تأملات

شكرًا يا سيّدي يا رسولَ الله صلّى الله عليك وسلّم

أغسطس 22, 2025

شكرًا يا سيّدي يا رسولَ الله صلّى الله عليك وسلّم

فكّرتُ كثيرًا ماذا يمكنُ أن أقول لك في زمنٍ بعيد عن زمنك، وبالتحديد بعد أكثر من 1400 عام على بعثتك، فوجدت أنْ عليَّ أن أشكرك بطريقتي البسيطة، والتي أعرف تمامًا أنّك تقدّرها في هذا الزمان الذي لا يشبه تعاليمك العالية، ولا يستطيع أن يتمثّلها كما كنت تحبّ، لكن هنالكَ مَنْ يحاولُ يا حبيبي، تلك المحاولة لم تكنْ لتكونَ لولاك، فشكرًا لك، لأنّك جعلتنا نؤمن بكلِّ فعلٍ جميلٍ قد نفعله وإن كان في زمنٍ لا يشبهنا.


   – شكراً لأنّكَ أنقذتني من هذا الوجع العظيم الذي يحيطني، لأنّك أخبرتنا أنَّ الشوكة التي تؤلمنا لها أجرٌ عظيم، فكيف بصبرنا على الفقد والجوع والنزوح، لم يكن حديثًا يا سيّدي يا رسول الله، لقد كان حبل نجاةٍ لي في وقتٍ ظننتُ به أنّه لا نجاة أبدًا في هذه الإبادة التي نعيش.

  – شكراً لأنّك علّمتني عدم الخوف من الإنفاق، أتخيّل دائمًا أنّني كلّما أعطيت بأنّني أضعُ في يدِ الله عزوجلّ فأخجل من الله، كيف يعطي الأقلّ الأعلى، وأخجل منه أكثر حينما أتخيّل كيف بعطاء الأعلى (الله) للأدنى (العبد)، لم تكن أغنى الأغنياء، لكنّك كنت أكرمهم يا سيّدي يا رسول الله، وحين نفد مالك وطلب أحد المحتاجين منك مالا، قلت له: (ابتع على حسابي)، فقال لك سيّدي عمر رضي الله عنه لا تثقل على نفسك، فغضبت، ثمّ قال لك رجلٌ من الأنصار: (أنفق يا رسول الله ولا تخش من ذي العرش إقلالًا)، فابتسمتَ يا حبيبي وقلت: (وبهذا أُمِرْت)، تلك الابتسامة منحتني صكّ أمان، وتأمينًا أبديًّا لا تستطيع كلّ بنوك العالم أن تكفلها، وكفلتها أنت..


   – شكراً لأنّك جئت للدنيا كي تخبرنا أنّها اختبار، وكنتَ حريصًا علينا أن ننجح فيه، راهنت علينا فكيف لا نراهن عليك، تعبت من أجلنا فكيف نخذلك، آثرتنا على نفسك حين آثرت الدعاء ولم تدعُ لنفسك، فكيف لا أؤثرك على نفسي، شكرًا لأنّك فعلت كلّ هذا من أجلي ومن أجل كلِّ فردٍ من أمّتك.


   – شكراً لأنّك علّمتني ألّا أحكم على شخصٍ دون بيّنة، وألّا أتكلم دون حجّة، وألّا أتخذَّ خصومًا لي يوم القيامة وأنا لم أشقق عن قلوبهم، ولأنّك علّمتني الصمت أو أن أقول خيرًا، فخشيت من كلّ كلمةٍ لا أتحسّس فيها تعاليمك المحمديّة.


 – شكراً لأنّك علمتني تذوّقَ الجمال، ذلك الجمال الذي لا يفقهه الطغاة، الجمال الشعريّ الكامل وراء ظواهر الأشياء، وأنت تمسح على جذع النخلة المشتاق، وأنت توصي بأن يعيد رجل أخذ فراخ الحمامة لها، وأنت توصي صاحب البعير الهزيل أن يطعمه، وأنت تمسح بيدك الشريفة على (عمير بن وهيب)، الرجل الذي يريد أن يقتلك، فتغيّر كفكَ إحساس قلبه من الكره لك إلى محبتك، عظيم هذا الإحسان إنّه يفوق إدراكي المحدود، أتخيّل لو عرف أيُّ شخصٍ في زماننا هذا أنّ هنالك شخص يكرهه ويتمنى أن يقتله، سيستنفر من أجل ذلك ويعدّ العدّة، لن يفكّر أبدًا أن يبتسم له ويمسح على صدره، أيُّ رحمةٍ هذه وأيُّ عظمةٍ في الإحسان يا سيدي الهاشميّ صلى الله عليك وسلم.


   – شكرًا لتواضعك العظيم، ذلك التواضع الذي غيّرَ طبع الملوك، ورقّقَ القلوب الغليظة، وجعل المرهفين أكثر رهافة، والشعراء أكثر شعرية، والنبلاء أكثر نبلًا، وقلبي أكثر اتساعًا، ورغبتي أكثر زهدًا.


   – شكراً لأنّ سيرتك هي أعظمُ مرشدٍ لي في هذا الطريق الصعب من الحياة الدنيا، لكنّني أثق بك وبنورك الوضيء، إنّه يزيل العوائق، ويفتح الطرق، ويرسم السبل في البر والبحر والجو والملكوت سربًا، فأمشي في الدنيا دون خوف.

وصلى الله عليك وعلى آلك وأزواجك وذريتك وسلم.

شارك

مقالات ذات صلة