سياسة

أم القُرى وحافة الهاوية (٢) -انهيار الردع بين إيران وإسرائيل؟ 

يونيو 19, 2025

أم القُرى وحافة الهاوية (٢) -انهيار الردع بين إيران وإسرائيل؟ 

هل يقدم ترمب على خيار تدخل أمريكا فعلا؟ 

أهم الأسئلة اليوم؛ هل انهارت إيران تحت بلطجة ترامب بخُطَافِة إسرائيل؟

هل توجعت إسرائيل بضربات إيران؟

 

نقاط تفوق إيران عسكريا تضم ولا شك منظومة صواريخها الباليستية إضافة إلى منشآتها من أجهزة الطرد المركزي واليورانيوم عالي التخصيب؛ جميع ذلك هو الجزء الفائق من ترسانتها التسليحية التي حققت لسنوات ردعا لإسرائيل لا يستباح دون إذن أمريكي واضح وهذا الإذن لم يأت حتى الأيام الأخيرة الفائتة.

عنصر المباغتة أكسب إيران كثيرا في هذه الجولة. استخدمت إيران الجيل الأول من صواريخ فتّاح وهو صواريخ فرط صوتية – تستخدم للمرة الأولى في عملية ”الوعي الصادق ٣“. هو صاروخ دقيق التصويب وهو عصي على نظم الدفاع الصاروخي الإسرائيلي. الإيراني في اليوم الأول عدد كبير من الصواريخ للرد على الضربة الأولى الصادمة للصواريخ الإسرائيلية. كانت ردا قويا باغت إسرائيل بالرد قويا بنقطة تفوق لإيران بنظام الصواريخ الباليستية المتفوقة في إيران والتي دائما ما استدعتها الولايات المتحدة لفرض العقوبات عليها. الصواريخ البالستية والفرط صورية هي عماد . هجوم متدرج بصواريخ أيضا متدرجة القوة والسرعة لاستنزاف سلاح الجو ونظام الدفاع الصاروخي ونظم الدفاع الاعتراضية.

إسرئيل استثمرت في سلاح الجو الإسرائيلي الفائق أمريكي الصنع الذي تحتفظ لها الويالات المتحدة لإسرائيل فيه بالأحدث والأعلى قائقية بشكل معلن تفضيلا عن أي دولة أخرى في االشرق الأوسط.

 

المنشأة النووية الإيرانية فوردو عقبة كؤود حتى أمام الولايات المتحدة؟

تستميت إسرائيل وتتحجج بمنشأة إيران النووية (فوردو) . فوردو ثاني أكبر موقع نووي في إيران  يقع على بعد ٢٠٠ كيلو متر جنوب غرب طهران، و ٣٠  كيلومتر شمال شرق مدينة قُم. برعت إيران في تحسين منشأتها ”فوردو“ حتى أصبحت عصية ليس فقط إسرائيل ولكن حتى على الولايات المتحدة. بُنيت فوردو في مجمع أنفاق في منطقة جبلية صرف وعلى عمق يزيد عن ثمانين مترا تحت سطح الأرض (هذا العمق الذي استطاعت أن تلتقطه صور الأقمار الاصطناعية وهو الأكثر ضحالة). تضم المنشأة قاعتين لتخصيب اليورانيوم تضم ٣٠٠٠ جهاز طرد مركزي (مصادر الوكالة الدولية للطاقة الذرية). هي ذات المنشأة التي خصبت فيها إيران اليورانيوم لدرجة ٦٠٪ وهو ما روع مجموعة ٥+١ في مماطلة أخيرة للضغط عليهم في جولة أخيرة في المفاوضات بشأن برنامجها النووي لاقترابها من النسبة المطلوبة من نسبة ال٩٠٪ التي تمكنها من صنع القنبلة النووية.

