مدونات

الشهرة والغرور: تلازم أم معادلة ممكنة؟

يونيو 11, 2024

الشهرة والغرور: تلازم أم معادلة ممكنة؟

قبل أيام انتشرت أخبار ومقاطع في وسائل التواصل الاجتماعي لمطرب عربي مشهور يصفع أحد المعجبين وهو يحاول التقاط صورة تذكارية معه، وأثار ذلك جدلًا واسعًا، والأغلبية من الناس استنكروا ذلك الفعل المشين وغير اللائق، خصوصًا أن ذلك المطرب له سوابق بهذا الشأن، مع ردود فعله الغوغائية تجاه جمهوره ومعجبيه، وكذلك مع سائقه الخاص حين وصفه بـ “الحيوان” أمام الملأ.

 

هذا الأمر يجعلني أتساءل حول شعور ذلك المعجب المسكين الذي تعرّض للإهانة والاستحقار من مطرب مشهور يكنّ له كل الحب والإعجاب والتقدير، ما جعله يندفع مع جموع المعجبين لكي يحظى بتلك اللحظة التي لطالما حلِم بها، وهي التقاط صورة تذكارية قد تحقّق له سعادة غامرة.

 

ولكن ما حدث كان صدمة كبيرة لذلك المعجب، وقد لا يتعافى منها أبدًا، ولا أقول أن الأمر جلل أو خطير، فهو يعتبر شيئًا تافهًا إنْ فكّرنا فيه بقليل من المنطق، والمسألة برمّتها لا تستحق التضخيم والاهتمام، على الأقل بالنسبة إليّ شخصيًّا، ربّما لأنني كشخص لم أنظر إلى المشهور يومًا كما لو كان ملاكًا يسير على الأرض، فأنا معجب بالمحتوى الذي يقدّمه المشهور، سواءً كان المحتوى غنائي أو سينمائي أو تلفزيوني أو رياضي أو أي مجال آخر، ولست معجب بشخصه، ولا يعنيني أبدًا.

 

فبالتالي لو كنت أنا حاضرًا في حفلة ذلك المطرب، سأجلس وأستمتع بالعرض وأكتفي بالتصفيق ثم أغادر، فهذا ما جئت من أجله، ولا يهمّني أيّ شيء آخر، ولكنني أدرك أن طبيعة البشر مختلفة، فهناك من يوافقونني التفكير، ويكتفون بالإعجاب بمحتوى المشهور، وهناك المعجبين بكل ما يخص المشهور بدرجات متفاوتة قد تصل إلى الهوَس والمرض، ولطالما قرأنا عن قصص غريبة وعجيبة بهذا الشأن.

 

بالعودة إلى لبّ الموضوع سنكتشف أن المشهور لن يكون مشهورًا بدون المعجبين، سواءً المعجبين بمحتواه أو بشخصه، فهم سبب نجاحه واستمراريته، والمشهور لا يملك نفسه حين يكون بين جمهوره، فهم من صنعوه ورفعوا من شأنه، وهذه هي ضريبة الشهرة.

 

أنت كشخص مشهور ليس بإمكانك الذهاب إلى أي مكان عام دون أن يوقفك أحدهم لالتقاط صورة تذكارية، أو أن يبتسم في وجهك أو أن ينظر إليك بإعجاب، أو حتى أن يتعرّض لك بطريقة تشكّل خطرًا عليك، فما يحكمك فقط هو سلوكك، فعليك أن تكون مستعدًّا دائمًا لأي موقف تواجهه بطريقة ذكية ومدروسة، وأنا أعلم أنك إنسان في نهاية المطاف، وتتعرض لضغوطات ومشاكل تؤثر على أعصابك ومشاعرك، وقد تجعلك مضطرًّا للابتعاد عن الجمهور والتخفّي عن الأنظار لراحتك النفسية، ولكن تذكّر أن الجمهور الذي رفعك إلى القمة بإمكانه رميك في القاع.

 

حافظ على صورتك أمام جمهورك، واحترم معجبيك، وضع نفسك مكانهم، فالإهانة التي يتلقّاها الإنسان من شخص يحبّه ويحترمه يكون لها وقْعٌ أكبر من أيّة إهانة عادية وعابرة، وحين أضع نفسي مكان ذلك المعجب سأتمنى لو أن الأرض تبتلعني ولا أن أتلقى مثل تلك الإهانة والإحراج الشديد أمام الملأ، ولذلك أتمنى أن تتم محاسبة المطرب المشهور ومعاقبته لكي يدرك فداحة ما فعله في حق ذلك المُعجب وكل المعجبين الذين يحبونه ويحترمونه.

 

أنصح جميع المشاهير، وخصوصًا المشاهير الشباب والمراهقين في مواقع التواصل الاجتماعي، مثل الإنستغرام والسناب شات والتيكتوك، بتوخّي الحذر بالتعامل مع الشهرة، إذ نرى الكثير من التجاوزات الخادشة للحياء منهم في المحتوى لكسب المشاهدات دون أي احترام للجمهور الذي يتابعهم، وإثر ذلك سُحِبت رخصهم وتعرّضوا لعقوبات وصلت إلى غرامات مالية كبيرة وأيضًا السجن.

   

شارك

مقالات ذات صلة