سياسة

المشهد السوري: منافسة دبلوماسية ملحوظة بين أنقرة وباريس، ودمشق تستعد لإجراء أول انتخابات برلمانية بعد مرحلة سقوط نظام الأسد. وتظل أزمتا قسد والسويداء في صدارة الاهتمام المحلي والإقليمي

أغسطس 25, 2025

المشهد السوري: منافسة دبلوماسية ملحوظة بين أنقرة وباريس، ودمشق تستعد لإجراء أول انتخابات برلمانية بعد مرحلة سقوط نظام الأسد. وتظل أزمتا قسد والسويداء في صدارة الاهتمام المحلي والإقليمي

تقرير دوري – آب / أغسطس 2025

تشهد سوريا تحولات متعددة الأبعاد على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية، حيث تتصدر أزمتا السويداء و”قسد” المشهد وسط منافسة دبلوماسية بين القوى الإقليمية والدولية لاحتواء المفاوضات السورية، وتستعد دمشق لإجراء أول انتخابات برلمانية ما بعد سقوط النظام السابق، بينما تعزز تعاونها العسكري مع تركيا وروسيا لمواجهة التحديات الأمنية. على الصعيد الاقتصادي، تشهد البلاد مشاريع بنية تحتية كبرى وإصلاحات نقدية جريئة، تبقى رهينة بمعالجة الجذور الهيكلية للأزمة.

الوضع السياسي: دبلوماسية معقدة وصراعات إقليمية

·  بعد مُضيّ نحو شهرين على اندلاع أحداث السويداء، ما تزال تطورات المحافظة تحتلّ صدارة المشهد السوري، مع مؤشرات متزايدة على تعقيدها وتحوّلها إلى ورقة ضغط سياسية وأمنية متعددة الأبعاد، داخلياً وإقليمياً. وقد تجلّى هذا التعقيد من خلال انعقاد اجتماع عمان، الذي مثّل بداية لمسار تفاوضي وزاري بمشاركة المبعوث الأمريكي، مما يشير إلى رغبة في إنشاء مسار إقليمي بديل عن مسار باريس الدولي للتعامل مع ملفّين شائكين: الملف الكردي والملف الدرزي.

كما جاءت زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى دمشق حاملةً رسائل واضحة بضرورة تعزيز التنسيق مع حكومة الشرع، خاصة في أعقاب مؤتمر “وحدة المكونات” في الحسكة شرق الفرات، وتصاعد التنافس الفرنسي التركي على الملف الكردي، فضلاً عن العودة الحذرة للدور الروسي. ووفقاً للمعلومات التي تم تناولها على نطاق واسع، فإن فيدان دعم بشكل واضح تجميد مسار باريس، خاصة بعد مؤتمر الحسكة الذي عزّز النزعة الرافضة للمسار الفرنسي، انطلاقاً من اعتبار أنقرة أن باريس “منحازة للأكراد”. وردّاً على ذلك، أعلنت الحكومة السورية رسمياً تجميد المفاوضات مع الأكراد في باريس، وقد بات واضحاً أن الصراع الفرنسي التركي حول الملف الكردي، والتنافس التركي الإسرائيلي على ملف السويداء وترتيبات الجنوب، يمثّلان مؤشراً على بروز تصدّعات في تحالف داعمي الحكومة السورية، وبداية مرحلة جديدة من الصراع بين الأجندات الخارجية المتقاطعة على الأرض السورية.

·  شكّل الإعلانُ الرسمي عن اللقاء الذي جمَع وزير الخارجية السوري “أسعد الشيباني” بوفد إسرائيلي في باريس منعطفاً غير مسبوق في العلاقات السورية الإسرائيلية. يُعتبر هذا اللقاءُ الأولَ من نوعه الذي يُعلن عنه رسمياً من جانب دمشق، مما يفتح البابَ أمام تساؤلاتٍ عديدة حول التحولات الاستراتيجية المحتملة في السياسة الخارجية السورية. اللقاء في سياق إقليمي بالغ التعقيد، تتسابق فيه القوى الإقليمية على تعزيز نفوذها، وتستثمر إسرائيل بشكل خاص في استغلال حالة التمرد في السويداء ومناطق الأكراد، بهدف تقويض الدور الجيوسياسي التقليدي لسوريا التي تسعى بدورها لإنهاء التدخل الإسرائيلي في أراضيها.

