مجتمع

هل الدروز ضحايا التهميش أم أدوات بيد العدو؟

مايو 3, 2025

هل الدروز ضحايا التهميش أم أدوات بيد العدو؟

في زحام الأحداث المعقدة في عالم السياسة الغامض، وعلى أطراف الدول التي نزفت كثيرًا ولم تُضمد، تولد الأقليات من رحم التجربة الحساسة، فالأقليات ليست مجرد أرقام هامشية في تعداد السكان، بل قد تكون في لحظة حرجة، وتحت مجهر القوى العظمى “الشريرة”، أدوات، وأوراق، وجسور، بل ومطارق تُدك بها السيادات الوطنية القومية حين تهتز، وتُخترق بها الدول من داخلها لا من أطرافها.



وإذا كان مفهوم “الأقلية” في قاموس الحقوق يعني الحماية والاعتراف والدمج، فإن هذا المعنى يتآكل أمام شهوة التوسع والنفوذ في قاموس الدول الكبرى وأصحاب المؤامرات الشريرة، خاصة حين تكون هذه الأقليات على تماس واحتكاك مع صراعات الهوية المعقدة، أو على خطوط تماس جغرافي ساخن.



ومن أخطر أنماط توظيف الأقليات، ذلك الذي تقوم به إسرائيل منذ عقود، لا بوصفها فقط دولة احتلال، بل قوة عظمى إقليمية مدعومة من قوى دولية “شريرة”، أتقنت لعبة تفتيت المجتمعات المحيطة بها من الداخل، عبر إثارة التناقضات الطائفية، وتغذية القابلية للانقسام، وشراء الولاءات في لحظات الضعف.



ففي سوريا الحالية.. سوريا ما بعد انتصار الثورة، لم تكتفِ إسرائيل بالمراقبة من خلف الجدران، بل امتدت بأذرعها نحو الأقلية الدرزية والزعامات الدرزية، تُداعب بخبثها الهويات، وتُلمّح بسطوتها بالحماية، وتُشيع رسائل عن الكيان السني السوري مفادها: أن النظام الحالي السوري المتوحش قد لا يحميكم، وأننا لكم حضن بديل إن لزم الأمر.



هنا لا نتحدث عن روايات إعلامية أو تهويلات شعبوية، بل عن وقائع ميدانية، تؤكد أن إسرائيل تواصلت مع زعامات درزية في الجنوب السوري، مستثمرة لحظة “فوضى ما بعد الثورة”، ولحظة ضعف البدايات في صناعة الدولة السورية الجديدة، ومراهنة على شعور الأقلية بالخوف من مستقبل غامض تحت ظل قيادة تُتهم بمرجعيتها الجهادية الإسلامية . وهكذا مع الأسف تتحول الأقلية، من مكوّن وطني داخل الدولة نرغب في اندماجه، إلى ورقة تفاوض للعدو أو تهديد على طاولة الخارج.



في هذا السياق، يُطرح هذا السؤال: هل الأقليات مثل (الدروز والعلويين) ضحايا التهميش أم أدوات بيد العدو؟ الإجابة الحقيقية ليست في الاتهام، بل في الفهم العميق لأحوال الأقليات، فالأقلية حين تُقصى، وتُهمّش، وتُخوَّن دون دمج، تتحوّل إلى جسد يبحث عن ظل. وإذا لم توفره دولتها، ستبحث عنه في أي مكان، حتى إن كان عند عدو، ونحن نرى ما تفعله الإدارة الحالية في سوريا من أول يوم لها لوصولها إلى السلطة وهي لا تفتأ تحاول الوصول إلى قلوب جميع الطوائف السورية والأقليات من أجل احتوائها، وجعلها تحت لواء الدولة المدنية الجديدة، وهذا مشاهَدٌ لكل صاحب بصيرة لا يسلم عقله وعيناه إلى عدو الأمة أجمع.



وعودا إلى إسرائيل فهي لا تمثل إلا نموذجاً صارخاً لتلك القوى الشريرة التي تعرف كيف تتسلل من بين الشقوق، وتسعى إلى تأجيج الهواجس، فتحوّل المسألة من حماية جماعة، إلى زعزعة وطن، ومن خطاب إنساني إلى تكتيك استراتيجي لضرب وحدة الدولة السورية من خاصرتها.



فيا أيها الدروز الأكارم.. إن إسرائيل لا تريد دروز سوريا فقط، بل تريد أن تزيد دولتكم تفتيتًا، وتهميشًا، وتقسيمًا حتى لا يبقى وطن، بل فسيفساء رخوة تسهل السيطرة عليها، فأنتم جزء من الأرض العربية السورية التي حملتكم، فلا تجعلوا الخوف يُغريكم بالوقوف في المكان الخطأ من المعركة.



فاحذروا أيها الأقليات في كل بلاد العرب والمسلمين أن تُستَخدموا كأدوات في يد العدو، وكونوا دوماً أحرارًا في وطن عربي حر .. لا يُساوم .

شارك

مقالات ذات صلة