 

القنبلة الكبرى الخارقة للتحصينات في ترسانة الجو الأمريكي و ”فوردو“

يعتقد الغرب أن به مخزونا من اليورانيوم عالي التخصيب يمكن استخدامه لصنع رؤوس نووية، وتدعي إسرائيل أنها تستلزم قنبلة صاروخية اختراقية للمنشأة داخل الجبل لا تصنعها إلا الولايات المتحدة للتمكن من اختراقها وتدميرها بقنبلة خارقة تمتلكه الترسانة الأمريكية فقط وهي  مايطلق عليها “bunker buster” Bomb GBU-57A/B MOP كما أن طائرة B2 الأمريكية هي الوحيدة القادرة على حمل هذه القنبلة العملاقة التي تصنعها القوات الجوية الأمريكية  United States Air Force. منفردة، ولا تمتلكها إلا البنتاجون ولا تخرج لتنفيذ عملية إلا بأمر من البيت الأبيض. لو استعدت بالفعل هذه يتكون المرة الأولى التي تخرج فيها الطائرة الحاملة B2 وقنبلة bunker buster” Bomb GBU-57A/B MOP بأمر الرئيس لاستهداف وتدمير منشأة ”فوردو” الإيرانية.

وزن القنبلة يصل إلى ١٣ طنا ورأسها المتفجر المخترق ”The Penetrator“ يبلغ وزنه ٢٤٠٠ كلجم. مصمم لاختراق ٦٢ متر من الخرسانة المسلح. تكلفة كل قنبلة بالرأس المخترق ثلاثة ونصف مليون دولار. تُطلق حصريا من طائرة قاذفة من طراز  B2 Spirit وهي القاذفة الحاملة لها وتصنع حصريا لهذه المهمة ولا تستدعى إلا بأمر رئاسي.

مواصفات القنبلة في سلاح الجو الأمريكي:

Diameter: 31.5 in (0.8 m)

Filling: AFX-757/PBXN-114

In service: 2011

Manufacturer: Boeing

Mass: 30,000 lb (13,608 kg)

Used by: United States Air Force

الأهم في استخدام أي سلاح أمريكي مباشر لا تمريره لإسرائيل لاستخدامه، يعني مباشرة دخول الولايات المتحدة حربا الحرب، ما قد يستعدي حلفاء من الصين وكوريا الشمالية للدعم، ما سيجلب قوى حلف شمال الأطلسي بما فيهم تركيا العضو القوي في الحلف بموجب بند الدفاع المشترك وهو البند الخامس الذي يلزم كل أطرف الحزب للاشتباك عسكريا مع أي خطر يهدد عضوا في الحزب وهو ما كان يُخشى من تورطه في أوكرانيا.

لكن هناك بعد أشرت إليه آنفا على درجة من الأهمية بمكان. كل هذه الدولة من خارج المنطقة، والذين يراقبون بحسابات لا متناهية أين سيصُطَفّون لو تصاعد الأمر بعد انهيار الدع بين إيران وإسرائيل واستجلبت إسرائيل بإصرارها الأعمى على التوسع والتخلص من الخصوم بدعم لا مؤسساتي كالذي يوفره ترمب مستفيدين بما فيهم الولايات المتحدة بصرف النظر عن المخاطر السياسية والعسكرية. ترسانات الأسلحة وسباق التسلح الماضي في المنطقة الآن يعني مكاسب مضمونة للولايات المتحدة ودول صناعة الأسلحة سواء في دول الاتحاد الأوروبي أو دول آسيا مثل الصين وكوريا الجنوبية وغيرها. وتعدد مصادر التسلح تفتح بابا شيطانيا لتأجيج الصراع في الشرق الأوسط قبل تثبيته ثانيا على توازنان جديدة تبقى الأمور دائما… على الحافة.

 

الولايات المتحدة

لن تذهب إسرائيل للمواجهة الكاملة من دون اذن أمريكي واضح.