ويرى بعضُ المراقبين أن هذه الخطوة لا تعكس بالضرورة استراتيجية بعيدة المدى، بل هي محاولةٌ لحل بعض الخلافات الداخلية التي تعيق استقرار الدولة الجديدة. ووفق هذه الرؤية، فإن دمشق تسعى من خلال هذه الدبلوماسية النشطة إلى تهدئة التخوّفات الأمنية الإسرائيلية، وتبريد ملف الأقليات، وكبح النزعات الانفصالية. في المقابل، وصف آخرون هذه الخطوة “بالمجانية” والمخاطرة كبيرة، كونها تمنح إسرائيل شرعيةً دبلوماسية دون ضمان حصول دمشق على مقابل ملموس. بالمحصلة ربما تمثل هذه اللقاءات المثيرة للجدل؛ فرصةً لاحتواء الأزمات الداخلية وإدارة الملف الإقليمي شريطة قدرة الحكومة السورية على تحقيق توازن دقيق بين متطلبات المرحلة الانتقالية والحفاظ على الثوابت الوطنية، وسط بيئة إقليمية ودولية بالغة التعقيد.

·  أصدر مجلس الأمن بياناً رئاسياً بالإجماع، حيّا فيه إدانة الحكومة السورية للعنف في محافظة السويداء وإجراءاتها في التحقيق ومحاسبة المسؤولين، وشدد البيان على التزام المجلس القوي بسيادة سوريا واستقلالها ووحدتها الإقليمية، مما يمثل تحولاً ملحوظاً في موقف المجلس مقارنة ببيانه السابق بشأن أحداث الساحل في آذار/ مارس 2025. وتجلى هذا الاختلاف في عدة مؤشرات عملية: امتناع المجلس عن عقد جلسة طارئة بشأن أحداث السويداء على عكس ما حدث في أزمة الساحل، وصياغة البيان بصيغة عامة تدين العنف دون تخصيص أي طائفة معينة، وإصدار بيان شامل تضمن إدانة ضمنية للاعتداءات الإسرائيلية والتأكيد على احترام اتفاقية 1974. هذا التحول الإيجابي في الموقف الدولي يعود غالباً إلى تغير الموقف الأمريكي تجاه الحكومة السورية بعد لقاء الرئيسين الشرع وترامب في أيار/ مايو 2025، والتوافق الدولي الداعم للحكومة السورية خصوصاً 

من دول أوروبا وروسيا والصين التي كان له نصيب من لقاءات أو جولات وزير الخارجية السوري.

الوضع الاجتماعي والمحلي: الانتخابات البرلمانية وتحديات التمثيل

·  يمثّل المرسوم الانتخابي الذي أُصدر بالمصادقة على النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب محاولةً لتنظيم المشهد السياسي وإدارة المرحلة الانتقالية وتأمين غطاء قانوني للقرارات التشريعية بما يمهد لمرحلة دستورية دائمة لاحقة. المرسوم ينص على تشكيل مجلس يتألف من 210 أعضاء، يُعيّن الرئيس ثلثهم مباشرة، في حين تُوزّع المقاعد المتبقية وفق التوزيع السكاني للمحافظات، ويُحصر حق الترشح بعضوية المجلس بأعضاء “الهيئات الناخبة” المعتمدة في القوائم النهائية، والتي شُكّلت بأمر مرسوم رئاسي سابق وفق هيكلية هرمية أثارت إشكاليات حول طبيعة التمثيل الشعبي، خاصة في ظل غياب ملايين النازحين واللاجئين الذين لا يشاركون في العملية الانتخابية. ورغم أن الانتخابات بشكلها الحالي خطوة ضرورية لبناء مؤسسات الدولة خلال المرحلة الانتقالية وملء الفراغ التشريعي، شكك البعض في جوهره باعتبار أن الهيئات الناخبة تجعل من الرئيس المُعيّن الفعلي للبرلمان، خاصة مع تخصيص ثلث المقاعد للتعيين المباشر.

