فنون

زئير الأسد الأخير في عتمة الشتاء.. The Lion in Winter!

يونيو 7, 2025

زئير الأسد الأخير في عتمة الشتاء.. The Lion in Winter!

فيلم “The Lion in Winter” أو “الأسد في الشتاء”، الذي أنتِجَ في عام 1968، هو واحد من أجمل الأفلام الدرامية التاريخية، وقد أخرجه “أنتوني هارفي”، بينما قام “جيمس غولدمان” بكتابة النص السينمائي باقتباسه من مسرحيته التي تحمل الاسم نفسه، والتي عُرضت لأول مرة في مسارح أمريكا في عام 1966، ولم تحقق نجاحًا جماهيريًا آنذاك، رغم أنها نالت إعجاب النقّاد، ولكن الفيلم تفوّق على المسرحية وحقّق شهرة كبيرة.

 

تدور معظم أحداث الفيلم في ليلة عيد الميلاد من عام 1183 داخل قلعة باردة في إنجلترا، مع الملك “هنري الثاني” الذي يبلغ من العمر 50 عامًا، ويريد أن يختار وريثًا للعرش من بين أبنائه الثلاثة قبل وفاته: الابن الأكبر “ريتشارد” وهو جندي شجاع، والابن الأوسط “جيفري” الهادئ والغامض، والابن الأصغر “جون” المدلّل والمفضّل بالنسبة إليه، حيث يجتمع معهم، لكن سرعان ما يتحول الاجتماع العائلي إلى صراع موازٍ لأعمال “وليام شكسبير” المأساوية بتوتّرات مكبوتة، حيث تُعاد الحسابات، وتنقلب الولاءات، ويتنافس الجميع على النفوذ والسلطة.

 

يقوم الملك “هنري الثاني” بالإفراج عن زوجته السابقة والسجينة “إليانور آكيتين” بشكل مؤقّت لقضاء عيد الميلاد، وهي امرأة ذكية وماكرة، وقد قام بسجنها بسبب مؤامراتها وخياناتها وأطماعها السياسية، وهو الآن يريد الاستعانة بها في مهمة اختيار الوريث، وينضم للمشهد ملك فرنسا الشاب “فيليب الثاني”، أملًا بتحقيق تحالف سياسي بزواج شقيقته “أليس” من وريث العرش، ولكن تبقى المشكلة في أنّ الملك “هنري الثاني” لم يقم باختيار الوريث حتى هذه اللحظة، والمشكلة الأكبر هي أن تلك الشابة “أليس” أصبحت عشيقته.

 

النص السينمائي الذي كتبه “جيمس غولدمان” هو سر قوة الفيلم، فقد كان محبوكًا ولاذعًا وقاسيًا، باستعراضه لصراع عائلي وحرب نفسية في قالب من السخرية والمشاعر الدفينة والمكر والدهاء، واعتمد الفيلم بشكل كبير على الحوارات البليغة والأداء المدهش من طاقم الممثلين.

 

“كاثرين هيبورن”، التي أعتبرها واحدة من أعظم الممثلات في هوليوود، قدّمت هنا أروع أداء لها في مسيرتها السينمائية، فقد جسّدت شخصية “إليانور آكيتين” بإبداع يفوق الوصف، حيث جمعت في شخصيتها بين الزوجة المحطّمة، والأم الطموحة، والملكة المنفية، وكذلك “بيتر أوتول” قدّم أداءً رائعًا بشخصية الملك “هنري الثاني”.

 

الجدير بالذكر أنّ هذا هو الفيلم الأول الذي يشارك في بطولته “أنتوني هوبكينز”، حيث أدّى شخصية “ريتشارد”،  وقد أبدع أيضًا، كما شارك في البطولة كلٌ من: “جون كاسل” بشخصية “جيفري”، و”نايجل تيري” بشخصية “جون”، و”تيموثي دالتون” بشخصية ملك فرنسا “فيليب الثاني”، و”جين ميرو” بشخصية “أليس”.

 

بلغت ميزانية إنتاج الفيلم 4 ملايين دولار، وقد حقّق نجاحًا مبهرًا على المستويين النقدي والجماهيري، وقد وصلت إيراداته إلى أكثر من 22 مليون دولار في شبّاك التذاكر في أمريكا وبقية دول العالم.

 

فاز الفيلم بـ 3 جوائز أوسكار لأفضل نص سينمائي مقتبس لـ “جيمس غولدمان” وأفضل ممثلة “كاثرين هيبورن” وأفضل موسيقى تصويرية لـ “جون باري”، التي كانت عنصرًا مهمًّا في نجاح الفيلم، كما ترشّح لـ 4 جوائز أخرى، لأفضل فيلم وأفضل إخراج لـ “أنتوني هارفي” وأفضل ممثل “بيتر أوتول” وأفضل تصميم أزياء.

 

إنّه حقًّا فيلم رائع ويتوغّل في أعماق النفس البشرية، فقصّته القاسية لا تستعرض أبطالاً من العصور الوسطى بل خصومًا شرسين، ولا تنتصر لأحد، بل تعرّي الجميع، والعائلة هنا ليست ملاذًا آمنًا، بل ساحة صراع، وقد أبدع المخرج “أنتوني هوبكينز” في تحويل النص المكتوب إلى لوحة نفسية عميقة تُركّز على التلاعب، والعلاقات المعقدة بين أفراد العائلة الملكية، والحدود الغامضة بين الحب والسلطة.

شارك

مقالات ذات صلة