سياسة
منذ تأسيس الجمهورية السورية الحديثة، بقيت الهوية الوطنية السورية مشروعًا غير مكتمل، يتنازعه التعدد الإثني والطائفي من جهة، وتطلعات الدولة إلى بناء هوية جامعة من جهة أخرى. ولم يكن هذا التعدد بذاته أزمة، بل تحوّل إلى مأزق حين وُوجه بسياسات مركزية قامت على الإقصاء والتهميش والاحتكار الرمزي للهوية. هذه السياسات، التي تكثّفت منذ استيلاء حزب البعث على السلطة عام 1963، قامت على محاولة هندسة الهوية السورية ضمن إطار قومي-عروبي، يُقصي الهوية الوطنية السورية، ويحوّل الانتماء الديني إلى مسألة أمنية.
فمع مجيء حافظ الأسد إلى الحكم عام 1970، بدأت مرحلة من إعادة تشكيل الدولة تُركّز على الولاء للمركز المتمثل بالرئيس والنظام، عبر سياسات توزيع القوة والامتيازات داخل الجيش والأمن والمؤسسات الحكومية، بما أعاد تعريف الهوية الوطنية لا على أسس مدنية أو قومية فحسب، بل على قاعدة الولاء الأمني والطائفي.
اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011 كان تعبيرًا عن فشل هذا المشروع. لكن مع بدء نظام بشار الأسد بقمع القوى الثورية المتنوعة طائفياً واثنياً، بدأت البُنى القمعية التي كانت تضبط التعدد السوري بالتآكل، فعادت الهويات الثانوية إلى الواجهة، لا بوصفها نقيضا للثورة، بل كنتاج لتاريخ طويل من الإقصاء الرسمي وانعدام فضاء سياسي تعددي. هذا التصدع لم يكن نتيجة الثورة، بل تعبيرًا عن خلل بنيوي في صياغة الدولة الوطنية، انفجر مع انحسار الدولة الأمنية. وما فاقم الأزمة هو التدخل الخارجي واسع النطاق.
حين استولى حزب البعث العربي الاشتراكي على السلطة عام 1963 إثر انقلاب عسكري، كان المشروع الأيديولوجي للحزب يقوم على مفهوم شمولي للهوية تحت شعار “أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة”. لم تكن هذه الرؤية مجرد شعار، بل سياسة ممنهجة هدفت إلى طمس الفوارق الإثنية والدينية لصالح هوية قومية عربية جامعة. وقد مثّلت هذه الصيغة محاولة لإلغاء التعدد لا احتوائه، وهو ما ولّد مقاومة صامتة في أوساط المكونات والطوائف المتعددة السورية.
تمثلت أولى تجليات هذه السياسة في إصدار المرسوم رقم 93 لعام 1962، الذي جُرّد بموجبه أكثر من 120 ألف كردي من الجنسية السورية، ما حوّلهم إلى “مكتومي القيد”، بلا حقوق مدنية أو سياسية. هذا الإجراء الذي سبق استلام البعث للسلطة رسميًا، ثُبّت لاحقًا كأساس للتعامل مع القضية الكردية، في تجاهل تام للهوية الثقافية واللغوية لهذا المكون.
ومع تسلّم حافظ الأسد السلطة في عام 1970، دخلت الدولة السورية في مرحلة جديدة من المركزية المطلقة، حيث باتت الأجهزة الأمنية والمخابراتية أداة أساسية لإدارة التعدد. استفاد جزء بسيط من الطائفة العلوية، التي ينتمي إليها الأسد من هذا الوضع، إذ تركز وجودها في المناصب العليا للجيش وأجهزة الأمن، دون أن يُترجم ذلك إلى تمكين اجتماعي أو ثقافي للطائفة، بل بقي مشروطا بالولاء للنظام مع تهميش للطبقة الدنيا من الطائفة.
تحت هذه السيطرة، قُمع كل تعبير مستقل عن الهوية الإثنية أو الطائفية، من الأحزاب الكردية، إلى النشاط الديني والسياسي السني، وصولًا إلى القوى الماركسية المعارضة. أما الهوية الوطنية التي روّج لها الإعلام الرسمي، فقد اختُزلت في الولاء للرئيس والحزب، بينما كان التنوع الحقيقي يُعامل كخطر كامن.
في المقابل، سادت حالة من الخضوع المزدوج، فالمكونات الطائفية كانت تُخفي هوياتها ضمن المجال العام خشية القمع، لكنها كانت تُمارسها ضمن الحيز الخاص بوصفها أداة للبقاء والتمييز الاجتماعي. هذه الازدواجية خلقت بنية هوياتية مُركّبة ظاهرها قومي عربي موحد، وباطنها فسيفساء متوترة من الهويات المكتومة والمراقَبة.
