مشاركات سوريا

دفاتر مُحمّلة بالوجع: عن ما ذاقه الطلاب السوريون في بلاد الغربة

أغسطس 7, 2025

دفاتر مُحمّلة بالوجع: عن ما ذاقه الطلاب السوريون في بلاد الغربة

– الكاتبة: أسماء البري

 

 

حين مغادرته لبلاده قسراً، لا يحمل في حقيبته كتباً وأوراق قبول جامعي فحسب، بل يحمل وطناً بأكمله، يحمل رائحة البيت، وصوت أمه، وضجيج الشوارع، وذكريات كان من المفترض أن تبقى خفيفة على القلب، لا أن تتحوّل إلى ثقل دائم على الذاكرة.

 

 

الطلاب السوريون في الخارج لا يعيشون حياةً عادية، فهم في حالة دائمة من التوازن بين الدراسة والنجاة، بين الاندماج والتمسك بالهوية، بين الحلم والخوف. دفاترهم ليست كباقي الدفاتر، فهي صفحات بيضاء كُتبت عليها دروس في الصبر، وملاحظات عن العنصرية، ورسائل شوق إلى وطنٍ لا يهدأ.

 

 

 

صوت مختلف في القاعة

 

 

في العديد من الجامعات حول العالم، عندما يتحدث الطالب السوري، يُنظر إليه لا كطالب فقط، بل كلاجئ أو غريب. هذه النظرة، وإن كانت صامتة، تجعله يشعر دائماً أنه مطالب بإثبات نفسه مرتين: مرة لأنه طالب، ومرة لأنه “سوري”.

 

 

جميعنا عشنا أمثلة كثيرة من العنصرية منها أننا “في البداية، كنا نتردد في المشاركة بالمناقشات. ونشعر أن الجميع ينتظر منا أن نخطئ، أو أن نتكلم عن الحرب. مع الوقت، تعلمنا أن نرفع رأسنا عالياً ونتحدث بثقة. لكن الجرح لا يُشفى بسهولة”.

 

 

 

وهنا تكمن عنصرية ناعمة.. لا تُرى بالعين

 

العنصرية التي يواجهها الطلاب السوريون في الخارج ليست دائماً مباشرة. أحياناً تكون نظرة، أو تجاهلاً متكرراً، أو تفضيل طلاب آخرين في مشاريع العمل الجماعي. وأحياناً تكون شعوراً خفياً بأنك أقل، أو أنك بحاجة لبذل جهد مضاعف لتحصل على نفس الفرصة.

 

 

 

دفاتر النجاح.. رغم الألم

 

ورغم كل ذلك، لا يمكن اختزال تجربة الطلاب السوريين في الخارج بالمعاناة وحدها. كثيرون منهم حققوا إنجازات بارزة، وتفوّقوا أكاديمياً، وأصبحوا سفراء فعليين لوطنهم في الجامعات العالمية.

 

كتبوا قصصهم على دفاترهم: بالإنكليزية أو الألمانية أو الفرنسية، لكن بحبرٍ سوريٍ لا يزول..

 

 

 

الغربة لا تسرق الأحلام

 

لم يختَر هؤلاء الطلاب الغربة، لكنهم اختاروا ألّا يستسلموا لها. دفاترهم المُحمّلة بالوجع لا تحكي فقط عن الألم، بل تسرد قصة قوة استثنائية، صنعت جيلاً يعرف كيف يحوّل الانكسار إلى إبداع.

وفي زمنٍ يعلو فيه صوت العنصرية، يردّون بالصمت والعلم. وفي عالمٍ يحكم على الناس بجوازات سفرهم، يثبتون أن العقول لا تعرف الحدود.

شارك

مقالات ذات صلة