Blog

رغم سقوط النظام.. لاجئون سوريون يؤجلون العودة لأسباب معيشية وتعليمية

يوليو 13, 2025

رغم سقوط النظام.. لاجئون سوريون يؤجلون العودة لأسباب معيشية وتعليمية

رغم عودة أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين في تركيا إلى بلادهم خلال الأشهر السبعة الماضية عقب سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024، ما تزال شريحة واسعة من السوريين تؤجل قرار العودة إلى سوريا لأسباب متعددة، تتعلق بالظروف المعيشية المتردية، ودمار البنى التحتية، والتحديات التعليمية التي تواجه أبناءهم بعد سنوات من الدراسة في تركيا.

 

 

ظروف صعبة تحول دون العودة

 

 

 

تقول سميرة عبد الرحمن، وهي من مدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي، في حديث لـ”سطور”:

“منزلي في المدينة بحاجة إلى ترميم كبير، قوات النظام المخلوع سرقت أثاث المنزل المؤلف من طابقين. أولادي الخمسة، كل واحد منهم في منطقة مختلفة؛ اثنان نازحان في إدلب المدينة، وواحد يقيم في قطر، وآخر في تركيا، والأخير يتنقل بين جامعته في تركيا وعمله في دمشق. جميعهم متزوجون ولديهم أبناء، وزوجي توفي بوباء كورونا عام 2021”.

 

وأضافت: “أعيش الآن مع ابنتي في منزل ابني بمدينة غازي عنتاب التركية. ابني الأصغر زار سوريا عدة مرات وتفقد أوضاع المنزل الذي يحتاج إلى ترميم بتكلفة تقدر بـ 5000 دولار أمريكي لكل طابق، وهذا ما لا نستطيع تحمله حالياً، خصوصاً في ظل الظروف غير المستقرة، كما أن معرة النعمان ما تزال تفتقر للخدمات الأساسية”.

 

وأكدت عبد الرحمن: “في النهاية ليس لنا سوى بلدنا، لكن علينا أن نتريث حتى تعود الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وخبز، وحتى يعود بعض جيراننا إلى الحي الذي كنا نقطنه. فالحي دون ساكنيه لا يساوي شيئاً”.

وختمت حديثها بالقول: “أخطط للعودة بشكل نهائي بعد نهاية فصل الشتاء القادم، حينها أتمنى أن تكون المدينة قد استعادت جزءاً من حيويتها”.

 

 

انتظار لمّ الشمل

 

رغد الحسن، وهي من ريف حلب الشمالي، تقيم في ولاية أضنة التركية، توضح في حديثها لـ”سطور”: “سوريا بلد اجتماعي جميل، لكن البلد منهك بسبب النظام المخلوع، ولا تتوفر فيه مقومات الحياة الأساسية مثل الماء والكهرباء التي تأتي لساعات محدودة، وهذا يتطلب مصاريف إضافية للعائلة”.

 

وأضافت الحسن: “لدي طفلان، وزوجي سافر إلى أوروبا منذ سنتين وما يزال ينتظر إجراءات لمّ الشمل في ألمانيا. أفكر بالبقاء في تركيا سنة إضافية حتى تتضح هذه الإجراءات. إذا تم لمّ الشمل، فسوف نلتحق به، وإذا لم يتم، فسيعود هو ونحن إلى سوريا”.

 

وأشارت إلى أنها لم تستطع زيارة سوريا حتى الآن لأن إدارة الهجرة التركية كانت تسمح حينها لشخص واحد فقط من العائلة بالسفر خلال الإجازات، موضحةً: “إذا ذهبت إلى سوريا، أين سأترك أطفالي؟”.

 

 

التعليم.. عائق آخر

 

من جهته، يقول عبسي المحاميد، المنحدر من محافظة درعا والمقيم في إسطنبول: “قرار العودة إلى سوريا مرتبط بالنسبة لي بوضوح وضع التعليم في الجامعات السورية بالنسبة للطلاب الذين درسوا في تركيا. ابنتي ستلتحق بالجامعة العام المقبل، لكنها درست بالكامل ضمن المنهاج التركي، ولا نعرف حتى الآن إن كانت الجامعات السورية ستقبلها مباشرة أم ستطلب اختبارات إضافية أو معادلات”.