مع الوقت، تحوّل هذا التعايش القسري إلى قنبلة موقوتة. فكلما ضعفت قبضة الدولة، كما حدث بعد 2011، عادت هذه الهويات إلى السطح، لا بصفتها مكونات ثقافية متكاملة، بل كأدوات سياسية للدفاع، بل وأحيانًا للهجوم، ضمن حرب وجودية بين المكونات.
مع انحسار الدولة المركزية السورية بعد عام 2011، لم يكن الفراغ الناتج سياسيًا فقط، بل كان فراغًا هوياتيًا بامتياز. فالتراكمات التاريخية من الإقصاء والتمييز التي مارسها نظام الأسد الأب والابن، وجدت لحظتها للتعبير، لا كحركات ثقافية سلمية، بل كهويات مسلّحة تُطالب بالاعتراف والتمكين.
هذا التحول لا يمكن تحميل مسؤوليته للثورة السورية، بل للنظام الذي رفض الاعتراف بالتنوع كمصدر قوة، وبدلاً من ذلك وظّف الهويات ضد بعضها البعض ضمن سياسة “فرّق تسد”. فعندما انهارت قبضة الدولة، لم تظهر الهويات لأن الثورة أفرزتها، بل لأنها كانت مكبوتة تحت نظام لم يسمح لها بالوجود في الحيّز العام.
الهويات الطائفية، وعلى رأسها الهوية العلوية، دخلت في حالة من التعبئة الدفاعية، نتيجة لتصوير النظام الصراع بوصفه تهديدًا وجوديًا. رُبط مصير الطائفة ببقاء النظام، مما خلق تماهيًا قسريًا، حتى لدى من لا يؤيدون سياساته. أما المجتمع السني المهمش، فقُمع بطريقة منهجية وتصويره من قبل نظام الأسد على أنه خطر ضد الأقليات.
على الجانب الآخر، استغلت المكونات الكردية لحظة الانهيار الأمني لتفعيل مشروعها القومي. فتأسست الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا، مستلهمة نموذج الحكم الذاتي، في ظل فراغ تركه انسحاب النظام من تلك المناطق. وقد أوجد هذا التحول بنية سياسية مغايرة لبقية سوريا، عززت من ترسيخ الهوية الكردية بوصفها كيانًا سياسيًا، لا فقط ثقافيًا والمفارقة أن هذه الإدارة أُسّست في مناطق ذات أغلبية عربية عشائرية تؤمن بشكل قاطع بالانتماء للدولة السورية المركزية في دمشق.
الدروز، بدورهم، اتخذوا موقفًا مزدوجًا: رفض الانخراط في الحرب، مع الحفاظ على نوع من الاكتفاء الذاتي الدفاعي، خاصة في السويداء، حيث نشأت تنظيمات محلية مسلحة خارج هيمنة النظام والمعارضة على حد سواء.
هكذا، تحولت سوريا من دولة بقبضة أمنية قوية على مجتمع متعدد، إلى ساحة تتنازعها هويات سياسية إثنية وطائفية، تتعامل مع بعضها البعض ككيانات مستقلة، لا كمكونات لمشروع وطني جامع.
هذا الانقسام، وإن بدا عفويًا، إلا أنه يحمل جذورًا سياسية عميقة. وما زاد من حدّته بعد سقوط الأسد وتشكل الحكومة الجديدة بقيادة أحمد الشرع هو تدخل العامل الخارجي، سواء عبر دعم دولي لمشاريع سياسية إثنية، أو من خلال التدخلات العسكرية التي أعادت رسم الجغرافيا السياسية للبلاد.
منذ بدايات التدخل الإسرائيلي في الشأن السوري بعد عام 2011، اتّسمت الاستراتيجية الإسرائيلية بالتدرج في المساحة السورية فقد اقتصرت ضرباتها النوعية على قوافل سلاح، دون أدنى محاولة لإسقاط الأسد. لكن مع تفكك الدولة المركزية، ولاحقًا سقوط بشار الأسد، تحولت هذه الضربات إلى سياسة ممنهجة تهدف إلى منع تشكّل مركز سيادي بديل قادر على استعادة وظيفة الدولة ودمج المكونات الثقافية والطائفية تحت إطار موحد هو المركز.
إن هذه السياسة ليست ردعية بحتة، كما يدعي الخطاب الإسرائيلي، بل هي عملية إعادة تشكيل للجغرافيا السيادية السورية، بحيث تُبقى البلاد في حالة من الهشاشة الاستراتيجية الدائمة. تستند إسرائيل في ذلك إلى مبدأ استباقي هو أن كل قوة تتجه نحو ترميم وظيفة الدولة المركزية، تُعتبر تهديدًا محتملاً طويل الأمد.
