مدونات

المساعدات الأمريكية.. مصائد موت وغطاء للقتل الجماعي!

يونيو 2, 2025

المساعدات الأمريكية.. مصائد موت وغطاء للقتل الجماعي!

للكاتب: ظاهر صالح



مجزرة المساعدات في رفح صباح اليوم ليست الأولى، بل هي استمرار لسلسلة طويلة من المجازر والجرائم التي يرتكبها الاحتلال الفاشي بحق المدنيين العزل في قطاع غزة، وذلك في ظل تواطؤ أمريكي وصمت دولي وعربي مخزٍ، يوفر غطاءً لاستمرار هذه الجرائم ضد الإنسانية.

ففي مشاهد مأساوية تعكس عمق الانحطاط الإنساني والسياسي للسياسات الإسرائيلية والأمريكية في قطاع غزة، ارتكبت قوات الاحتلال مجزرة جديدة في مدينة رفح جنوبي القطاع، حيث استشهد أكثر من 30 فلسطينياً وأُصيب 120 آخرون، بعد أن فتحت قوات الاحتلال نيرانها على حشود المدنيين الذين كانوا ينتظرون الحصول على مساعدات إنسانية بالقرب من موقع تديره شركة أمريكية.

هذه الجريمة والمجزرة لم تكونا معزولتين، بل تكررتا في مواقع أخرى كمركز “نتساريم” وسط القطاع، في مشهد وصفه فلسطينيون بأنه “قتل جماعي متعمد تحت غطاء إنساني زائف”، واتُهمت فيه واشنطن بالمشاركة في صناعة هذه الكارثة.


ووفقاً لإفادات شهود عيان وتقارير صحفية، وقع الهجوم عندما تجمع مئات الفلسطينيين الجوعى قرب منطقة “مواصي رفح” في محاولة للحصول على المساعدات التي يُفترض أن تُقدَّم عبر مشروع “أمريكي إسرائيلي” مزعوم لإيصال الغذاء. لكن الحشود المدنية، ومعظمها من النساء والأطفال، فوجئت بإطلاق نار مباشر من الآليات العسكرية الإسرائيلية، ما أدى إلى سقوط عشرات الشهداء والجرحى، وسط حالة من الذعر والخوف.

والجدير بالذكر أن هذه الواقعة لم تكن الأولى، حيث قُتل وأُصيب العشرات أيضاً في مركز توزيع مساعدات آخر في نتساريم، وهو موقع مشابه يقع في شمال النصيرات وسط القطاع. تؤكد وزارة الصحة الفلسطينية والمكتب الإعلامي الحكومي أن ما يجري هو استخدام “منهجي للمساعدات كأداة حرب” لتجميع الجوعى في نقاط قتل مكشوفة، ثم إطلاق النار عليهم دون رحمة.

المكتب الإعلامي في غزة وصف المخطط بأنه “فاشل وخطير”، مُشيراً إلى أنه غطاء دعائي لتجميل صورة الاحتلال والترويج لمزاعم كاذبة عن “الاستجابة الإنسانية”، في وقت تُغلق فيه المعابر الرسمية وتُمنع المساعدات الحقيقية التي تمر عبر الأمم المتحدة والهيئات الدولية المحايدة.

الغضب الفلسطيني لم يتوقف عند تحميل الاحتلال مسؤولية المجزرة، بل امتد ليشمل المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، الذي وُصف في شبكات التواصل بأنه أحد مهندسي المجازر الأخيرة، بعد ما قيل إنه منح “الضوء الأخضر” للاحتلال من خلال رفضه المتسرع لرد حركة المقاومة الإسلامية “حماس” على مبادرة وقف إطلاق النار.

وسرعان ما تصدّر وسم “#WittkoffMassacre” منصات التواصل، في إشارة إلى أن المجزرة التي وقعت في رفح لم تكن بعيدة عن الغطاء الأمريكي السياسي، والتمويل العسكري، والدعم الاستخباري المقدم للاحتلال. وقال نشطاء إن تصريح ويتكوف فُهم “إسرائيليًا” كرسالة صريحة للاستمرار في المجازر، تحت ذريعة الضغط على حركة “حماس”.


إن مشروع المساعدات الذي تُصر عليه الولايات المتحدة و”إسرائيل”، والمسمى “بالمساعدات عبر المناطق العازلة”، أثبت فشله المتكرر منذ إطلاقه في 27 أيار، خصوصاً أنه يُنفذ بعيداً عن إشراف الأمم المتحدة، عبر جهة تُدعى “مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية”، التي لا تحظى بأي قبول دولي، وتُعتبر واجهة “إسرائيلية أمريكية” تهدف إلى شرعنة الحصار وتجويع الغزيين تحت مسميات إنسانية مضللة.

تأتي هذه المجزرة ضمن سلسلة من جرائم الإبادة الجماعية التي تنفذها قوات الاحتلال بحق أكثر من 2.4 مليون فلسطيني يعيشون تحت الحصار والقتل اليومي منذ السابع من أكتوبر 2023، حيث ارتفع عدد الشهداء والجرحى إلى أكثر من 178 ألفًا، بينهم عشرات الآلاف من الأطفال والنساء، في حين لا يزال أكثر من 11 ألف مفقود تحت الأنقاض أو في عداد المختطفين.


في هذا السياق، حمّل المكتب الإعلامي الحكومي الاحتلال “الإسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية” المسؤولية الكاملة عن هذه المجازر، التي تُرتكب بدم بارد وبغطاء سياسي وأمني وعسكري من واشنطن، كما دعا إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية عاجلة ومستقلة، لتوثيق المجازر التي تُرتكب في مواقع توزيع المساعدات وغيرها، ومحاسبة المسؤولين عنها أمام المحاكم الدولية.

يؤكد خبراء في القانون الدولي أن سلوك الاحتلال “الإسرائيلي” في قطاع غزة، خصوصاً استخدام الجوع كسلاح حرب، يُعد انتهاكاً صريحاً لاتفاقيات جنيف، ويمثّل جريمة حرب مكتملة الأركان، فيما يُفترض أن تخضع الدول الداعمة له، وعلى رأسها الولايات المتحدة، للمساءلة القانونية أمام المحكمة الجنائية الدولية أو محاكم دولية خاصة.


ما يجري في غزة اليوم، وبخاصة في رفح، لم يعد مجرد عمليات عسكرية، بل انتقل إلى مرحلة الإبادة المنهجية والتجويع القسري المدعوم دولياً. إن المجازر المرتكبة في مواقع توزيع المساعدات لا يمكن اعتبارها أخطاء، بل هي سياسة واضحة ومقصودة، تُدار بخبث وتخطيط وتواطؤ أمريكي سافر، ومجزرة ويتكوف لن تكون الأخيرة ما لم يتحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل لوقف آلة القتل، ورفع الحصار، ومحاسبة المجرمين.

 

شارك

مقالات ذات صلة