المصادر المفتوحة: الخطر الصامت في زمن الإعلام الرقمي
أغسطس 24, 2025
82
المصادر المفتوحة: الخطر الصامت في زمن الإعلام الرقمي
الكاتب: علي الجاسم
لم تعد المعلومة في عصرنا الحالي حكراً على أجهزة الاستخبارات أو المؤسسات البحثية المتخصصة، فقد تحول العالم الرقمي إلى مجمع هائل للمعلومات، متاح لأي شخص يمتلك مهارات البحث والتحليل.
هذا العالم، الذي يعرف بـ”المصادر المفتوحة”، يشمل المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، والصور، والمقاطع المصورة، والمواقع الجغرافية، وحتى البيانات المرفقة بأرقام الهواتف والبريد الإلكتروني.
تتسابق الدول والجهات الفاعلة إلى استثمار هذه المصادر، إذ يمكن عبر تتبع بيانات منشورة علناً وباستخدام تقنيات التحليل الرقمي، الوصول إلى صورة دقيقة عن الأفراد أو المؤسسات أو حتى الجيوش.
ولعل المثال الأحدث هو التقرير الذي نشره مركز أبحاث إسرائيلي (ألما)، الذي تضمن تفاصيل موسعة عن بنية الجيش السوري الجديد، مستنداً إلى معلومات متاحة للجميع على الإنترنت، لا إلى عمليات تجسس تقليدية.
هذا التوجه ليس جديداً، لكنه شهد زيادة لافتة مؤخراً، فقد أعاد الجيش الإسرائيلي تفعيل وحدة استخباراتية متخصصة في جمع وتحليل المعلومات من المصادر المفتوحة تعرف بـ”وحدة حتزاف”، بعد أن أغلقت عام 2021، إذ أدرك أن هذه البيانات تحمل قيمة استراتيجية تضاهي المعلومات السرية .
صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية أكدت أن القيادة العسكرية باتت ترى في البيانات العلنية “كنزاً” يمكن البناء عليه في التخطيط الأمني والعسكري.
المشكلة تكمن في أن كثيراً من السوريين يسهلون هذه المهمة من دون قصد، فصورة شخصية قد تكشف موقعاً جغرافياً حساساً عبر بياناتها الرقمية، وفيديو قصير قد يظهر في خلفيته معالم موقع أمني أو عسكري هذه التفاصيل، وإن بدت تافهة لصاحبها، تشكل خيوطاً ذهبية لمحللي المعلومات في غرف الاستخبارات.
ويختصر المدير الأسبق لوكالة استخبارات الدفاع الأمريكية، “صامويل ويلسون” جوهر المسألة بقوله: “90 بالمئة من المعلومات الاستخباراتية مصدرها العلن”. وهي عبارة تكشف حجم المخاطر التي قد تنشأ من غياب الوعي الرقمي، إذ إن الوعي بخطورة ما ينشر على العلن، وضبط مشاركة المعلومات، أصبح اليوم ضرورة أمنية وأخلاقية، لا مجرد خيار شخصي، وحماية الذات والمجتمع تبدأ من الشاشة التي بين أيدينا، قبل أي جدار أمني أو إجراء حكومي.