 

حتى نشر هذا المقال لم يقل ترمب سوى كلمتين على سلم طائرته الخلفية عن أنه يريد استسلاما كاملا من إيران. ثم أتبعه بتصريحات نارية خذر بلهجة آمرة أن أمور التهدئة الالتفاف حول روسيا (علاقتهم جيدة)  والصين التي تتململ من هذه العربدة الإسرائيلية. ترمب قال إنه “لن يقتل المرشد الآن لكننا نعرف مكانه ولن يرضي ترامب “تسليما كاملا لإيران. إسرائيل فحّشت بتهديد باكستان بعد إيران. حتى ألمانيا قالت إن إسرائيل تقوم بعمل قذر من أجلنا (نادي البيض في العالم الأول).

 

بيانات ترمب شيء لكن إيران ما زالت ٢١ مليار دولار صرفتهم إيران على تطوير التكنولوجية.  تهديد ”رئيس دولة“ باغتيال نظيره أو جزء من نظامها أمر جلل! ما فعله ترمب بتعداد واضح بالتهديد باغتيال خامنئي. إيران تأخرت ليلة في الرد الباتر ليلة اغتيال نصر الله والتعدي على هيبتها باغتيال الصف الأول لقياداتها العملياتية؛ لم أقرأ خيرا في هذه المحاولة للتحرك بحذر حساس لإشعال حرب شاملة في منطقة قائمة على التوازنات. ما تقدم عليه إيران الآن – على ظني – وعلى الرغم من شجاعته عسكريا وكسبه دعما شعبيا كاسحا – كاسحا للشعوب الشرق أوسطية من المحيط للخليج فتت معادلة الردع في المنطقة كلها كما دفعتها إليه إسرائيل واستماتت في المحاولة ولم تفلح في جر إيران إليه على مدى أكثر من عشرين عاما. في وجود ترمب وبلطجنه القائمة على ”البتر الكامل للخصم أو ابتزازه بطلب فِردة أو إتاوة“ قصم معادلة الردع بشكلها النظامي، وسيفرض  قريبا قواعد اشتباك  جديدة تؤسس لمنطقة مشينة ”معنا أو علينا“ والمعيار هنا مرتبط بإسرائيل. آما التنكيل أو الولاء التام ودفع ”أرضية“ بالمليارات، أو بالخدمات في الإقليم.

 

كيف كان الردع وكيف استقام سابقا؟

معادلة رقيقة جدا على صلفها، على هشاشتها احتفظ فيها كل طرف بأدواته لردع الآخر لسنوات. إيران لديها مفاوضات طويلة أرهقت فيها خصومها الغربيين وردعت إسرائيل عن أرضها لفترة طويلة كانت إسرائيل تهدد ولا تنفذ، تتوعد وتهدد وتستحث وتحرض حاضنتها الأم؛ ذراعا يستنفر جسدا مخيفا، لكنه لا يضرب: لأنه لا يستطيع الضرب.

استماتت إسرائيل لسنوات بالتحريض على إيران لتجر قدميها لحرب تستدعي فيها راعيتها الولايات المتحدة لحرب تمحي فيها إيران. الشماعة دوما كانت ”برنامج إيران النووي“. على الرغم من امتلاك إسرائيل ترسانة من السلاح النووي وسط منطقة ”كانت“ إسرائيل فيها العدو الأول بلا منازع لعقود خلت!

الخمسة زائد واحد، وهو كيان يستحضر وأٌضني في مفاوضات أخذت من السنين عشرة في جولة واحدة من ست جولات أرهقت إيران ستّاهم بالحوافز مرة وبالعقوبات عليها مرات ولم يزحزحوا نظام الحكم المفاوض فيها قيد أنملة. دفع الشعب الإيراني أثمان باهظة لهذه النزالات، وترصد ”الخمسة زائد واحد“ .

استخدمت إيران قوتين مهمتين لتبقي على توازن القوى في المنطقة شديدة الحساسية في الموازنات بعد حربها المضنية للبلدين في العراق استفاد منها سمسرة السلاح في الغرب من السنوات ثمانية:  الحرس الثوري الذي ثبت دقته في عمليات محددة خارج أرضها وحمته بحاضنة شعبية أصيلة في سياسة ثورة الخميني الأساسية في نشر ”الثورة الإسلامية“ خارج الربوع.