العملية الانتخابية تواجه تحديات عدة، منها الوضع الأمني غير المستقر في العديد من المناطق، واستبعاد مناطق مثل الرقة والحسكة والسويداء من المشاركة في الوقت الراهن بسبب وقوعها خارج سيطرة ومراقبة الدولة، بينما تبقى مصداقية هذه العملية رهينة بقدرة السلطات على توسيع قاعدة المشاركة وضمان شمولية التمثيل في المستقبل، خاصة مع عودة النازحين واستقرار الأوضاع الأمنية في عموم البلاد.

الوضع الأمني والعسكري: تعاون دولي ومحلي متشابك

·  على صعيد الأمن الداخلي، حقّق جهاز الأمن في وزارة الداخلية السورية نجاحات لافتة تمثّلت في تفكيك شبكات إرهابية شمال وجنوب البلاد، وإحباط هجمات كبرى، وضرب شبكات المخدرات، وملاحقة عناصر من نظام الأسد السابق واعتقال مرتكبي انتهاكات حقبة النظام المخلوع. إلا أن هذه الصورة الإيجابية شابتها انتهاكات وتجاوزات عدة شملت اعتقالات تعسفية وحالات تعذيب ووفيات داخل مراكز الاحتجاز، مما أثار غضباً شعبياً واسعاً دفع وزارة الداخلية السورية لحزمة وعود وإصلاحات شملت إنشاء منصة إلكترونية لتلقي شكاوى المواطنين، والوعود بمحاسبة المتورطين. وتعود جذور هذه الانتهاكات إلى تسلل عناصر غير منضبطة خلال عمليات التجنيد السريع دون تدقيق كاف في خلفياتهم أو ولاءاتهم. ويبقى التحدي الأكبر أمام القيادة الأمنية هو تحويل هذه الإصلاحات إلى واقع ملموس، واستعادة ثقة السوريين الذين ما يزالون يعانون من ذاكرة مؤلمة جراء انتهاكات الماضي.

 

·  على الصعيد الميداني والعسكري، نفذت القوات الأمريكية بالتعاون مع القوات الحكومية السورية عملية عسكرية مشتركة في بلدة أطمة بمحافظة إدلب، أسفرت عن مقتل قيادي بارز في تنظيم “الدولة الإسلامية” كان يشغل منصباً مالياً مهماً، ويُعتبر مرشحاً محتملاً لمنصب “أمير داعش في سوريا”، بما يعكس تطوراً ملحوظاً في التنسيق الأمني بين الجانبين، حيث تأتي هذه العملية بعد عملية مماثلة في الباب بريف حلب الشرقي في تموز/ يوليو الماضي العمليات تؤكد استمرار الأولوية الأمنية الأمريكية في مكافحة الإرهاب رغم التعقيدات الجيوسياسية في المنطقة، وتكشف عن تحول في الاستراتيجية الأمريكية التي تجمع بين العمل العسكري المباشر والتعاون الميداني مع الحكومة السورية كجزء من التزام استراتيجي طويل الأمد لهزيمة التنظيم بشكل دائم وحماية المصالح الأمريكية.

 

·  في خضمّ التحديات المحلية المستمرة، واصلت الحكومة السورية تعزيز تعاونها الاستراتيجي مع تركيا، حيث توجّ هذا التعاون مؤخراً بتوقيع اتفاقية تعاون عسكري مشترك بين البلدين. تنص الاتفاقية على تزويد الجيش السوري بأنظمة أسلحة ومعدات لوجستية، إلى جانب تقديم برامج تدريبية واستشارية متخصصة. كما تشمل الاتفاقية تحديث الهياكل التنظيمية والأنظمة العسكرية وتعزيز قدرات القيادة والسيطرة. ورغم أن الاتفاقية لم تتضمن نصاً صريحاً بإنشاء قواعد عسكرية تركية على الأراضي السورية، إلا أن متطلبات تدريب القوات السورية تستلزم وجوداً عملياتياً لبعثات تركية في مواقع عسكرية محددة لتقديم الدعم والتدريب المستمر، ما يعني إمكانية إنشاء مثل هذه القواعد مستقبلاً.

