سياسة

القواعد الأمريكية المهددة في الشرق الأوسط (١)

يونيو 27, 2025

القواعد الأمريكية المهددة في الشرق الأوسط (١)

أولا وقبل أي حرف في هذا المقال؛ من واجبي كاتبةً ومحررةً ومحققةً صحفية لا تفقد البوصلة في أصل قضاياها مهما طال أمدها أكتب.. لا ولن ننسى غزة؛ هي القضية الفارزة، والأصل الذي نكتب ونحقق ونحرر لنوثق ونقرر ونسائل إسرائيل ومواليها إمبرياليا متواطئين بالسكوت مرة، وبالفعل مرات، في أبشع جرائم الإبادة الجماعية في ترتكب الآن حاليا وجيلنا عليها شهود.

قبل دوارة ترمب المجنونة من التلاوم و“التناطح“ ومَن خرق هدنةً ومَن غاضبٌ مِمنْ .. هناك بداية أراها لتثبيت معادلة جديدة لتثبيت التوازنات في الشرق الأوسط.، ما أقرأ منها حتى الآن :

قبل وقف إطلاق النار الهش بين إسرائيل وإيران الذي دخل حيز التنفيذ ليلة الاثنين ٢٣ يونيو ٢٠٢٥، ردت إيران على ضربات ثلاث لترمب. لكنها كانت أكثر منه ذكاء وحرصت على أن  تحدد نطاق وقواعد الاشتباك التي لا تورطها في حرب مفتوحة تستميت عليها إسرائيل. تجاوزت ضرباته الثلاث منشآتها النووية بخاصة ”فوردو“. بعد هذه الضربة تحديدا، أعلنت إيران نقل معظم اليورانيوم المخصب بدرجة ٦٠٪ من مفاعل فوردو لمكان غير معلوم. قبلها حركت الولايات المتحدة بالفعل بوارج حربية الجمعة ١٣ يونيو ٢٠٢٥  بسبب رشق إسرائيل بالمقاتلات من سلاح الجو مواقع في إيران في اليوم ذاته.

استخدم ترمب بأمر رئاسي   سلاحه الأعتى للمرة الأولى B-2 stealth bombers حاملة القنابل التي أطلقت أكثر  من ١٢ قنبلة بصاروخ خارق massive “bunker-buster” bombs لمنشأة ”فوردو“ لتدميرها وقد كتبت عن ذلك باستفاضة، و ونشرَت “سطور” تصاميم منشأة فوردو الحصينة و القنبلة الأمريكية المستخدمة والطائرة الخارقة للمراقبة B2 Stealth تفصيلا.

كان ترمب منتشيا وشديد الوقاحة (قبل تعليقه ليلة الثلاثاء أنه غاضب من إسرائيل للمرة الأولى ربما في تاريخ البيت الأبيض على الملأ لخرق وقف إطلاق النار!)  – كان منتشيا بضرباته الصاروخية للمنشآت النووية في إيران مشاركا إسرائيل في حربها المؤجلة دائما  بحسابات مخاطر صفر ولم تبالِ؛ إسرائيل تعربد عسكريا ببساطة لأنها فرصة قد تكون الأسنح للاقتناص وتثبيت وضع لم تكن تحلم به ومكّنها منه المتواطئون العرب والرئيس الأمريكي الأكثر وضوحا والأقل تظاهرا ودماثة! وستدرك أنها من بعد حرب إبادتها لغزة الذي لن تستكمله أبدا وفلسطيني واحد حيٌ يرزق باتت في أكثر المناطق خطرا على وجودها من كل شعوب المنطقة، بل لربما في العالم.

كيف تصعد إيران، وما لم تستخدمه بعد.

إيران ردت بتصعيد مدروس لا  يُدخلها في حرب شاملة مع الولايات المتحدة بضربة  لرد اعتبارها أعقبتها ببيان يطمئن قطر ويرسل رسالة لو كان الرئيس الأمريكي أي رجل آخر غير ترمب لكان تروى قبل الرد. لكن رده كان على فجاجته متعاليا؛ إذ أعلن أولا ألا خسائر وردت من ضربة إيران لقاعدة العديد (وهو ما قصدته إيران) ثم شكرها على ردها الضعيف (أيضا قصدته إيران لإرسال رسالة أنها ترد اعتبارها ومستعدة للتصعيد لكنها لا تريد حربا في المنطقة، وبياناتها للخليج تؤكد ذلك قطعيا.