 

دراسة حالة: أمّ القرى أم حافةُ الهاوية؟ إيران في مواجهة إسرائيل!

في العاشر من أكتوبر ٢٠٢٤ كتبت استشرافا لما يحدث الآن فورا وسميت سياستي إيران وإسرائيل باسميهما ”أم القرى“ وهي سياسة إيران المعهودة قبل اغتيال حسن نصر الله، و“حافة الهاوية“ التي تتبعها إسرائيل وقد انهارت معادلة الردع التي طالما حافظت عليها إيران في ردع إسرائيل مهما تبجحت. تكتيكيا  ”مفهوم الردع“ الذي كتبت عنه في ثلاثية ”الترسانة المصرية“ هو ما اتبعته إيران على أرضها لكنها طبقت خارج الأرض نظرية كانت الأطول نفسا والأكثر حرافة وأعيت إسرائيل الحيل، وأبقت كل الأطراف عليها حتى الولايات المتحدة حتى انهار الردع بحساب خاطيء من إسرائيل وبقرار من إيران.

 

نظرية أم القرى

فعلت إيران نظرية أسست لها بعد ”الثورة الإسلامية“ ١٩٧٩ في عهد المرشد الأعلى للثورة ”’آية الله الخميني“. أساسها كان توحيد ”العالم الإسلامي“ تحت قيادة الثورة الإسلامية الإيرانية ونشر مباديء ثورتها معتبرة إيران ”أم القرى“ ومركزا وملجأ للمسلمين. سرعان ما اتخذت السياسة بُعدين مهمين شكلا سياسة إيران والمنطقة : الطائفية والولاء السياسي.

النظرية الاستراتيجية، وضعها النائب في البرلمان الإيراني، محمد جواد أردشير لاريجاني، والذي عمل مساعدًا لوزير الخارجية في عهد الخميني، جاءت ضمن كتابه “مقولات في الإستراتيجية الوطنية”، والذي لا يزال يدرس حاليًا في الجامعات الإيرانية.

 

النظرية لها بعدان أساسيان

البعد الأول وهو بعد داخلي يتعمد على الحفاظ على الدولة الإيرانية، وهنا يقول لاريجاني: “إيران دون أدنى شك أم القرى في العالم الإسلامي”، و”المحافظة على أم القرى معادل للمفهوم العرفي للمحافظة على الدولة”.

البعد الثاني فهو بعد خارجي، يسعى لإقامة إمبراطورية خارجة للحدود، ويبرز في قول لاريجاني “ومما لا شك فيه أن الحفاظ هنا يقصد به المعنى الكامل للكلمة؛ إذ لا يقتصر على الحفاظ على حيز الدولة الجغرافي”.

تقوم ”أم القرى“ على إيجاد ومد طريق يمثل ممرا بريا يمتد داخل دول تستقطب فيها طهران حلفاء وكيانات أسستها حتى سواحل البحر المتوسط. لو استحضرتم خرائط المنطقة قبل نهاية الألفية الحالية، سترى بوضوح  امتداداً عدة لإيران في العراق وسورية انتهاء بلبنان ثم خارج الإقليم لتكون إيران مركزا للعالم الإسلامي أجمع. 

لكل من هذه الدول مصالح وحلفاء وكيانات عسكرية وشبه عسكرية، خاصة بعد الحرب في سورية منذ ٢٠١٢. اقتفاء إيران موجات التصعيد بين حلفائها أو فصائل ترتبط بها من جهة وبين عداء كقوى مقاومة ضد المحتل (القوات الإمبريالية الأمريكية أو المحتل الصهيوني الإسرائيلي) من جهة أخرى، يحيي عصب المقاومة (بعيدا عن الخلاف مع نفس القوى في الأداء نفس القوى سياسيا وعسكريا خلافا لإسرائيل ) في سورية والعراق ولبنان، وانضمت له أنصار الله الحوثية في خليج عدن واليمن.