ولذلك لا تفرّق الغارات الإسرائيلية بين موقع يتبع للجيش السوري الجديد، أو فصائل لا طابع مذهبي لها. فالخطر، وفق منظور تل أبيب، ليس فقط في السلاح، بل في إمكانية عودة قوة المركز. وعليه، فإن الهشاشة السياسية السورية تُعامل كهدف استراتيجي بذاته، وليست نتيجة مؤسفة للحرب.
استثمار خطاب “حماية الأقليات” لتبرير الضربات وتفكيك الهوية الوطنية
من أبرز المداخل الخطابية التي تعتمدها إسرائيل لتبرير ضرباتها داخل سوريا، خصوصا بعد سقوط بشار الأسد، هو ادعاء حماية الأقليات خاصة الطائفة الدرزية. هذا الخطاب، الذي يبدو للوهلة الأولى إنسانيا، يخفي وراءه منطقا استراتيجيا مغايرا، تحويل الطوائف السورية إلى كيانات ما دون وطنية يُراد لها أن تتعامل مع إسرائيل كفاعل خارجي حامٍ، لا كدولة محتلة في الإقليم وفي سوريا ذاتها.
إن انهيار نظام البعث بفعل الثورة السورية، أتاح فرصة لإعادة تعريف علاقة المكونات الداخلية بسوريا كوطن. ولذا، فإن إعادة إنتاج الخطاب الطائفي بوصفه أداة حماية وليس تهديدا، يسمح لإسرائيل بتقويض أي محاولة لإعادة بناء مشروع وطني متجاوز للهويات الفرعية.
الخطاب الإسرائيلي إذًا لا يهدف لحماية الدروز ولا الأكراد ولا غيرهم، بل يستخدم هذه المكونات كأدوات سياسية لشرعنة الضربات وخلق تصدعات إضافية داخل النسيج السوري. فتقديم إسرائيل كـ”ضامن لأمن الأقليات” لا يقتصر على التبرير الإعلامي، بل يحمل بُعدًا نفسيا واستراتيجيا وهو دفع الطوائف إلى النظر لإسرائيل كحليف اضطراري مما يرسخ منطق اللادولة.
في هذا السياق، لا يُفهم التدخل الإسرائيلي فقط بوصفه عملاً عسكريًا، بل تدخلاً مفاهيميًا يُعيد تعريف معاني الانتماء والولاء والانقسام. فحماية الدروز مثلاً، لم تعد مسؤولية الدولة السورية، بل باتت تُقدّم كخدمة أمنية من دولة أجنبية، ما يُؤسس لتحول خطير في بنية الوعي السياسي الجمعي السوري ككل.
منذ عقود، تبنت العقيدة الأمنية الإسرائيلية مبدأ “الفوضى الآمنة” في تعاملها مع محيطها العربي، خاصة في سوريا ولبنان. ويقوم هذا المبدأ على فرضية أن تفكك الدول المجاورة إلى كيانات ضعيفة، متنازعة، وهشة، هو ضمانة أمن أطول مدى من وجود دولة موحّدة وقوية حتى لو كانت مستقرة. وبعد انهيار النظام السوري المركزي وسقوط بشار الأسد، بات هذا النموذج يُطبق بأعلى الدرجات في سوريا.
لا تسعى إسرائيل إلى الترحيب ببديل مستقر للنظام السابق، بل إلى إطالة أمد الفوضى على نحو لا يسمح بعودة أي بنية سيادية جامعة. وفي هذا السياق، تصبح الضربات المتكررة، واستثمار الانقسامات الطائفية، وتعطيل أي مشروع سياسي جامع، كلها أدوات ممنهجة لخلق وضع دائم من اللايقين. إنه أمن ناتج عن انعدام التوازن الإقليمي، لا عن تحققه.
لكن هذا “الأمن” الإسرائيلي المختزل بهذه الطريقة له ثمن فادح يُدفع من الجغرافيا السورية وشعبها:
إن استمرار هذا الوضع لا يهدد فقط وحدة سوريا، بل يؤسس لنموذج شرق أوسطي تقوم فيه الدولة على ولاءات إثنية وطائفية محمية من الخارج، بدلًا من السيادة المتساوية من الداخل. هذا النموذج، تُصبح فيه إسرائيل ليس فقط خصما جغرافيا، بل مهندسا لجيوسياسية تؤبد الانقسام السوري وتحوّله إلى بنية مستدامة.
وبينما تفترض إسرائيل أن تفكيك سوريا وضرب أي مشروع سياسي جامع يخدم أمنها على المدى البعيد، فإن هذه المقاربة تتجاهل سلسلة من المخاطر البنيوية التي تهدد أمنها الذاتي، أبرزها:
بتفكيك الدولة السورية، لا تُنتج إسرائيل فراغًا سياسيًا فحسب، بل بيئة خصبة لتشكل قوى لا مركزية وغير منضبطة ترفضها حكومة الشرع الجديدة: جماعات سلفية، قوميات متطرفة، فصائل ما بعد قومية، وأمراء حرب. هذه القوى قد لا تُبقي على قواعد الاشتباك التقليدية، وتُربك حسابات الردع الإسرائيلية.