 

من الناحية الاستراتيجية، فإن هذا التعاون العسكري قد لا يمنح سوريا حمايةً كاملة من التهديدات المحتملة، خاصة من الجهة الإسرائيلية، لكنه يضيف بُعداً جديداً لتعقيد المشهد الميداني والإقليمي. فمن شأن الوجود العسكري التركي المحدود أن يحد من هامش المناورة الإسرائيلية في استهداف المواقع السورية، حيث ستضطر إسرائيل إلى مراعاة الحساسيات السياسية والعسكرية مع تركيا.

 

·  على الجانب الآخر، وبعد أيام فقط على زيارة لافتة لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى موسكو على رأس وفد رفيع المستوى، برزت مؤشرات واضحة على إعادة روسيا تموضعها في الساحة السورية. تجلّى ذلك من خلال تعزيز الوجود الروسي في مطار القامشلي، إلى جانب حديث عن استئناف الدوريات الروسية في شمال شرق سوريا والمناطق الجنوبية. تُظهر هذه التطورات أن السلطات السورية تُعطي أولوية لعودة دوريات الشرطة العسكرية الروسية إلى مواقعها السابقة في المحافظات الجنوبية، بما يخدم هدف منع التدخل الإسرائيلي في الشؤون الداخلية. كما يشير تنامي النشاط الروسي في منطقة القامشلي إلى تعزيز متزايد للتعاون الاستراتيجي بين الحكومة السورية وموسكو وتركيا، في إطار مساعي تعزيز الاستقرار والأمن في مختلف المناطق السورية ويحرم قسد من توظيف الوجود الروسي لصالح مشاريعها في المنطقة.

 

أزمة السويداء: تداخلات محلية وخارجية

·  تتعقد الأزمة في محافظة السويداء رغم الجهود الدبلوماسية المبذولة، حيث ما تزال التوترات القائمة بين المكونات المحلية والعوامل الخارجية تشكل تحدياً كبيراً أمام تحقيق استقرار دائم في المنطقة. فرغم الاتفاق الثلاثي الأمريكي السوري الأردني على تشكيل “مجموعة عمل” لتعزيز وقف إطلاق النار وإيجاد حل شامل، تواجه الأزمة تعقيدات جيوسياسية متعددة حيث تُصر إسرائيل على توظيف ملف الأقليات لزعزعة استقرار دمشق عبر إرسال مساعدات طبية ونقل جرحى إلى المشافي الإسرائيلية، بالإضافة إلى تقارير عن تزويد المجلس العسكري بالسلاح وسط مساع إسرائيلية لفتح معبر إنساني يصل الجولان المحتل بالسويداء، بينما يسعى “الهجري” لاستغلال التوتر بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) لتعزيز مطالب الحكم الذاتي من خلال مشاركته الفاعلة في المؤتمر الذي نظمته قسد في الحسكة لدعم نموذج الحكم اللامركزي، مما أضاف بُعداً جديداً من التعقيد على المشهد السوري.

 

أما محلياً، فتتجه القوى المحلية في السويداء نحو ترسيخ استقلاليتها من خلال إعلان تشكيل “اللجنة القانونية العليا” التي أنشأت بدورها مكتباً تنفيذياً لإدارة الخدمات وجهازاً للأمن الداخلي. كما أعلنت عدة فصائل مسلحة اندماجها تحت مسمى “الحرس الوطني” كممثل عسكري للدروز في المحافظة، مع تأكيد ولائها الكامل للزعيم الروحي حكمت الهجري.