استنفرت القوة الوليدة المفعمة بالحماس وصاحبة نظرية أم القرى منافساً بذات الهيمنة والقوة بحضانته للبيتين الحرام وقد انفجرت تحت قدمية ثروة (السعودية)؛ أكسبته هيمنة دينية وسياسية أيضا في سنوات تآكل الهيمنة المصرية الطاغية بعد توقيع اتفاقية مصر- إسرائيل ١٩٧٩. الوكيل الماهر للثورة و“الحماية“ (الولايات المتحدة) تلقف الفرصة وخلق توازنا آنيا لم يخب وأبقى على القوتين في حالة شبه مستقرة من التنافس، كلفا المنطقة المحملة  حرب الخليج الأولى ( إيران والعراق) ، ثم حرب الخليج الثانية ( تصفية خصم كبير اسمه صدام حسين بأياد عربية ودولية بسلاح مهول قبض ثمنه من الجميع الغرب ١٩٩٠)، حتى سنحت فرصة ثانية لإزاحة صدام حسين (النظام الشمولي الاستبدادي الطاغي الذي منح الفرصة ثلاث مرات لاستنزافه فوق رقاب شعبه) .

 

الهجوم للأمام

تبنت إيران منذ سنوات استراتيجية الهجوم للأمام أو الدفاع الهجومي، وهي فلسفة التزمت بها كي لا تجر الحرب إلى أرضها واستبدال الحرب التقليدية الشاملة مع إسرائيل بالدفع بالوكلاء لها قي المنطقة دون خسائر تحسب عليها. من هذا المنطلق جاء الثقل العملياتي لإيران مثلا في دور حزب الله في سورية، والميليشيات الموالية لها في العراق واليمن. بهذا تكسب إيران أرضا وحلفاء ولا تخسر شيئا أمام شعبها إلا من العقوبات المفروضة عليها والتي تبرر لها بسردية ”واجب المقاومة“ لإخفاء خسائرها إن وجدت.

اغتيال السيد حسن نصر الله كان ضربة موجعة جدا لإيران. في مراحل سابقة وبشكل محسوب اكانت إيران تنشر فصائل ترتبط بفيلق القدس، ذراع الحرس الثوري الإيراني. تتمترس تلك الفصائل إما لنجدة الحلفاء الإيرانيين (تدخل حزب الله في سورية) أو تربصا بالمصالح الأمريكية في المنطقة (عمليات الفصائل العراقية الموالية لإيران منا ٢٠٠٣ وهجمات أنصار الله الحوثية في مياه الخليج) أو حتى أمام إسرائيل مباشرة في لبنان وسورية. على صعيد مغاير تتولى المقاومة الفلسطينية (حركة التحرر الوطني ضد الاحتلال) في قطاع غزة جبهتها القتالية ضد الاحتلال. وإن جاء ذلك على هوى إيران لكنه لا يدفعها للمدد العسكري لا لقطاع غزة ولا للضفة الغربية ولا القدس المحتلتين.

نظرية ”أم القرى“ التي تتبعها إيران تحررها من القيود الجغرافية لتمتد بنفوذها إلى كل جيوجرافية أو مجتمعات بشرية في هذه الدول تحمل المذهب الشيعي عقيدة أو جهادا. لذا عمدت إيران إلى ترسيخ الارتباط المركزي بها بين الشيعة في الدول كافة  كمرجع أساسي ومرشد، إلا من بعض الفصائل المسلحة بقيادة مقتدى الصدر مثلا الذي وعى لتلك الهيمنة وتحرر منها إبان الحرب الطائفية في العراق ٢٠٠٥-٢٠٠٨.

إيران لديها وكلاء أيديولوجيا وعسكريا كان يحسب حسابهم في حسابات الردع في المنطقة؛ حزب الله، سورية بشار والعائلة؛ فصائل المقاومة وإن كانت مرجعيتها التحرر الوطني، وفصائلها القوية في المنطقة في العراق وسورية وأخيرا في اليمن.