من خلال تقديم نفسها كـ”حامية للأقليات”، تُورّط إسرائيل نفسها تدريجيًا في علاقات سياسية وهوياتية عابرة للحدود. هذا الانخراط قد يُخلق تبعات داخلية في إسرائيل نفسها، خصوصا في ظل التوترات المتزايدة بين مكوناتها اليهودية والعربية، وقد يؤدي إلى تداخل الصراعات الخارجية مع النسيج الداخلي الإسرائيلي.
وإجمالًا، فإن استثمار هشاشة سوريا بوصفه مشروعًا أمنيًا لإسرائيل، قد يؤدي إلى انفلات أمني لا تملك إسرائيل آليات مستدامة لضبطه. فالهوية السورية حين تتحلل، لا تترك فراغًا محايدًا، بل تولّد قوى غير قابلة للاحتواء. وهكذا، قد تتحوّل استراتيجية الفوضى الآمنة إلى ديناميكية تهدد العمق الإسرائيلي ذاته، سياسيًا وأمنيًا ومجتمعيًا.
لن نحاول طرح سيناريوهات مستقبلية لمستقبل الهوية السورية، بل سنقتصر على الخيار الأكثر أمنا للدولة السورية الحديثة الآخذة في التشكل. يقوم هذا السيناريو على قطيعة معرفية وسياسية مع النماذج الفاشلة التي حكمت سوريا منذ الاستقلال وهو نموذج الدولة الأمنية التي احتكرت التمثيل الوطني باسم “الوحدة”، ونموذج المكونات الطائفية والإثنية المتنافسة على السلطة في غياب مركز سيادي عادل. يتطلب هذا المسار بناء هوية وطنية مدنية جديدة، لا تُبنى على نفي الهويات الفرعية، ولا على احتوائها القسري، بل على الاعتراف بها داخل إطار مواطنة متساوية.
ما تحتاجه سوريا هو ليس دستورًا فوقيًا، بل عقدًا اجتماعيًا تشاركيًا يُعيد تعريف “السوري” ليس كمفهوم إداري، بل كهوية حية نابعة من الإرادة الجماعية للمواطنين، أياً كانت خلفياتهم الدينية أو القومية. هذا يعني، الاعتراف المتبادل بين المكونات باعتبارها شركاء مؤسسين في الدولة، لا مجرد مكونات مرؤوسة ضمن مشروع قومي أو أيديولوجي. والانتقال من نظام التمثيل على أساس السيطرة إلى نظام تعاقدي توافقي يضمن توازن المصالح والحقوق ضمن الدولة الواحدة. وإنهاء مبدأ الولاء مقابل الحماية، واستبداله بمبدأ الحقوق مقابل المواطنة.
جيش وطني خارج الانتماء الطائفي: وإعادة بناء المؤسسات الأمنية
من أهم معضلات الهوية السورية أن الدولة الأمنية كانت تحمل طابعًا طائفيًا، فيما بقي الجيش أداة لإخضاع الداخل بدل حماية الخارج. يجب أن تُفكّك البنية الطائفية للمؤسسة العسكرية والأمنية وإعادة بنائها على أسس وطنية وتمثيلية. ويجب وضع العقيدة الأمنية في خدمة المواطن، لا النظام، عبر رقابة مدنية دستورية على الأجهزة السيادية. ويجب كذلك وضع استراتيجية وطنية لحصر السلاح بيد الدولة الشرعية فقط، بعد عملية نزع وتسريح وتأهيل للفصائل.
سوريا لن تتعافى إلا إذا واجهت ماضيها. فالطوائف والقوميات لن تتصالح في ظل ذاكرة جماعية مشحونة بالدم والقهر. لذا يتطلب ذلك، عدالة انتقالية شفافة تُقر بضحايا جميع الأطراف، دون انتقائية. آليات تعويض ضرر مجتمعي تعترف بالظلم البنيوي، لا فقط بالانتهاكات الفردية وبناء خطاب عام وطني يتجاوز الثأر نحو الاعتراف والمسؤولية والمحاسبة.
يظل هذا السيناريو الوحيد القادر على إنتاج سوريا لا تُكرر مآسيها. دولة لا تنكر طوائفها وقومياتها، بل تحتويها ضمن فضاء سيادي عادل، تشكله الإرادة الجمعية لا المراسيم السلطوية، ويعبر فيه الجميع من الطائفة إلى الوطن، ومن محاولات النجاة إلى الشراكة في بناء الدولة الحديثة.