سياسة

الصهاينة الوطيفيين وادّعاءات الوساطة: عن الدور المصري

يونيو 22, 2024

الصهاينة الوطيفيين وادّعاءات الوساطة: عن الدور المصري

لم تكن تحتاج السلطة الحاكمة في مصر لاختبار حتى تثبت مطلق انحيازها للعدوّ، وكراهبتها وعداءها للمقاومة وفلسطين (القضيّة والمعركة والاختبار الدائم)، والأمر في اعتقادي متجاوزٌ كثيرًا لحسابات المصلحة وإن كانت طرَفًا فيه، إنّما هو ارتباط عضوي بين الجانبين (السلطة والصهيونية) مما يجعلنا نسقط مصطلح الدكتور المسيري رحمه الله “الصهيوني الوظيفي”  بقلبٍ مطمئنّ على السلطة في بلادنا.

 

لا يمكن ابتداءً إغفال ما صرّح به نتنياهو في بداية الإبادة للحكام العرب صراحةً: “نحمي وجودكم على الكراسي فادعمونا وإلا ستندمون”، لأن حماية مصالح الكيان ووجوده قبلها يبدو شرطًا منشئًا لأيّ سلطة في بلادنا المسكينة/المحتلّة، ولو على حساب المواطنين ومصالحهم والوطن وحدوده ووجوده .

 

وسلطة الحكم في بلادنا لم تترك مجالاً وفوّتت فيه الفرصة لإثبات ذلك بالدليل القاطع/القاسي، ليس ابتداءً من عدائها للثورة ولكلّ حركة تغيير في الداخل، ولا انقلابها على حكم مرسي وإخوانه، ولا تيران وصنافير ولا اتفاقات الغاز(التي تستخدم الآن في ليّ ذراع مصر لضمان ما بعد الرضوخ استجابة لطموحات وأمنيات المخبول نتنياهو)، والتفاهمات/الشراكات الأمنيّة (التي أقرّ باستراتيجيتها العدو ذاته)، ولا اعتقال المقاومين أو تسليمهم أو إخفائهم، ولا تصفية أي حراك أو خطاب ينحاز للمقاومة ويعادي الصهيونيّة وجرائم الإبادة ومنع واعتقال من يرفع علم فلسطين في أي تجمّع رياضي أو فني أو جامعي، بل واستهداف كل من يبدي تعاطفًا ولو إنسانيًّا مع المقاومة ولو في مقطع مصوّر.

 

هذا بخلاف تصريحات مسئولي السلطة بدءًا من رئيسها أو وزير خارجيتها أو رئيس وزرائها وغيرهم، التي تصرّ على تجريم الفعل الباسل في ٧أكتوبر، وتنزع عن المقاومة والشعب الفلسطيني الحقّ في دولته وعودة مطروديه ومقاومته للاحتلال، كما لا تترك فرصة إلا وتعبّر عن كراهيتها وعدائها الحاسم لهذا المشروع “المقاومة”، لا لصبغته الإسلاميّة فحسب -وتاريخ الصراع بينهما حاشدٌ في مصر وغيرها- ولا لموقفهم من الانقلاب على مرسي قبل ١١عامًا، ومشاركاتهم المعلومة في دفع الانقلاب و”مقاومته”.

 

ولا حتى لسوابقِ الخلافات الكثيرة -حد الصدام- بين الطرفين (السلطة والمقاومة) في غالب الملفّات، وإن كانت عرضًا لا سببًا، خاصّة مع تعمّقها الأخير بعد السابع من أكتوبر، تعاطيًا مع ادّعاء الوساطة وأداء دورها بهزلية واستخفاف بعقول الجمهور والأطراف، والذي جاء ختامه بتهديد قادة المقاومة بتسليمهم للعدو حال رفض الرضوخ لمقترح الأمريكان الأخير.

 

طابور الجرائم غير منتهٍ؛ وأحسب أن المقاومة بفصائلها أقدر على التصنيف ولو اضطرّت -فقرًا لا حكمة- لكتمان غالب موقفها، خاصةً وقد تُركت وحيدةً تمامًا، لولا المحور الذي تنتمي له ويساندها وحدَه. لن أنسى تصريحات أعضاء بالمكتب السياسي لحركتي الجهاد الإسلامي وحماس في ٢٠١٣، أي قبل انكشاف ورقات التوت الأخيرة، والذي لم يتردد فيه أحدٌ منهم عن وضع السلطة الحاكمة في مصر بحسم في خانة “الشقيق الخائن” إن لم يكن العدو صراحةً.

 

واللحظة الحالية تكشف السبب، وتفضح الجريمة، فذات الجباة “تجّار الحروب” الذين يتركون الأهل يموتون على المعبر إن لم يدفعوا ٧٠٠٠-١٢٠٠٠ دولار، ويتركون آلاف الشاحنات تتعفن محتوياتها على جانبي الطريق، هم الذين يفتحون طابا على مدار ٢٤ ساعة للصهاينة ليحتفلوا بأعيادهم برسوم تبلغ فقط ٩ دولارات تقريبًا، و قالت وزيرة النقل أنّ حكومة العدو اتفقت مع “مصر” على فتح المعبر على مدار اليوم لاستقبال الآلاف يوميًّا للاحتفال تحت شعار “الرجوع لسيناء”، بوقاحة وفُجر غير مبرّرين مطلقًا إلا في سياق “خدمة الصهيوني لأخيه الصهيوني” بعيدًا عن الظروف المحيطة.

 

 ويبدو أن الكثيرين بدأوا خطاباتهم من منطلق ضعف السلطة وعجزها فراحوا يفكّرون في سبل دعمها بمواجهة الصهاينة، غير مدركين لكون هذا أداء انحياز لا عجز. ثم يأتي مغفّلٌ أو مُلفّق بعدها ليحدّثنا عن “جهود الوساطة” والدعم التاريخي لفلسطين والقضيّة.

شارك