن لتحقيق تقدم ملموس قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك نهاية هذا الشهر، لتمكين الرئيس الأمريكي من الإعلان عن “اختراق” دبلوماسي. إسرائيل، من جانبها، لا تبدو مستعدة لتقديم تنازلات كبيرة، ومتمسّكة بمكاسبها الميدانية.

 

 

تصريحات الشرع: الثبات على الموقف السوري

 الرئيس السوري أحمد الشرع قد أدلى بتصريحات واضحة في مقابلة مع القناة السورية “الإخبارية” ومن وسائل سورية رسمية أخرى  أكد خلالها أن سوريا تحاول الدخول في مفاوضاتٍ أمنية مع إسرائيل تستهدف إعادة تطبيق اتفاقية فك الاشتباك لعام 1974، أو ما يشبهها من الترتيبات الأمنية. وشدد على أنّ أيّ تفاهمٍ أو اتفاق لا يمكن أن يكون على حساب الجولان المحتل، فهو خطّ أحمر لا يُتنازل عنه.

 

كما قال إن إسرائيل حاولت مراراً أن تستغلّ ضعف سوريا لإدخالها في صراعات أو تجاوزات أمنية، أو أن تُحوّل بعض المناطق السورية إلى ساحاتٍ للصراع مع دول إقليمية مثل إيران.

 

 و شدد على أن سوريا تُبدي التزاماً باتفاق فك الاشتباك لعام 1974 منذ اللحظة الأولى، وأنها تقدّمت بطلبٍ لإعادة انتشار مراقبي الأمم المتحدة (UNDOF) في مواقعهم ضمن المنطقة منزوعة السلاح. وأوضح أيضاً أن التسوية الأمنية التي تُبحث يجب أن تُبنى على خطوط 1974، وأن تُعيد الوضع إلى ما كان عليه قبل التوغّلات والإخلالات، دون التنازل عن السيادة أو الأراضي المحتلة.

 

 

ردّ إسرائيل: تصريحات وتحذيرات

من جهة إسرائيل، وردت عدة مواقف وتصريحات تُوضّح الخطوط الحمراء التي لا ترغب تل أبيب في تجاوزها، وهي أنّ إسرائيل لن تسمح بوجود قوات من الجيش  في الجنوب السوري (مناطق قريبة من الجولان أو المحافظات مثل قنيطرة، درعا، والسويداء) دون أن تكون هناك ضمانات أمنية واضحة تعيد التوازن.

 

 وقد أعلن وزير الدفاع يسرائيل كاتس أنّ إسرائيل ستحافظ على الأجزاء الأمنية من المنطقة الحدودية، خصوصًا حماية القرى والمستوطنات الإسرائيلية القريبة والجالية الدرزية.

 

كما تصرّ تل أبيب على أنّ أيّ اتفاقٍ أمني يجب أن يضمن عدم وجود ميليشيات مسلحة أو جماعات تُعتبرها “تهديداً” داخل المناطق الحدودية السورية، خاصة فيما يتعلّق بدور إيران وحلفائها.

 

تحليل سياسي: ماذا يعني هذا الاتفاق؟ ولماذا الآن؟

الخبيرة في الشؤون الشرق أوسطية، د. ليلى الحمد، تقول: إنّ الموقف السوري يُظهر رغبة فعلية في التفاوض، لكن مع خطوط حمر ثابتة. التحدي الأكبر ليس ما تطرحه واشنطن فقط، بل ما يمكن لسوريا تقديمه فعلاً دون أن تخسر شرعيتها الداخلية. أما إسرائيل، فمن مصلحتها استثمار أيّ تراجعٍ دبلوماسيّ سوري لتعزيز موقفها الأمني على الأرض.

 

من جانب آخر، محلّل إسرائيلي، إيهود يائري، يرى أنّ إسرائيل قد تُظهر مرونة إذا كانت التنازلات مجتمعة مع ضمانات أمريكية ودولية قوية، خصوصاً في مراقبة الحدود ومنع أيّ أنشطة إيرانية أو شبه عسكرية قربها. لكنها ليست مستعدة لإعادة الخطوات الكبيرة التي قد تُوثر على أمنها الاستراتيجي.

 

 

اتفاق 1974 والجولان المحتل

اتفاقية فك الاشتباك بين سوريا وإسرائيل وُقّعت في أيار/ مايو 1974 بعد حرب أكتوبر 1973، برعاية الولايات المتحدة والأمم المتحدة. نصّت الاتفاقية على إنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح تفصل بين القوات السورية والإسرائيلية في الجولان، تخضع لمراقبة قوات الأمم المتحدة (UNDOF).

 

ورغم التزام دمشق بالاتفاقية لعقود، إلا أنّ إسرائيل ما تزال تحتل معظم الجولان منذ عام 1967، وأعلنت ضمّه عام 1981 في خطوة لم تعترف بها الأمم المتحدة. ويعتبر ملف الجولان من أعقد القضايا في الصراع السوري الإسرائيلي، إذ ترفض دمشق أيّ تسوية لا تضمن استعادته كاملاً.

 

تبدو المحادثات السورية الإسرائيلية الراهنة أقرب إلى تسوية أمنية مرحلية تقتصر على وقف الغارات والتوغّلات، وإعادة عمل قوات الأمم المتحدة في المنطقة العازلة، بينما يبقى ملف الجولان خارج الطاولة. وبينما تسعى واشنطن لتسويق أيّ تقدّمٍ باعتباره إنجازاً دبلوماسياً، تتمسك دمشق بثوابتها الوطنية، وتصر إسرائيل على أولوياتها الأمنية، ما يجعل مستقبل هذه المفاوضات رهنًا بقدرة الأطراف على تحويل التعهدات السياسيّة إلى التزامات ميدانيّة قابلة للاستمرار في بيئة إقليميّة متقلبة.

شارك

مقالات ذات صلة