تكنولوجيا

عودة إعلانات غوغل إلى سوريا.. نافذة جديدة للاقتصاد والإعلام الرقمي

أغسطس 23, 2025

عودة إعلانات غوغل إلى سوريا.. نافذة جديدة للاقتصاد والإعلام الرقمي

الكاتب: محمد فرح

 

بعد سنوات من التقييد والحظر، تعود إعلانات غوغل إلى سوريا، في خطوة يمكن وصفها بأنها نقطة تحوّل مهمة في مسار الاقتصاد الرقمي وصناعة الإعلام داخل البلاد. فالتوقف الطويل لهذه الخدمة حرم السوريين من مصدر دخل محتمل، وأغلق الباب أمام فرص عديدة للتطور في مجالات الإعلام، التسويق، وريادة الأعمال. واليوم، ومع رفع جزء من هذه القيود او رفعها كاملة، يُطرح السؤال: ما الفوائد المتوقعة؟ وكيف يمكن استثمارها بأفضل طريقة رغم استمرار بعض التحديات؟

 

 

دعم صُنّاع المحتوى والناشرين المحليين

إحدى أبرز الفوائد المباشرة هي فتح المجال أمام الناشرين وصنّاع المحتوى للاستفادة من برنامج Google AdSense مجدداً. فالكثير من المدوّنين، الصحفيين المستقلين، ومنصات الأخبار السورية كانوا محرومين من ميزة الربح عبر الإعلانات، وهو ما قلّل من حافز الاستثمار في صناعة محتوى نوعي.

اليوم، بعودة الإعلانات، يمكن أن نشهد تحوّلاً إيجابياً في جودة المحتوى السوري على الإنترنت، إذ يصبح الإنتاج الرقمي أكثر استدامة، ويتيح للكتّاب والمبدعين تمويل مشاريعهم بدل الاعتماد فقط على موارد ذاتية أو دعم محدود.

 

فرص عمل للشباب والمستقلين

تفتح إعلانات غوغل الباب أمام جيل جديد من الشباب للعمل في مجال التسويق الرقمي، إدارة الحملات الإعلانية، وتحسين محركات البحث (SEO). فهذه القطاعات باتت تشكّل مصدر دخل مهم في معظم دول العالم، وعودتها إلى سوريا تعني إمكانية خلق فرص عمل حقيقية حتى ضمن الظروف الاقتصادية الصعبة.

 

كما يمكن للمستقلين (Freelancers) أن يقدموا خدماتهم لشركات محلية أو دولية من خلال خبرتهم في إدارة الحملات الإعلانية، ما يمنحهم دخلاً بالدولار أو بالعملات الأجنبية، وهو أمر مهم في ظل تراجع القوة الشرائية لليرة السورية.

 

 تعزيز التجارة الإلكترونية والمشاريع الناشئة

شهدت سوريا خلال السنوات الماضية بدايات متواضعة لمشاريع التجارة الإلكترونية، لكن غياب الأدوات الإعلانية العالمية جعل الوصول إلى الزبائن أمراً معقداً. بعودة إعلانات غوغل، يستطيع أصحاب المتاجر الإلكترونية والشركات الناشئة الترويج لمنتجاتهم داخل سوريا وخارجها، ما يعزز قدرتهم على النمو والتوسع.

 

هذا التطور يعني أن البيئة الرقمية يمكن أن تصبح منصة حقيقية لدعم ريادة الأعمال، وتشجيع الشباب على ابتكار حلول تجارية تعتمد على الإنترنت.

 

 اندماج تدريجي مع الاقتصاد العالمي

التقييد الذي كان مفروضاً على إعلانات غوغل جعل سوريا شبه معزولة عن جزء مهم من المنظومة الاقتصادية العالمية. أما اليوم، فإن رفع القيود يفتح الباب أمام اندماج تدريجي، بحيث يعود السوق السوري جزءاً من منظومة الإعلان الدولي، ولو بحدود معينة.

هذا لا يعني فقط استفادة السوريين داخلياً، بل أيضاً تحسين صورة السوق السوري أمام الشركات الإقليمية والدولية التي قد ترى فيه مجالاً للاستثمار مستقبلاً.

 

تطوير قطاع الإعلام والإعلان المحلي

عودة الإعلانات ستنعكس أيضاً على وكالات الإعلان المحلية، التي كانت تعمل بإمكانات محدودة وتواجه صعوبات في مواكبة التطورات العالمية. مع توافر أدوات غوغل، ستتمكن هذه الوكالات من تحسين مهاراتها وتقديم خدمات أكثر احترافية، ما يرفع من مستوى صناعة الإعلام والإعلان في سوريا.

 

التحديات التي قد تواجه السوريين

رغم الفوائد الكبيرة، هناك مجموعة من التحديات الواقعية التي لا يمكن تجاهلها: المدفوعات والتحويلات المالية: بسبب استمرار العقوبات، قد يواجه الناشرون صعوبة في استلام أرباحهم عبر القنوات التقليدية، وهذا يتطلب حلولاً مبتكرة أو منصات وسيطة.

والرقابة على المحتوى: بعض أنواع المحتوى قد تبقى غير مقبولة ضمن سياسات غوغل، خاصة ما يتعلق بالقضايا السياسية الحساسة. وغياب البنية التحتية التقنية الكاملة: ضعف الإنترنت في بعض المناطق، وغياب أنظمة دفع إلكتروني فعّالة، قد يحدّ من الاستفادة الكاملة.

 

كيف نستفيد من هذه الفرصة؟

للاستفادة القصوى من عودة إعلانات غوغل، هناك خطوات عملية يمكن تبنيها:

  1. تدريب الشباب على مهارات التسويق الرقمي، وإدارة الحملات، والتحليلات الرقمية.
  2. تشجيع المحتوى النوعي بدل المحتوى السطحي أو المنسوخ، لضمان منافسة عادلة وجذب المعلنين.
  3. بناء شراكات بين الشركات المحلية والوكالات العالمية للاستفادة من الخبرات المتقدمة.
  4. المطالبة بتحسين البنية التحتية الرقمية، من إنترنت أسرع إلى حلول دفع إلكتروني آمنة.

عودة إعلانات غوغل إلى سوريا ليست مجرد خطوة تقنية، بل هي نافذة اقتصادية وإعلامية يمكن أن تساهم في تحريك عجلة التنمية الرقمية داخل البلاد. صحيح أن التحديات ما زالت كبيرة، من العقوبات إلى ضعف البنية التحتية، لكن الفوائد المحتملة أكبر: فرص عمل، دعم للمحتوى المحلي، تعزيز التجارة الإلكترونية، وفتح باب الاندماج مع الاقتصاد العالمي.

يبقى السؤال: هل نملك الإرادة والقدرة على استثمار هذه الفرصة لصالح جيل جديد من السوريين؟ الجواب مرهون بمدى استعدادنا للتعلّم، التكيّف، والإبداع في بيئة مليئة بالتحديات.

شارك

مقالات ذات صلة