استراتيجية الضربات إلى الأمام

ماذا لو لم يستجب ترمب بتصعيد يستفز إيران للرد عبر وكلائها وضرب مصالح وقواعد الولايات المتحدة تدميريا وفي العمق الإسرائيلي بغرض الإبادة؟ ماذا لو أصبح الشرق الأوسط في حرب شاملة؟  ستفتح أبواب الجحيم على حروب طويلة من الاستقطاب من ثم الاقتتال الطائفي والسياسي والاقتتال الداخلي في الإقليم الذي تفرض فيه إسرائيل نفسها في حمى حاضنتها الأم. وسيستفيد سماسرة السلاح من إطالته. إلا أن حسابا واحد يجب على ترمب ومستشاريه والبنتاجون بل ووكالة الاستخبارات CIA؛ إن صدقوا أن يتوخوا الكثير من الحذر وتجنب إسقاط النظام الإيراني وتفريغ محور الممانعة ضد الإمبريالية الأمريكية وإلى حضراتكم لماذا؟

تدفع إسرائيل الولايات المتحدة بشدة وإزعاج لسنوات خلت لدكّ إيران وتسويتها بالأرض. لماذا؟ البرنامج النووي الإيراني الذي يمثل خطرا على إسرائيل وقد يمحو الأخيرة عن وجه البسيطة. لكن تاريخ التدخل الأمريكي في المنطقة ليس مشرفا. العراق ثم ليبيا في كوكبة ناتو وفي سورية وغيرها من حروب تدخلت فيها واشنطن أفسدتها فما بالك بترقب الذي حول الحرب – أي حرب – الدفع أو الضرب. بلطجة حقيقية وسوء استغلال للسلطة كما يقول الكتاب!

سيناريو العراق يتكرر من جديد للأسف؛ الفارق الوحيد أن إيران جبهة من جبهات العربدة الإسرائيلية. ثم أن البيت الأبيض أيا كان ساكنه لا يريد التورط بنفسه فيه.

ماهية الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط 

أولا: القواعد العسكرية البرية

  • قاعدةالعديد في قطر: تُعتبر أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة، وتحتضن مقر القيادة المركزية للقوات الجوية الأمريكية.
  • قاعدةمعسكر عريفجان في الكويت: تُستخدم لدعم العمليات الأمريكية في العراق ودول الخليج.
  • القواعد العسكرية فيالعراق وسوريا: تتركز في المناطق التي تشهد نزاعات مثل الأنبار والحسكة، لدعم التحالف الدولي ضد الإرهاب.
  • القواعد العسكرية في الأردن: يستضيف الأردن عدة منشآت عسكرية أمريكية تُستخدم في التدريب والدعم اللوجستي، ومنها قاعدة موفق السلطي الجوية، التي تُستخدم للعمليات الجوية والاستطلاعية.

ملحوظتان: ١. للولايات المتحدة أربع قواعد في سورية بينها قاعدة الأسد وهي قاعدة القادسية سلفا وهي من أكبر القواعد العسكرية في سورية.

٢. في ١٧ يونيو ٢٠٢٥ انسحبت الولايات المتحدة من قاعدتين عسكريتين لها في  شمال شرق سورية في خطوة بلا صخب نشرتها حصريا وكالة رويترز أقلقت الحلفاء الأكراد في شمال البلاد على الحدود مع تركيا والعراق.

