مجتمع

اللغة العربية تشكل تحدياً جديداً للطلاب العائدين من دول المهجر

أغسطس 20, 2025

اللغة العربية تشكل تحدياً جديداً للطلاب العائدين من دول المهجر

الكاتب: عبد المنعم غريبي

 

أعلنت مديرية إدلب مؤخراً بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم عن إطلاق تسهيلات ومبادرات تعليمية محدودة لسد الفاقد التعليمي لدى الوافدين من خارج القطر لا سيما في مادة اللغة العربية، بهدف دمج الطلاب وتهيئتهم لدخول المدارس مع اقتراب موعد بدء العام الدراسي الجديد.

إذ يواجه اليوم الطلاب السوريون العائدون من الخارج خصوصاً من البلدان الأجنبية، صعوبة في إتقان اللغة العربية كتابياً ونحوياً بسبب انقطاعهم لفترات طويلة عنها في حياتهم التعليمية، واستخدامهم للغات أخرى في البلدان التي لجؤوا إليها. حيث وصل الفقد التعليمي عند بعضهم إلى حد عدم القدرة على الكتابة والقراءة، خصوصاً ممن ولدوا خارج سوريا.

 

 

تخوف وفقدان في التعليم

مازن المنحدر من حماة والدٌ لطفلين، يقول في حديثه لموقع سطور: “بعد عودتي من تركيا التي بقيت فيها لمدة 8 سنوات، بدأت بتعليم أولادي الكتابة باللغة العربية، هم لا يتقنون الكتابة بها لأنه لم تسنح لهم الفرصة لتعلمها في تركيا”.

ويتابع مازن: “ابني الكبير في الصف الثاني والصغير في الصف الأول، كلاهما ولدا في تركيا وتعلما في مدارسها، ولدي تخوف من عدم قدرة أولادي على مواكبة زملائهم في صفوفهم أو الرسوب فيها”.

 

أما محمد المنحدر من إدلب، مقيم في تركيا منذ 7 سنوات أب لثلاثة أطفال أكبرهم سناً في الصف الحادي عشر  يقول في حديثه لموقع سطور: ” أخطط للعودة قريباً إلى سوريا، قبل بدء العام الدراسي الجديد، لدي قلق وتوجس كبير بسبب النقص التعليمي عند أولادي خصوصاً في مادة اللغة العربية، التي تعتبر مادة أساسية لدخول الجامعة”.

 

ويضيف محمد: “أولادي تعلموا هنا في تركيا واتقنوا لغة هذا البلد، وكانت هي اللغة التي يمارسونها في أغلب أوقاتهم اليومية، وسأعمل فور عودتي على وضعهم في دورات تقوية لتعويض النقص في مادة اللغة العربية”.

 

 

مطالبات شعبية وغياب للخطط الحكومية

وسط غياب شبه تام للخطط والقرارات الحكومية لسد الفاقد التعليمي لدى الطلاب العائدين وخصوصاً في العربية، تتجه بعض العائلات إلى إطلاق المناشدات للحكومة لوضع مسار تعليمي خاص بإبنائهم أو لوضع منهاج يساعدهم على إكمال دراستهم دون الرسوب في صفهم.

يقول محمد لسطور إنه من الواجب على الحكومة اتخاذ قرارات رسمية وعاجلة لتسهيل دمج الطلاب الوافدين ضمن الصفوف التعليمية وتعويض الفقد التعليمي لديهم قبل بدء العام الدراسي الجديد، و يضيف أن غياب الخطط الحكومية والمبادرات إلى حد اللحظة يشكل عقبة أمام الطلاب للالتحاق بمدارسهم.

 

من جهته، يقول خالد العمر معلم لغة عربية للمرحلة الثانوية  في إحدى مدارس الشمال السوري لموقع سطور إن المبادرات الحكومية لسد الفاقد التعليمي للطلاب العائدين شبه معدومة، ولم يتم اتخاذ أي قرارات رسمية أو تشكيل مبادرات حتى الآن.

ويتابع العمر يتوجب على الحكومة وعلى وزارة التربية أن تقيم نوادي صيفية لمكافحة أمية الطلاب في اللغة العربية خصوصاً ودمجهم مع بيئتهم من جديد.


ويضيف أنه يجب أن تحرص الحكومة على تأليف منهاج خاص للطلاب الوافدين نظراً لإعدادهم الكبيرة  بآلاف وإعادتهم لحضن لغتهم الأم، مؤكداً أن هذا  واجب ديني ووطني يلقى على عاتق الدولة.

 

 

اللغة العربية مادة أساسية للنجاح إلى الجامعة
وفق نظام التعليم في سوريا تعد مادة اللغة العربية مادة أساسية للنجاح  في المراحل الأول ثانوي والثاني ثانوي، وفي حال حصول الطالب على علامة أقل من العلامة المحددة للنجاح، يعتبر راسباً في صفه ولا يمكنه دخول الجامعة إذا لم يجتز الامتحان.

وفي ظل عودة عشرات آلاف المهجّرين من الخارج يرى الكثيرون منهم أن هذا الإجراء التعليمي يؤثر سلباً على أولادهم الطلاب، ويخلق لديهم الخوف من الرسوب في السنة التعليمية، لا سيما عند طلاب المرحلة الثانوية لأنها تعتبر مرحلة مفصلية لدخول الجامعة.

ويرى اختصاصيون  تربويون أنه يجب اعتبار علامة اللغة العربية غير مرسّبة للطلاب ولمدة أربعة سنوات على أقل تقدير، ويجب أن تعامل مثل أي مادة أخرى بهدف تشجيع الطلاب وعائلاتهم على العودة إلى الوطن دون قلق وخوف من الرسوب في صفهم.

كما أنه يجب إجراء امتحان تكميلي لمادة اللغة العربية، حيث يعد هذا أكبر عامل يساعد على عودة الأهل والمهجّرين من الخارج.

من جهة أخرى يقول خالد العمر معلم لغة عربية:” يجب أن يبقى للغة العربية حصانتها وهيبتها وأن تبقى مادة مُرسّبة ليعتني بها الطلاب”.
ويضيف العمر:” أما بالنسبة للوافدين المهجرين فعلى الأهل والمدرسة التعاون لإزالة العقبات، وأنا قمت بمحو أمية بعض الطلاب العائدين وكانت التجربة ناجحة”.

و يؤكد العمر أنه يجب أن تبقى اللغة العربية لغة محورية مُرسّبة وتتجه التربية نحو دعم هؤلاء وتكريس تعلمهم للغة العربية من خلال مناهج رديفة وداعمة. 

في ظل اختلاف الآراء بين من يرى أنه  يجب اعتبار اللغة العربية مادة غير أساسية للنجاح لفترة معينة وبين من يرى أنه يجب أن تبقى مادة أساسية للنجاح باعتبارها اللغة الأم، يبقى الطلاب السوريون العائدون من الخارج هم المتضرر الأكبر في ظل غياب التدخل الحكومي الواضح الذي سوف يساعدهم على تجاوز هاجس الخوف من الرسوب في مادة اللغة العربية، وإكمال دراستهم كما يتمنون.

شارك

مقالات ذات صلة