 

وأضاف: “لدي ابن آخر يبلغ من العمر 10 سنوات، درس باللغة التركية فقط، ورغم أننا نعلمه العربية في المنزل، إلا أن الاندماج في المدارس السورية سيكون تحدياً كبيراً. هذه مسألة تؤرق جميع الآباء”.

 

الاستقرار في تركيا مؤقتاً

 

 

أما مصعب بكور، من منطقة الحولة بمحافظة حمص، والمقيم في ولاية هاتاي التركية، فيقول لـ”سطور”: “أشقائي عادوا طوعياً إلى سوريا، أما أنا فعائلتي مستقرة هنا. زوجتي تركية وأعمل في صالون حلاقة ناجح في تركيا، وزوجتي تعمل في مركز تعليمي للأطفال. لا أستطيع التضحية بهذه الاستقرار حالياً”.

 

وتابع: “زرت سوريا منذ شهرين والتقيت بأقاربي وأصدقائي. قد أفكر في العودة عندما أمتلك رأس مال لشراء منزل وفتح مشروع خاص في سوريا، لكن حالياً لا أرى أن العودة ستكون خطوة حكيمة. نحن في النهاية سنعود إلى بلدنا، لكن العودة مرتبطة بتحسن الوضع الاقتصادي والمعيشي”.

 

 

تعقيدات أكاديمية وأمنية

 

 

 

ثائر الأحمد، المنحدر من سهل الغاب بريف حماة الغربي، وهو طالب في السنة الثالثة بكلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة ماردين أرتوكلو، يقول لـ”سطور”: “لا أفكر حالياً بالعودة إلى سوريا بسبب غياب أي تسهيلات لنقل الطلاب السوريين من الخارج إلى الجامعات السورية، بل على العكس، الإجراءات باتت معقدة للغاية. الوضع المعيشي أيضاً صعب جداً وفرص العمل قليلة والرواتب منخفضة مقارنة بارتفاع الأسعار”.

 

 وأضاف: “هناك أيضاً تخوفات أمنية لأن الدولة حتى الآن لم تفرض سيطرتها الكاملة على كل الأراضي السورية ولم تضبط السلاح المنتشر بأيدي مجموعات خارجة عن القانون”.

 

وبين الأحمد، أن “التعقيدات التعليمية هي السبب الرئيسي لتأجيل العودة، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي والأمني غير المستقر”.
وبعد أكثر من 14 عاماً من الحرب في سوريا، أدى سقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول/ ديسمبر 2024 إلى فتح الباب أمام عودة اللاجئين السوريين الذين نزحوا إلى دول الجوار، خاصة تركيا التي استضافت ملايين السوريين على مدى السنوات الماضية.

 

ومع أن موجة العودة بدأت مباشرة بعد سقوط النظام، ما تزال الأوضاع على الأرض تشكل عائقاً حقيقياً أمام كثير من السوريين الذين يترددون في اتخاذ قرار العودة النهائية، خاصة مع استمرار غياب الاستقرار ودمار البنى التحتية الأساسية، وافتقار العديد من المدن السورية للمياه والكهرباء والتعليم والخدمات الصحية.

 

في الوقت ذاته، يواجه الطلاب السوريون الذين تابعوا دراستهم في تركيا تحديات قانونية ومعوقات تتعلق بآلية معادلة الشهادات والانتقال إلى الجامعات السورية، ما يعقد خيارات العودة بالنسبة للأسر التي تضع مستقبل أبنائها التعليمي على رأس أولوياتها.

 

كما أن ضعف القدرة الشرائية في سوريا، وارتفاع تكلفة إعادة بناء المنازل المدمرة، تدفع بالكثير من العائلات السورية إلى مواصلة البقاء في تركيا رغم ارتباطهم الوثيق بوطنهم.

 

من جهة أخرى، تؤدي اعتبارات الاندماج في المجتمع التركي، والاستقرار الوظيفي والاقتصادي، دوراً أساسياً في قرارات بعض السوريين بالبقاء مؤقتاً خارج البلاد، إلى أن يتحسن الوضع المعيشي وتستقر البنية الأمنية والإدارية في المناطق السورية المختلفة.

شارك

مقالات ذات صلة