بالمحصلة، استمرار الخروقات لاتفاق وقف إطلاق النار، وتصاعد الخطاب المتشدد من بعض زعماء الطائفة، وإصرار قوى خارجية على استغلال الأزمة، كلها عوامل تجعل من حل الأزمة مهمة شاقة تتطلب أكثر من مجرد إجراءات تهدئة مؤقتة، بل حل شامل يلامس جذور المشكلة ويحفظ وحدة سوريا وسيادتها.

 

قسد: مؤتمر الحسكة وانعكاساته

·  عُقِدَ مؤتمر قوات سوريا الديمقراطية في الحسكة تحت شعار “وحدة موقف مكونات شمال شرق سوريا”، بمشاركة أكثر من 400 شخصية من خلفيات عرقية ودينية وسياسية متنوعة، في خطوة طموحة تهدف إلى بناء تحالف واسع يدعم نموذج اللامركزية الإدارية بديلاً للنظام المركزي التقليدي. وقد مثل المؤتمر محاولة لإرساء أسس ما يمكن وصفه بـ “حلف الأقليات” المناهض لموقف الحكومة السورية. ورغم تميز المؤتمر بمشاركة لافتة لشخصيات متنوعة، بما في ذلك الزعيم الدرزي حكمت الهجري ورئيس مجلس العلويين الشيخ غزال غزال عبر الاتصال المرئي، إضافة إلى ممثلي العشائر العربية والتركمانية ونشطاء محليين. إلا أن الغيابات البارزة شملت المنظمة الآثورية والمجلس الوطني الكردي، فضلاً عن مشايخ الصف الأول والثاني من عشائر وقبائل كبيرة في المنطقة. وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، أثار تساؤلات حول عمق الخلافات ضمن سلطات إدارة شرق الفرات. المؤتمر أثار أيضاً غضباً شديداً في دمشق، التي اعتبرته خرقاً صريحاً للاتفاق الموقع في آذار/ مارس 2023 ومحاولة لإعادة إنتاج نظام الأسد بأشكال جديدة. وجاء رد الحكومة السورية حاسماً بالانسحاب من مفاوضات باريس المقبلة، في خطوة تعكس تصعيداً واضحاً في الموقف.

 

الوضع الاقتصادي: مشاريع كبرى وإصلاحات نقدية

·  شهدت سوريا مؤخراً حراكاً اقتصادياً ملحوظاً تمثل في تدشين خط أنابيب الغاز الطبيعي بالشراكة مع تركيا وأذربيجان وقطر، الأمر الذي انعكس على تحسن التيار الكهربائي في عموم البلاد، إلى جانب توقيع سلسلة اتفاقيات ثنائية بين دمشق وأنقرة. كما أُعلن على هامش المنتدى الاستثماري السوري السوداني عن مذكرات تفاهم لإطلاق 12 مشروعاً لتعزيز البنية التحتية بقيمة 14 مليار دولار. في سياق متوازٍ، تعتزم الحكومة السورية إعادة تقييم عملتها عبر حذف صفرين منها سعياً لتحقيق الاستقرار النقدي واستعادة الثقة بالليرة التي شهدت انهياراً حاداً في قيمتها بعد صراع دام 14 عاماً.

 

تمثل هذه الخطوة الجريئة سلاحاً ذا حدين: فمن جهة، قد تسهم في تبسيط المعاملات اليومية وتقليل الاعتماد على الكميات الضخمة من النقد، وتعزيز الثقة النفسية بالعملة، وتسهيل التعاملات التجارية، لا سيما مع استبدال الأوراق النقدية القديمة التي تحمل رموز النظام السابق بما يعكس تحولاً رمزياً نحو هوية جديدة. كما تتيح للدولة فرصة أكبر للتحكم بالسوق غير الرسمي وضبط السيولة. إلا أن هذه الإجراءات تستلزم إصلاح اقتصادي جذري، علاوة على معالجة التحديات التي ترافق هكذا عمليات من الارتباك المتوقع في الأسواق خلال المرحلة الانتقالية إلى التكاليف الباهظة لطباعة العملة الجديدة وتحديث الأنظمة المصرفية.

شارك

مقالات ذات صلة