مدونات

مأساة آلاء النجار: عندما يُقتل المستقبل تحت أنقاض غزة!

مايو 26, 2025

مأساة آلاء النجار: عندما يُقتل المستقبل تحت أنقاض غزة!

للكاتبة: آمال عزاز

 

في صباح يوم عادي، خرجت الطبيبة الفلسطينية آلاء النجار إلى عملها في مستشفى ناصر الطبي بقطاع غزة، ككل يوم، لتُداوي جراح الأطفال الذين شوّهتهم الحرب. لكنها لم تكن تعلم أن هذا اليوم سيكون الأقسى في حياتها. فبينما كانت تنقذ أرواحاً، كانت أرواح أطفالها التسعة تُنتزع منها واحدة تلو الأخرى.


الغارة التي حوّلت البيت إلى جحيم

عاد زوجها الدكتور حمدي النجار إلى المنزل بعد أن أوصلها إلى المستشفى، وما هي إلا دقائق حتى سقط صاروخ إسرائيلي على منزلهم في منطقة قيزان النجار جنوب خان يونس. اشتعلت النيران، وانهار البيت فوق من بداخله. وصلت فرق الدفاع المدني لتنقذ ما تبقى، لكن كل ما وجدوه كان جثامين متفحمة لتسعة أطفال، أصغرهم لم يتجاوز العامين، وأكبرهم كان في الثانية عشرة من عمره.


الطبيبة التي استقبلت أولادها في ثلاجة الموتى

وسط ضجيج المستشفى وصراخ الجرحى، سمعت آلاء صرخات زملائها.. ثم رأتهم يحملون أكفانًا بيضاء صغيرة. اقتربوا منها، وكانت الصدمة: هؤلاء أطفالكِ. ثماني جثث متفحمة لفلذات أكبادها، بينما كان زوجها في العناية المركزة، وابنها الوحيد الباقي، آدم، جريحًا. انهارت. كيف لها أن تصدق أن هؤلاء الأطفال، الذين كانت تحتضنهم قبل ساعات، صاروا أشلاءً سوداء؟ كيف لها أن تواصل عملها وهي ترى كل يوم أطفالاً يشبهون أطفالها، لكن أطفالها لن يعودوا؟


أسماء حُفرت في الذاكرة

لم يعد هؤلاء الأطفال مجرد أرقام في حصيلة القتلى. كان لكل منهم اسم، وحلم، وضحكة ستغيب للأبد:

  • يحيى (12 عاماً).. كان يحلم أن يصبح طبيباً مثل والديه.
  • ركان ورسلان (توأم، 8 أعوام).. كانا يلعبان كرة القدم كل مساء.
  • إيف وريفان (5 و6 أعوام).. كانتا تتعلمان الرسم.
  • سيدين ولقمان وسيدرا (أصغرهم كان رضيعاً).. لم يعرفوا شيئاً عن الحرب إلا الموت.

لماذا آلاء؟ لأنها طبيبة.. لأنها أم.. لأنها فلسطينية

هذه ليست قصة آلاء وحدها. إنها قصة غزة كلها. قصة أطباء يُستهدفون، وأطفال يُقتلون، وأمهات يُجبرن على رؤية أولادهن يُدفنون تحت الأنقاض. آلاء كانت تعالج أطفالاً جرحى في المستشفى، بينما أطفالها يُقتلون في بيتها. هذه ليست حرباً على “الإرهاب”، بل إبادة جماعية تُنفذ بعيون العالم.


الرسالة التي يجب أن تصل

اليوم، آلاء ما زالت في المستشفى. ما زالت تمسك بيد طفل جريح، بينما يدها الأخرى تلمس صور أطفالها على هاتفها. تقول: أعمل لأنقذ من أستطيع.. لكن من أنقذ أطفالي؟. هذه القصة ليست للبكاء فقط، بل للغضب. لغضب كل إنسان يؤمن بأن الحياة يجب أن تكون أغلى من السياسة. لغضب كل أم تعرف أن طفلاً ميتاً تحت الركام هو جريمة لا تُغتفر.

شارك

مقالات ذات صلة