فنون

الفيلم الغنائي الاستعراضي الأعلى تقييمًا في تاريخ السينما.. Singin’ In The Rain!

يوليو 5, 2025

الفيلم الغنائي الاستعراضي الأعلى تقييمًا في تاريخ السينما.. Singin’ In The Rain!

فيلم “Singin’ in The Rain” أو “الغناء تحت المطر”، الذي أُنتِجَ في عام 1952، هو واحد من أروع الأفلام الغنائية الاستعراضية التي شاهدتها في حياتي، وهو من إخراج “ستانْلي دونِن” و”جين كيلي”، بينما تولّى “أدولْف غْرين” و”بيتي كومْدِن” كتابة النص السينمائي بعد أن قاما بشراء منزل في هوليوود من نجم سابق مشهور في الأفلام الصامتة بعد أن فقد ثروته مع انطلاق الأفلام الناطقة التي قضت على مسيرته، ومن هنا استلهَما فكرة الفيلم.


تدور أحداث الفيلم في أواخر عشرينيّات القرن الماضي، وال٣سينما تشهد تحوّل الأفلام الصامتة إلى ناطقة، وهي مرحلة لم ينجح معظم الممثلين في اجتيازها عندما سمع الجمهور أصواتهم، ولأسباب أخرى كثيرة، ومن الأمثلة الحقيقية على ذلك “هارولْد لويْد” و”باسْتر كيتون”، اللذين كانا من أنجح نجوم الأفلام الصامتة، ولكن لم يستطيعا الاستمرار بنفس النجاح في الأفلام الناطقة، على عكس زميلهما “تشارلي شابْلِن”.

في قصة هذا الفيلم، “دون لوكْوود” وزميلته المغرورة “لينا لامونْت” كانا نجمين بارزَيْن في الأفلام الصامتة، والآن مع دخول عصر الأفلام الناطقة ينتظر الجمهور فيلمهما الأول الناطق على أحر من الجمر، وشركة الإنتاج متلهّفة لخوض التجربة معهما، بمشاركة النجم الاستعراضي “كوزْمو بْراوْن”.

مع بدء تصوير الفيلم الجديد والمرتقب، ينجح “دون لوكْوود” في التجربة بصوته المتميز كممثل وكمغنٍ، بينما تفشل “لينا لامونْت” بسبب صوتها الحاد والرديء في تأدية الحوارات والأغاني، والذي سيسبّب صدمة كبيرة للجمهور، وقد حاول المنتجون تدارك الأمر بالاستعانة بمُعالِج للنطق، ولكن دون جدوى.


“دون لوكْوود” والمنتجون يلجأون إلى حيلة أخيرة لإنجاح الفيلم، بالاستعانة بنجمة واعدة وبريئة تُدعى “كاثي سيلْدِن”، ليحل صوتها بديلًا لصوت “لينا لامونْت” بدبلجة جميع الحوارات والأغاني، ليبدو للجمهور أنّه صوتها الحقيقي وليس لنجمة أخرى مغمورة لن يعرفها أحد.

عانت هوليوود كثيرًا في ذلك الوقت، لم يكن الأمر سهلًا أبدًا أمام شركات الإنتاج المتواضعة في ظل عدم توفّر المعدّات اللازمة، وكان لا بد من إيجاد حلول عاجلة للفجوة التي نشأت بين الصانع والمتلقّي وأدّت إلى سخرية الجمهور من الأفلام المعروضة، والتي حوّلت الفيلم الناطق إلى كارثة هزلية.


لقد أبدع الممثلون جميعهم، وأبرزهم: “جين كيلي” بشخصية “دون لوكْوود”، و”دونالْد أوكانُر” بشخصية “كوزْمو بْراوْن”، و”ديبي رينولْدْز” بشخصية “كاثي سيلْدِن”، و”جين هاغِن” بشخصية “لينا لامونْت”، و”ريتا مورينو” بشخصية “زيلْدا زانْدِرْز”، وحين عُرِض الفيلم لأول مرة في أمريكا لم يحقّق النجاح المتوقّع، ولم يتم تقديره من قِبَل النّقاد والجمهور.

كما تم تهميش الفيلم في الترشيحات والجوائز، إذ ترشّح لجائزتَيْ أوسكار فقط، لأفضل ممثلة مساعدة “جين هاغِن” وأفضل موسيقى تصويرية لـ “ليني هِيْتون”، وكانت أصداء الفيلم الغنائي “An American in Paris” الذي عُرِضَ في العام السابق 1951 لا تزال مستمرّة، حيث فاز بـ 6 جوائز أوسكار، منها لأفضل فيلم، وقد أدّى بطولته أيضًا “جين كيلي”، ولذلك تمّت المقارنة بين الفيلمين.


مع مرور الزمن حتى يومنا هذا، صار ذلك الفيلم منسيًّا، بينما فيلم “Singin’ in The Rain” زادت شعبيته بشكل غير متوقّع، وتصدّر قوائم كبار النّقاد والمخرجين باعتباره أفضل فيلم غنائي على الإطلاق، وهو يحتل اليوم مركزًا متقدّمًا، والأول من بين الأفلام الغنائية، في قائمة أفضل 250 فيلمًا في موقع imdb حسب تصويت الجمهور.

حبكة الفيلم المبتكرة ظلّت مُلهمة لصنّاع الأفلام، وقد تم استخدامها بشكل أو بآخر في العديد من الأفلام المهمة، مثل فيلم “The Artist” في عام 2011 الذي اكتسح جوائز الأوسكار، بفوزه بـ 5 جوائز، ومنها لأفضل فيلم، وأيضًا فيلم “Downton Abbey: A New Era” وفيلم “Babylon” في عام 2022.


“جين كيلي” الذي شارك في إخراج الفيلم وأدّى فيه شخصية البطل “دون لوكْوود” هو أيضًا من تولّى مهمّة الإشراف وتدريب الممثلين على الأغاني والرقصات التي صمّمها بنفسه، وقد اشتكى الجميع من أسلوبه الفظ وطباعه القاسية في التعامل معهم أثناء التصوير، ولكن لا أحد منهم يُنكِر أنّه صاحب الفضل الأكبر في إنجاح الفيلم، وقبل عرض الفيلم بفترة قصيرة تم تكريمه بجائزة الأوسكار الفخرية لقاء إبداعه الاستثنائي كممثل ومغنٍ ومخرج وراقص ومصمّم للرقصات في الأفلام.

نجح هذا الفيلم الناطق في نقل تاريخ ولادة الصوت في السينما، بإبراز مشاكل هوليوود وراء الكواليس بقالب فني متميز، يجمع الدراما والكوميديا والرومانسيّة والموسيقى والأغاني، والذي تحوّل مع مرور الزمن إلى تحفة فنية.

 

شارك

مقالات ذات صلة