ثانيًا: القواعد البحرية

تمثل الأساطيل الأمريكية في الشرق الأوسط عنصرًا أساسيًا في استراتيجية الردع وحماية الممرات البحرية الحيوية، ومن أهم القواعد البحرية:

  • قاعدة الجفير في البحرين: تُعتبر مقرالأسطول الخامس الأمريكي، وهي مسؤولة عن تأمين الخليج العربي ومضيق هرمز.
  • الوجود الأمريكي في البحر الأحمر: عبر السفن الحربية التي تعمل على تأمين حركة الملاحة ومكافحة القرصنة.
  • الأسطول السادس في إسرائيل وتركيا: يعتمد الأسطول السادس الأمريكي على الموانئ الإسرائيلية والتركية كمراكز دعم لوجستي، ما يعزز الوجود العسكري الأمريكي في البحر الأبيض المتوسط.
  •  

ثالثا: الوجود العسكري في إسرائيل وتركيا

١. الوجود العسكري الأمريكي في إسرائيل

جزء من التحالف الاستراتيجي ويشمل:

  • المشاركة في أنظمة الدفاع الجوي: تعمل الولايات المتحدة على دعم أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلي عبر نشر بطاريات “باتريوت” ودمجها مع أنظمة القبة الحديدية مقلاع داوود.
  • مناورات عسكرية مشتركة: تُجرى تدريبات منتظمة بين الجيشين الأمريكي والإسرائيلي، مثل مناورات “جونيبر كوبرا”، لتعزيز التعاون الدفاعي.
  • مراكز الرادار الأمريكية: تدير الولايات المتحدة محطات رادار متقدمة في إسرائيل للكشف المبكر عن التهديدات الصاروخية.

٢. الوجود العسكري الأمريكي في تركيا

تركيا، العضو الأهم بعد الولايات المتحدة في حلف الناتو، تلعب دورًا مهمًا في الاستراتيجية العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط وأوروبا، ويشمل الوجود الأمريكي في تركيا:

  • قاعدة إنجرليك الجوية: تُستخدم لدعم العمليات العسكرية في سوريا والعراق، كما أنها تحتوي على منشآت تخزين للأسلحة النووية الأمريكية.
  • قاعدة كورجيك للرادار: تُعتبر جزءًا من منظومة الدرع الصاروخي لحلف الناتو، وهي مخصصة للكشف المبكر عن الصواريخ الباليستية.

رابعا: أنظمة الدفاع الجوي

انتشرت أنظمة الدفاع الجوي الأمريكية في الشرق الأوسط لحماية القواعد العسكرية وحلفاء واشنطن، ومنها:

– نظام باتريوت: يُستخدم لحماية القواعد والمنشآت الحيوية من الهجمات الصاروخية.

– نظام ثاد (THAAD): تم نشره في بعض الدول الخليجية لتعزيز الدفاع ضد الصواريخ الباليستية.

– التعاون الدفاعي مع إسرائيل وتركيا: يشمل أنظمة مثل “القبة الحديدية” و”مقلاع داوود” في إسرائيل، بالإضافة إلى رادارات متطورة في تركيا لتعزيز الدفاع الصاروخي للناتو.

ما يهمني كثيرا في هذه المعضلة الجيوسياسية أمران: أولهما، كيف يمكن للولايات المتحدة التدخل العسكري في هذا الصراع مباشرة دون نقل قوات من الولايات المتحدة من دون إذن من الكونغرس على حرب جديدة بقوات كما يقول الأمريكيون boots on the ground ) ) وحركة طلابية وأكاديمية وشعبية عالمية كبرى تزداد شراسة ضد حرب إسرائيل والإبادة الجماعية على فلسطين؟ والثاني كيف سيحمي أي رئيس أمريكي مصالح الولايات المتحدة من دون إيذاء حلفائها و وحلفاء إسرائيل الجدد من قاطرة المطبعين دون أن يشعل حربا عربية عربية في المنطقة؟

في الجزء القادم أتحدث عن مشروعية الضربات الأمريكية في المنطقة ومسار التدخل الأمريكي الذي قد يستقدم روسيا أو الصين لحماية مصالح الأخيرة مجددا لإحداث التوازن في الشرق الأوسط.

مصادر المقال:

Council on Foreign Relations

The D Brief

YNetNews

MilitaryTimes

موقع الشرق الأوسط للعلوم العسكرية

Reuters

The Independant

France24

وكالة أنباء Associated Press

SKY News

The Washington Post

The New York Times

شارك

مقالات ذات صلة