 

إسرائيل أسقطت المنطقة عن حافة الهاوية

ليس بعد. قبل أسبوع كتبت عن تسريبات عدة كشفت عن نية إسرائيل منذ نوفمبر ٢٠٢٤ دفعَ إيران إلى التصعيد. في ١٣ نوفمبر ٢٠٢٤ تسريب أطاح بمسؤول أمريكي أُدين بتمرير وثائق على درجة شديدة من السرية تحمل تفاصيل خطة إسرائيلية لمهاجمة إيران، وشنت إسرائيل بالفعل طلعات جوية على إيران في أكتوبر العام الماضي مستهدفة مواقع عسكرية في مناطق مختلفة في رد فيما يبدو على هجمة صاروخية من إيران على إسرائيل قبل أسابيع من هذه الواقعة. الوثائق المسربة كانت تحمل تقييما شاملا لخطط وشيكة للهجوم، وكذلك خطة تمركزات التحركات العسكرية الإسرائيلية. ألقي القبض على  المسؤول المشتبه به آصف رحماني في كمبوديا الثلاثاء ١٢ نوفمبر ٢٠٢٤ وجُلب لمواجهة عريضة الادعاء. الأهم في الادعاء كان عنوانين؛ الأول كان: القوات الجوية تواصل الاستعدادات لضرب إيران والقيام بتدريب ثان واسع المدى وشديد التسليح يضم صواريخ أرض أرض. والعنوان الثاني كان: الجيش الإسرائيلي يستمر في إعداد الذخيرة وطائرات بدون طيار فائقة القدرة على تمويه التتبع بتفاصيل تقنية في مكامن ضرب مواقع إيرانية.

 

قامت بالفعل إسرائيل بتوجيه ضربات انتقامية لإيران في السادس والعشرين من أكتوبر بعد أسابيع من التخطيط لكيفية الرد على هجمات إيرانية بالصواريخ شنتها على إسرائيل في الأول من أكتوبر ٢٠٢٤.

 

سياسة حافة الهاوية في مواجهة أم القرى… قد تكون انهارت

عربدت إسرائيل عن قصد بفتح كل الجبهات في آن معا في غزة والضفة ولبنان وسورية والعراق واليمن، لاستفزاز إيران بكل السبل لتشتبك في صراع شامل. قد يتحقق لإسرائيل هدفها برعاية غربية أمريكية بالتحديد في محاولة لجر إيران بدعم التواطؤ العربي وتدجين محور التطبيع لحرب شاملة تؤجج الصراع العربي الذي سرعان ما سيتحول إما لحرب حقيقية ضد المحتل الإسرائيلي في بدايته ويتطور لصراع طائفي حقيقي بدت بوادره في تلاسنات إلكترونية تنعش خيال سماسرة السلاح من جديد، أو ضربات غربية نوعية على مواقع بعينها لتأمين إسرائيل في الظاهر وبتر أطراف ما بقي من المحور الإيراني في المنطقة ورسم معادلة توازنية جديدة للأسف ستكون بين حلفاء إسرائيل وأي كيانات مشوهة أخرى. المقصود استنزافُ إيران ووأد أي جذور للتمرد على الهيمنة الإمبريالية الأمريكية وضربُ المصالح الروسية في منطقة الشرق الأوسط، خاصة بعد فشل المشروع الأمريكي في العراق بعد الغزو وتغوّلِ الفصائل الموالية لإيران في العراق وسورية عسكريا وسياسيا بعد ٢٠٠٣ وإبان الحرب في سورية ٢٠١٢-٢٠١٧. بينما أرجل روسيا لازالت ودول الاستعمار القديم في وحل أوكرانيا، والولايات المتحدة، بين يدي ترمب تسمسر لأكبر عمليات نهب للرشاوى والسلاح في التاريخ الحديث.

 

شارك

مقالات ذات صلة